تنطلق في العاشرة والنصف صباح اليوم، أولى جلسات المجلس النيابي اللبناني لمناقشة البيان الوزاري لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي، تمهيداً لمنحها الثقة على اساس بيانها الوزاري، الذي تدور حوله معركة سياسية شرسة بين الموالاة والمعارضة، وذلك على خلفية بند المحكمة الدولية واحترام القرارات الدولية. واستُبقت المعركة النيابية امس بتراشق للردود، ما مثَّلَ عينة عن السخونة التي ستشهدها جلسات الثقة. وبلغ عدد طالبي الكلام في الجلسات، التي تقرَّرَ بشكل مبدئي ان تمتد لثلاثة ايام، ثلاثين نائباً حتى بعد ظهر امس، ويُتوقع ان يرتفع العدد اكثر. وفيما ذكرت معلومات اعلامية أن «نواب الموالاة تعمّدوا تأخير مواعيد كلماتهم، بهدف الرد على نواب المعارضة أو لاختصار الوقت في الجلسات والذهاب مباشرة الى التصويت على الثقة». ويتطلّب نصاب جلسة البرلمان حضور 65 نائباً، وهي تُستهل بتلاوة الرئيس ميقاتي البيان الوزاري، الذي اقره مجلس الوزراء بعد سجال طويل حول بند المحكمة. وكان البيان المذكور وُزع على النواب قبل 48 ساعة من عقد جلسات الثقة، وهي جلسات علنية، يحق خلالها لطالب الكلام الارتجالي التحدث لمدة ساعة، ونصفها لمن أَعَدَّ موقفَه مكتوباً. وعشية جلسات الثقة، تداعت الكتل النيابية التي تمثل الاكثرية الى اجتماعات لتحديد كيفية الرد على هجوم المعارضة على البيان الوزاري، في ضوء البيان الصادر عن قوى 14 آذار اول من امس. جدد نواب من كتلة «المستقبل» هجومهم على الحكومة، التي وصفوها بأنها «حكومة حزب الله»، كما ردّوا على الهجوم الذي شنه الرئيس ميقاتي على قوى 14 آذار. وفي حديث الى إذاعة «الشرق»، عن وصف ميقاتي حملة قوى 14 آذار بأنها «متجنية وظالمة، وأنهم يريدون العدالة للوصول الى السلطة»، قال عمار حوري: «جاء الظلم من البيان الوزاري الذي أقرته حكومة ميقاتي ونسفت فيه الفقرة المتعلقة ببند المحكمة، فنسفت بالتالي كل الأسس المتعلقة بالبيانات السابقة، وذهبت بمنحى جديد تنسحب فيه من كل الالتزامات الحكومية السابقة تجاه المحكمة والحقيقة والعدالة». وعن القول بأن المعارضة تطمح للوصول الى السلطة، قال حوري: «إن طموح البعض للوصول الى السلطة جعله يتنقل من ضفة الى ضفة، وهذا الاتهام مردود الى مَن أعلنه». ورأى حوري أن لبنان «أمام محاولة بعضهم وضْعَ العدالة مقابل الاستقرار، في حين أننا قلنا في قوى 14 آذار، إن العدالة هي المقدمة للاستقرار، وإن تحقيق العدالة من قبل المحكمة الدولية حماية للحياة السياسية وللنظام الديموقراطي الحر». وأكد ان «الديموقراطية هي التي تنتصر في النهاية، وعندما سقطت حكومة الرئيس عمر كرامي كان عدد النواب في المعارضة 26 نائباً، واليوم فإن العدد نصف عدد نواب المجلس، وبالتالي فالظروف أفضل». ورأى «أن حزب الله نجح في ممارسة ضغوطه على أكثر من فريق وطرف، نجح تارة بالترغيب وتارة بالترهيب في الوصول الى مبتغاه في الإطباق على مفاصل الدولة لحظةَ صدور القرار الاتهامي». واعتبر زياد القادري في حديث الى محطة «أم تي في»، أنّ «الرئيس ميقاتي لم يقل إنه ضد القرار 1557، ولكنه لم يقل مرة واحدة إنه مع هذا القرار»، وأشار إلى أنّ «موقف الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله من المحكمة ليس جديداً، ومنذ اليوم الاول قال «انقعوها واشربوا زومها»، واعتبرها أداة إسرائيلية أميركية»، لافتاً إلى أنه «كان على ميقاتي