كلما اقتربت الانتخابات المحلية في بريطانيا، المرتقبة بعد شهر، تصاعدت الحملة على زعيم المعارضة جيريمي كوربن، المُتهم باللاسامية داخل حزب «العمال» وخارجه. وأوردت صحيفة «ذي تايمز» اليمينية أن 17 ألف عضو استقالوا من الحزب الذي أنهكته التهمة وصرفت أنظار مسؤوليه عن التركيز على الانتخابات. ورفض زعماء الجالية اليهودية لقاء كوربن، على رغم اعتذاره، قبل أن يلبي شروطاً بينها تنظيم دورات «تربوية» تشرح مصطلح اللاسامية لأعضاء حزب «العمال»، بما يتلاءم مع رؤيتهم. وأعلن تاجر العقارات السير ديفيد غارارد، الذي تبرّع بنحو 1.5 مليون جنيه استرليني (2.1 مليون دولار) ل «العمال» منذ العام 2013، انسحابه اعتراضاً على الطريقة التي يدير بها كوربن الحزب. وقال: «شاهدت باستياء وقلق الطريقة التي أدارت بها القيادة الحزب خلال السنتين الماضيتين، إذ دعمت وتبنّت أكثر الأفعال المعادية للسامية فجاجة». وكتبت «ذي تايمز» أن حزب «العمال» خسر 17 ألف عضو، أي 3 في المئة من المتبرعين، منذ مطلع العام، مضيفة أن أكثر من 3 آلاف لم يجددوا اشتراكاتهم. وتابعت أن كوربن ألغى صفحته الرسمية على موقع «فايسبوك»، بعدما انتقد من خلالها إزالة جدارية من شرق لندن اعتُبرت معادية للسامية، رسمها الفنان مياه وان، وتصوّر متموّلين معقوفي الأنوف يجتمعون حول خريطة مُدِدت على ظهور فقراء لتقاسم ثروات العالم. ولم يقبل زعماء الجالية اليهودية اعتذار كوربن الذي برّر الأمر بأنه لم ينظر إلى الجدارية بتأنٍ، مشدداً على أن معارضته إزالتها كانت من منطلق تأييده حرية الرأي والتعبير. ورفض زعماء الجالية دعوة كوربن إلى لقائه، ووضعوا شروطاً لتلبية دعوته، بينها أن يتعامل شخصياً مع اللاسامية داخل حزبه، وتعيين مراقب محايد يشرف على التحقيق المتعلّق باللاسامية، وتنظيم برنامج تربوي يشرح هذا المفهوم لأعضاء الحزب. وكان كوربن استطاع استقطاب أكثر من 500 ألف عضو جديد إلى الحزب، خلال الانتخابات الماضية، معظمهم من الشباب وطلاب الجامعات. واستقالت كريستين شوكروفت، عضو اللجنة التنفيذية المسؤولة عن لجنة النزاعات في الحزب، احتجاجاً على تجميد طرد عضو مُتهم بإنكار المحرقة اليهودية. وحلّ مكانها الفنان الكوميدي إيدي إيزارد الذي دعا إلى «التخلص من وصمة معاداة السامية»، معترفاً بأن أقلية ضئيلة في الحزب معادية للسامية. وقال: «علينا إجراء تعديلات لإصلاح الضرر اللاحق بالمجتمع اليهودي كما تعهد كوربن» الذي كتب على صفحته الرسمية: «إدانة معاداة السامية سهلة حين تراها في دول أخرى أو في حركات سياسية أخرى، وصعب أن تراها حين تكون أقرب إلى الوطن. نحتاج إلى العمل في شكل أفضل. وأؤكد أن حزب العمال مكان آمن ومرحّب فيه باليهود». وكانت صحيفة «جويش نيوز» اليهودية أوردت أن اللجنة التنفيذية أحالت 300 عضو على التحقيق بتهمة معاداة السامية، منذ العام 2015، مشيرةً إلى أن نصفهم طُرد أو استقال من الحزب. ويُقدر عدد اليهود في بريطانيا ب 250-300 ألف شخص.