يسعى زعماء روسياوإيرانوتركيا، في قمة أنقرة اليوم، إلى التوصل إلى توافقات جديدة حول مستقبل سورية، في غياب النظام والمعارضة، في وقت أعلن الرئيس دونالد ترامب مجدداً أنه يريد القوات الأميركية خارج سورية، ووعد باتخاذ قرار «في وقت سريع جداً». جاء ذلك وسط أنباء عن انتشار عسكري كثيف للقوات الأميركية في مدينة منبج في الشمال السوري، وإنشاء نقطتين عسكريتين في منطقة الدادات قرب خطوط التماس مع الفصائل المدعومة من تركيا، ما قد يعطل مخططاتها لتوسيع عملية «غصن الزيتون» إلى منبج بهدف طرد «قوات سورية الديموقراطية» (قسد). وتُعقد قمة أنقرة بعد نحو 5 أشهر من القمة الأولى في سوتشي جنوبروسيا، ويبحث الرؤساء الروسي فلاديمير بوتين، والإيراني حسن روحاني، ومضيفهم التركي رجب طيب أردوغان في مستقبل التسوية السياسية في سورية، ومناطق خفض التصعيد في ضوء التطورات الميدانية الأخيرة، وأهمها سيطرة النظام على الغوطة الشرقية، وتركيا على عفرين، وتراجع خطر تنظيم «داعش» إلى أدنى مستوياته. وتتجه أنظار المؤتمرين إلى قرارات مجلس الأمن القومي الأميركي الذي اجتمع عشية القمة. ووفق مصادر مقربة من الخارجية الروسية، فإن «قرار بقاء القوات الأميركية في سورية أو انسحابها، يبعث إشارات مباشرة إلى الدول الثلاث حول طبيعة المواقف اللاحقة لأميركا بوصفها لاعباً يسيطر على أكثر من 25 في المئة من مساحة سورية الأغنى بالمياه والنفط والمحاصيل الزراعية». وفي مؤتمر صحافي مع بوتين أمس، أوضح أردوغان أن القمة الثلاثية «ستتناول في شكل مختلف مجريات محادثات آستانة... سنبحث غداً (الأربعاء) في سبل التوصل إلى حل سلمي للأزمة السورية. وسنتبادل الأفكار مع الجانب الإيراني أيضاً في شأن الحل السياسي... أنشأنا مناطق خفض التصعيد، وحققنا تقدماً في سورية». وكشف أنه أبلغ بوتين شخصياً بعملية «غصن الزيتون» التي «تهدف إلى تعزيز أمننا مع الحفاظ على وحدة سورية وسيادتها». وشدد على أن «مستقبل سورية يهمنا ولا يمكن تركه بيد قوات سورية الديموقراطية (قسد) وداعش». في المقابل، تحدث الرئيس الروسي عن «أهداف للتقدم وضعناها مع تركيا، وتحضير اتفاقات جديدة»، موضحاً: «ناقشنا اجتماع سوتشي، وضرورة أن يكون هناك خفض للتصعيد... ونتعاون مع دول عدة للحفاظ على وحدة سورية والقضاء على الإرهاب فيها، وننطلق من ضرورة مشاركة الأطراف السورية كافة في تحديد مستقبل بلدهم وكل ما يخص حل الأزمة». وأكد أن الأكراد «جزء من سورية، ولهم الحق في المشاركة في تحديد مستقبلها». وأضاف: «ناقشنا قضايا عسكرية، وكانت النقاشات إيجابية»، مشيراً إلى أن بلاده ستسرع وتيرة تسليم تركيا طائرات من طراز «إس 400» إلى منظمة الدفاع الروسية المضادة. وزاد: «لا توجد مشكلات من شأنها إعاقة تطور العلاقات مع تركيا... روسيا تعتزم التعاون مع تركيا في شأن سورية من أجل الحفاظ على سيادتها والقضاء على بذور الإرهاب فيها». ميدانياً، أكدت الفصائل المسلحة في القلمون الشرقي أنها قررت التريث في الرد على الجانب الروسي الذي أمهلها ثلاثة أيام تنتهي اليوم، للاختيار بين تسليم السلاح الثقيل وتسوية الأوضاع وفق تجربة المصالحات السابقة، أو انسحاب المقاتلين، أو بدء حملة عسكرية، مشيرة إلى أنها لا ترغب في فتح معركة، لكنها ترفض التهجير، وتستطيع توجيه ضربات مؤلمة إن فرضت عليها المعركة. وقال مدير شبكة بردى الإعلامية المقربة من فصائل القلمون عمر الدمشقي، في اتصال أجرته معه «الحياة»: «سنتريث في الرد على المهلة». وكشف «تشكيل قيادة موحدة، واختيار قائد لجميع الفصائل ومكتب سياسي سيشرف على المفاوضات مع النظام والروس». وشدد على أن «المفاوضات يجب ألا تتطرق إلى التهجير وتسليم الأسلحة». وتكمن أهمية منطقة القلمون في أنها تشرف على طريقي دمشق- بغدادودمشق- حمص المهمين بالنسبة إلى إيرانوروسيا، إضافة إلى «تمركز الفرقة الثالثة دبابات، والفرقة 20 للقوات الجوية للنظام في المنطقة». وتقع المنطقة في محاذاة حقول الغاز في تدمر والقريتين المهمة بالنسبة إلى الجانب الروسي. ويبلغ عدد مقاتلي المعارضة نحو 5 آلاف مقاتل، يتوزعون على سبع فصائل أكبرها قوات أحمد العبدو، إضافة إلى «جيش الإسلام»، و «جيش تحرير الشام»، و «لواء شهداء القريتين» و «فيلق الرحمن»، و «حركة أحرار الشام»، و «جيش أسود الشرقية». وقال فارس المنجد مدير المكتب الإعلامي في قوات أحمد العبدو، إن «الفصائل السبع متفقة على أن الشروط الروسية تعجيزية ومفاجئة وغير مبررة». وأوضح ل «الحياة»: «لا يوجد أي حجة لدى الروس والنظام لمحاربتنا، فنحن حاربنا داعش، ومنعنا تمدده، ولا يوجد في مناطقنا أي وجود لجبهة النصرة»، معرباً عن أمله في «ألا تتكرر سياسة الأرض المحروقة كما في حلب والغوطة». وأكد: «في حال فرضت المعركة، فإن الفصائل يمكن أن توجه ضربات موجعة لمناطق حساسة للنظام». بموازاة ذلك، وصلت القافلة الأولى من نازحي مدينة دوما إلى جرابلس، بعد ساعات من التوتر عندما منع الجيش التركي مرورها إلى مناطق «درع الفرات»، قبل أن يسمح لها بالعبور.