تضاربت المعلومات مجدداً في شأن مصير مدينة دوما المحاصرة في الغوطة الشرقية، بين إعلان الجيش الروسي التوصّل إلى اتفاق على إجلاء مسلحي المعارضة من المدينة، ونفي الأخيرة ذلك، وإن أكدت أن المفاوضات تتحرك «في الاتجاه الصحيح». وكشف مسؤول فرنسي بارز ل»الحياة» أن ملف دوما كان حاضراً خلال اجتماعات المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا في موسكو أول من أمس، وانه أطلع الروس على مفاوضات «بعيدة عن الأضواء» يجريها مع فصائل معارضة في الغوطة. ووفق المسؤول الفرنسي، فإن المجموعات المسلّحة طلبت أن تكون الأممالمتحدة الطرف «الضامن» بينها والمفاوضين الروس، مشيراً إلى أن دي ميستورا طالب الجانب الروسي «بشكل ملحّ» بعدم شنّ هجوم عسكري ضد المدينة. يأتي ذلك وسط ترقّب قمة روسية - تركية - إيرانية تُعقد الأربعاء المقبل في أنقرة، وتتطرّق إلى مناطق «خفض التوتر»، خصوصاً محافظة إدلب التي تشكّل نقطة خلاف بين الأطراف الثلاثة. ورأى المسؤول الفرنسي أن روسيا ترغب في استتباب الهدوء في إدلب، فيما يريد الأتراك الحفاظ على نفوذهم في المحافظة والسيطرة عليها مثل عفرين، كما يريد الجانب الإيراني أن يكون لاعباً مؤثراً في مصير المحافظة، وهو ما ترفضه موسكووأنقرة. وتساءل المسؤول إن كان دفع قوات المعارضة للتوجه إلى إدلب، استراتيجية عسكرية لإفراغ أماكن وجودها واحدة تلو الأخرى، وجمعها في إدلب لتكون بذلك معقلها الوحيد. كما تساءل عن مصير المنطقة التي تحوي مليونين ونصف المليون مدني ونازح إلى جانب آلاف المسلحين، في بقعة جغرافية أكثر تعقيداً من غيرها. وأشار إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ينوي مناقشة الملف السورية خلال زيارة رسمية لروسيا في 23 أيار (مايو) المقبل. إلى ذلك، أوضح المسؤول أن استقبال ماكرون وفداً من «قوات سورية الديموقراطية» (قسد) كان يهدف إلى إظهار القلق الفرنسي إزاء العملية العسكرية التركية في عفرين، وتعبئة المقاتلين الأكراد لمواصلة مكافحة تنظيم «داعش» في سورية والعراق، مضيفاً أن العملية الإرهابية التي حصلت في جنوبفرنسا أخيراً تطلبت من السلطات الفرنسية إظهار أنها ما زالت منخرطة في مكافحة التنظيم. وتابع أن الضمانات الأمنية التي كان يمكن أن تقدمها قوات التحالف الدولي تتركز في مناطق خارج عفرين، على عكس رغبات الأكراد. على صلة، نفى الناطق باسم «جيش الإسلام» حمزة بيرقدار التوصل إلى اتفاق مع روسيا على الخروج من دوما، فيما أكّد المسؤول السياسي في الحركة محمد علوش أن المحادثات «تسير في الاتجاه الصحيح»، وأن «الفرص (للاتفاق) تصبح أقوى يوماً بعد آخر». وقال بيرقدار ل «الحياة» إن الإعلان الروسي عن التوصل إلى اتفاق «يأتي في إطار الحرب النفسية على الحاضنة الشعبية لجيش الإسلام»، موضحاً أن المفاوضات مستمرة بين الجانبين، وأنها «لا تتناول شروطاً محددة». وشدد على أن «الهدف الرئيس هو بقاء المقاتلين وأهالي دوما في بيوتهم لأن التجارب في سورية وفلسطين تكشف أن كل من طردوا من ديارهم لم يعد إليها». وكان رئيس دائرة العمليات العامة في هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية الفريق أول سيرغي رودسكوي أعلن أمس «التوصل إلى اتفاق مع قادة التشكيلات المسلحة غير الشرعية حول انسحاب المسلحين مع أفراد عائلاتهم من مدينة دوما في وقت قريب». ولم يكشف إلى أي وجهة سيُنقل مقاتلو «جيش الاسلام» وعائلاتهم. في غضون ذلك، وجه رودسكوي انتقادات لاذعة لتصرفات «قسد» ضد السكان الأصليين في الرقة، بعد ساعات من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب نية واشنطن الانسحاب من سورية. وفي انتقاد نادر للتشكيلات الكردية، قال الجنرال الروسي إن «قيادة قوات سورية الديموقراطية وهيئات الحكم الذاتي المحلية التي عينها الأميركيون، لا تتعامل مع حل المشاكل الإنسانية... السكان العرب الأصليون يتعرّضون الى القمع والعقاب، والتعبئة القسرية جارية. هذا يسبب استياء حاداً من السكان». وأضاف أن «السكان العرب الأصليين بدأوا بانتفاضة ضد التشكيلات المدعومة من الولاياتالمتحدة في المنصورةجنوب غربي الرقة في 25 آذار (مارس)»، متهماً قوات «قسد» بالتصرف «كما لو كانت قوات محتلة». في سياق آخر، أعلن ناطق باسم وزارة الدفاع البريطانية أن جندياً بريطانياً قُتل نتيجة تفجير عبوة ناسفة يدوية الصنع في سورية أول من أمس. وكان مسؤولان أميركيان قالا في وقت سابق إن جندياً أميركيا وشخصاً آخر من التحالف الدولي قُتلا في الانفجار. وقرر التحالف «حجب التفاصيل المتعلقة بالواقعة إلى حين إجراء مزيد من التحقيقات» في خصوص الهجوم الذي يعدّ الأول من نوعه العام الحالي.