يستعد عشرات آلاف اللاجئين الفلسطينيين غداً الجمعة لإجراء أول «بروفة» لتطبيق حق العودة إلى أراضيهم التي هجرتهم منها العصابات الصهيونية علم 1948 من خلال التوجه في مسيرات إلى الحدود الإسرائيلية. وذلك تمهيداً لخوض «المباراة النهائية» منتصف أيار (مايو) المقبل الذي يصادف الذكرى 70 للنكبة. ونظراً إلى كونها المرة الأولى التي سيُقدم فيها الفلسطينيون على «خطوة استراتيجية» من هذا القبيل، فقد لا يعمد عشرات آلاف إلى «قص» السياج الفاصل بين القطاع والمستوطنات والأسلحة الإسرائيلية واجتيازه، بل «التخييم» على بعد مئات الأمتار من معظم قراهم وبلداتهم غير المأهولة، إلا من أشجار و «أطلال» منازلهم. ويحرص الفلسطينيون ومن خلفهم الهيئة الوطنية العليا لمسيرة العودة الكبرى، المشكلة من شخصيات سياسية وأكاديمية وإعلامية، على أمرين، الأول أن تكون الخيام على بُعد 700 متر في الأقل من السياج الفاصل، والثاني أن تكون المسيرة والحشود سلمية تماماً. ويهدف المنظمون إلى «جر» إسرائيل إلى مربع التظاهر السلمي الذي لا تجيد اللعب فيه، إذ تفضل الدولة العبرية وتجيد التعامل مع الخلايا المسلحة أو ما تسميه «أعمال العنف والشعب»، وتحاول أن تظهر بمظهر الضحية. لكن الفلسطينيين ضحايا «إرهاب» الدولة العبرية المنظم، مصممون على «لعب دور الضحية» بجدارة أمام تعنت الاحتلال ورفضها عودتهم ومنحهم حق تقرير المصير. ويخشى كثر من الفلسطينيين على أن «تفلت» الأمور من بين أيدي المنظمين، وينطلق شبان متحمسون مجازفون، لاجتياز السياج الحدودي ما سيسهل على قوات الاحتلال التي عززت وجودها وآلياتها وقدراتها العسكرية خلفه، من قتل مئات أو الآلاف منهم. لذلك، عمدت الفصائل، خصوصاً حركة «حماس»، إلى إغلاق المناطق التي سيتم «نصب» الخيام فيها ومنع الدخول إليها. كما نشرت رجال سريين بزي مدني لمراقبة «العملاء والمخربين» أو حتى الشبان المتهورين. إسرائيل تستعد بمئة قناص تواترت تهديدات إسرائيل، بمستوييها السياسي والعسكري، لفلسطينيي غزة بأنها ستلجأ إلى «كل الوسائل المتاحة» لمنع تسللهم خلال «مسيرة العودة» التي تنطلق نحو السياج الحدودي، غداً الجمعة في ذكرى «يوم الأرض»، وسط انتقادات ل «كتيبة غزة» على عجزها عن وضع حد لما أصبح «ظاهرة تسلل فلسطينيين» عبر السياج إلى داخل الأراضي الإسرائيلية، فيما ردت أوساط عسكرية بأنها تخشى أن يؤدي «تعاطٍ غير صحيح» مع المتظاهرين غداً إلى اشتعال الضفة الغربية، ليضيف رئيس هيئة أركان الجيش الجنرال غادي أيزنكوت أن احتمالات نشوب حرب مع الفلسطينيين خلال العام المتبقي لولايته «أقوى بكثير مما كانت عليه في السنوات الثلاث الماضية.. لكنني أبذل جهوداً كبيرة لتفادي ذلك». وقال أيزنكوت: «نشرنا أكثر من مئة قنّاص، وإذا ما تعرض الجنود للخطر فإن التعليمات تقضي بإطلاق الرصاص الحي... أي بتفعيل القوة. وكان وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان قال مساء أمس، إن «إسرائيل ستقوم بكل شيء متاح ليمر العيد (الفصح العبري) بهدوء وأمن وفرحة، محذراً الفلسطينيين من ارتكاب حماقات والانجرار وراء مختلف الاستفزازات». وهدد وزير الأمن الداخلي غلعاد إردان باللجوء إلى أنظمة الطوارئ (من أيام الانتداب البريطاني) لتمكين الجيش والشرطة من تنفيذ اعتقالات جماعية. من جانبه يستعد جيش الاحتلال لمواجهة المسيرة بقوات كبيرة، بالإضافة إلى كتيبة غولاني المتواجدة على الحدود في شكل دائم، ووحدات من حرس الحدود والشرطة والقناصة. وقام الجيش ببث أشرطة فيديو بالعربية موجعة لسكان القطاع، وسيوزع عليهم غداً منشورات بالعربية يحذرهم من «نتائج انجرارهم وراء تحريض حماس، وتعريض حياتهم للخطر». ويأخذ الجيش في حساباته سيناريوات تعرض أفراده على السياج الحدودي لرصاص من داخل المتظاهرين، أو قصف بلدات جنوب إسرائيل، أو تنفيذ عملية تفجيرية كبيرة في إسرائيل. كما يأخذ بجدية احتمال محاولة آلاف الفلسطينيين اقتحام الجدار. مع ذلك، قالت أوساط عسكرية إنه يجب التعاطي بحذر مع المسيرة بداعي أن أي صدام دموي يودي بحياة فلسطينيين قد يجر الضفة الغربية كلها إلى انتفاضة.