اليوم، بدلاً من أن يرد على بيان قوى 14 آذار، أن يرد على السيد نصرالله الذي نعى المحكمة، وحدّد برنامج عمل الحكومة لجهة التعاطي مع المحكمة، وبالتالي فإن ردّه كان في الموقع غير الصحيح»، معتبراً أن «المسلَّمات الوطنية في ظل هذه الحكومة في خطر، ووُضع البلد في المحور السوري - الايراني». وعن إشارة نصرالله الى المبادرة التركية - القطرية قبل إسقاط حكومة الوحدة الوطنية، والبنود التي قال إنّ الرئيس سعد الحريري وافق عليها، قال القادري: «ليسأل القطريين والأتراك عن تحذيرهم من الانقلاب على اتفاق الدوحة، ومَن انقلب عليه، وموقفهم واضح من الرئيس السوري، ولماذا اتّخذوا هذا الموقف»، مؤكداً أنّ التسوية كانت قائمة على الخروج من حال الانقسام في البلاد والدخول الى الدولة عبر المصارحة والمسامحة وعدم التخلي عن دماء الشهداء، كما ورد أيضاً في الورقة إحياء منطق المؤسسات، وبالتالي اذا تحققت هذه الامور، يكون الشهداء نالوا حقهم، علماً أنّ الورقة كان فيها أخذ ورد ولم يُوقَّع عليها لكي تُنشر». ورأى خالد الضاهر، في حديث الى «المؤسسة اللبنانية للإرسال»، أن التعاطي مع المحكمة الدولية «بضبابية لا يفيد أحداً، واللعب على الألفاظ لا يفيد اللبنانيين». وقال: «نحن لا نشكك بالرئيس نجيب ميقاتي، ولكن الحكومة الحالية هي حكومة الرئيس السوري بشار الاسد اولاً وحكومة حسن نصر الله ثانياً، وهما يلعبان دور الآمر الناهي، ويحددان الخطوط التي يجب ان تسير عليها الحكومة». ولفت الى انه «لم يصدر اي كلام عن الرئيس ميقاتي يدل على أنه ملتزم بالمحكمة الدولية وقراراتها، والكلام الوارد في مسوَّدة البيان الوزاري في هذا الشأن فيه تمويه وعدم وضوح». واعتبر جان اوغاسابيان، ان «الرئيس ميقاتي اختار تعطيل المحكمة الدولية وإسقاط العدالة والحقيقة في لبنان، كذلك اختار مواجهة المجتمع الدولي ورفض القرارات الدولية وأخْذ البلد الى مزيد من الانقسامات وتعريض لبنان الى كل انواع المخاطر». وأكد في حديث إلى إذاعة «صوت لبنان»، ان «البيان الوزاري ملتبس وغير واضح في بند المحكمة الدولية، ولم يتضمن الالتزام الواضح بتنفيذ الاجراءات العملية، خصوصاً بعد صدور القرار الاتهامي». وقال: «إذا لم يلتزم الرئيس ميقاتي بوضوح القرار 1757، ولم يتم الالتزام امام مجلس النواب وامام الشعب اللبناني بالخطوات العملية، ستكون جلسات الثقة بمثابة معركة لإسقاط هذه الحكومة». ورأى أن البلد «لا يمكن ادارته بمواقف غامضة غير واضحة، ونحن لسنا امام قضية بسيطة، نحن امام مستقبل النظام الديموقراطي والحريات في لبنان، وعلى الرئيس ميقاتي ان يتعاطى بمسؤولية كبيرة». ورأى رئيس حزب «الوطنيين الاحرار» النائب دوري شمعون في حديث الى «صوت لبنان»، أن «من مصلحة لبنان عدم الخروج عن الشرعية الدولية والمجتمع الدولي»، وقال: «لا نريد حرق الدواليب ولا تكسير أي شيء أو استعمال السلاح، بل نريد ان نوفر على البلد ما سيواجهه من عقوبات اقتصادية وسياسية وقطع المساعدات التي تقدمها الدول الخارجية في حال رفض المحكمة الدولية وقراراتها». وأعلن عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب شانت جنجنيان، «أن الانقلاب الذي حصل على الدولة أنتج حكومة جديدة تحمي السلاح وتضع لبنان في مواجهة مع المجتمع الدولي»، معتبراً «أن كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الرافض لتسليم المتهمين يأتي في سياق التحدي للدولة اللبنانية».