اعترف محللون وخبراء تخطيط وتدريب دوليون أن المسؤولية الاجتماعية لم تتحقق داخل السعودية إلا بنسب محدودة، مؤكدين أن قصر برامج المسؤولية المجتمعية على فئات محددة، وتشتت الجهود والموارد، فضلاً عن عدم إشراك القطاع الخيري في تلك البرامج وممارستها الفعلية أثرت كثيراً في ظهور نتائج إيجابية ومقنعة على المدى القصير في عملية التنمية المستدامة. وشدد مستشار المؤسسات الخيرية والتطوعية الدكتور طارق المشهراوي خلال مشاركته في الملتقى الرسمي لقيادات العمل التطوعي ومديري المسؤولية المجتمعية في الشركات المنعقد حالياً في جدة، أن المسؤولية الاجتماعية لم تبرز داخل المؤسسات العربية إلا بنسب ضئيلة جداً، وقال ل «الحياة»: «إن المسؤولية المجتمعية لم تتحقق داخل مؤسساتنا ولا خارجها ولا لدى أفرادنا إلا بنسب محدودة»، مشيراً إلى أن العمل التطوعي لا يزال قاصراً عن أداء دوره كما يجب. وأوضح أن العمل التطوعي في المنطقة ليس كما هو في الغرب، إذ إن الغربيين يعتبرون العمل التطوعي إلزاماً على كل فرد، «لكن في دولنا العربية ما زال كثير من الناس لا يمارسون العمل التطوعي كما يجب، على رغم أن لدينا طاقات بشرية لم تستثمر ولم توجه»، لافتاً إلى الحاجة الماسة إلى تضافر الجهود للوصول إلى رقم مقبول في المسؤولية الاجتماعية. وأوضح أن التربية تعد العامل الرئيس في التوعية بهذه المسؤولية، مؤكداً أهمية أن يكون الفرد مسؤولاً عن تطبيق المسؤولية الاجتماعية التي يحث عليها الدين الإسلامي، إضافة إلى ضرورة منهجة العمل التطوعي في المدارس وفي الأسرة وتربية الأبناء على المشاركة في المجتمع. من جانبه، أكد خبير التخطيط والتنمية الدولي الدكتور عمر حلبي وجود فجوة في العمل التطوعي، أبرز ملامحها اقتصار الجهود والبرامج على فئات محددة من المجتمع، وعدم تضافر الجهود في مواجهة القضايا التنموية، إضافةً إلى تشتت الجهود والموارد، وازدواجية العمل بين برامج المسؤولية المجتمعية، مشيراً إلى أن ضعف الممارسة الفعلية التي تتعارض مع المعايير والالتزامات الأخلاقية، وعدم إشراك القطاع الخيري كشريك في المسؤولية المجتمعية تعد أيضاً من أبرز معالم تلك الفجوة. وشدد حلبي خلال ورشة عمل نظمت على هامش الملتقى على أن الفصل بين العمل الخيري والمسؤولية المجتمعية ناتج من الفهم الخاطئ للعمل الخيري بمفهومنا الحضاري له، موضحاً أن الفصل بينهما نتج من تلقي أدبيات مفاهيم المسؤولية المجتمعية من خلال المنظور الغربي الذي يفرق بين مفهوم الجمعيات الخيرية وبين منظمات المجتمع المدني المعنية بقضايا تحقيق الاستدامة. وكانت فعاليات الملتقى شهدت أمس (الثلثاء) جلسات عدة كان من أهمها النظرة العامة لمفهوم المسؤولية المجتمعية، كما شهدت ورشة عمل بعنوان «استدامة سلسلة الإمداد» وسط حضور أكثر من 150 قيادياً وقيادية في القطاعين التطوعي والخاص. ويواصل الملتقى جلساته، إذ يشهد اليوم (الأربعاء) استعراض تجربة شركة آرامكس، وعرض دراسة حول المسؤولية المجتمعية للمؤسسات والصورة الذهنية وإدارة السمعة، وورشة عمل حول دور الإعلام في المسؤولية المجتمعية يقدمها المدرب في مجال العمل الإداري والتطوير المؤسسي صالح بن سليم الحموري، إضافة إلى ندوة بعنوان «المسؤولية المجتمعية.. أخلاقيات وقيم» يقدمها ممدوح أبوالعينين.