خبراء الكرة في العالم يصنفون الكرة الفرنسية في الدرجة بعد العاشرة، رغم أن فرنسا هي بطلة العالم في 1998، والسبب يعود أن أنديتها لا تلعب الأدوار الأولى في البطولات الأوروبية، ولم يحدث أن حازت ألقاباً على هذا الصعيد... ولما فاز أولمبيك مارسيليا بكأس الأبطال في العام 26 مايو 1993، سرعان ما "سحب" منه اللقب معنوياً، بعد أن لعبت اليد الخفية للملياردير بيرنار تابي في نتائج الفريق، بتقديم رشاوى للحكام، والاتفاق مع لاعبين على رفع الرجل (..) ولمّا ثبت ذلك، تم إنزاله إلى القسم الثاني. وبالتالي فلا يمكن القول إن فرنسا بلد كرة القدم بامتياز، رغم توفرها على لاعبين من طراز رفيع أمثال زيدان وبلاتيني وبن زيمة وناصري وزمرة اللاعبين القادمين من المستعمرات الفرنسية القديمة.. وقبلهم الجزائري مصطفى دحلب نجم باريس سان جيرمان. أكتب عن كرة الديك المذبوح، لأنّ الخرجة الأخيرة للمستثمرين القطريين في الجلد المنفوج، أسالت حبراً في عاصمة الجنّ والملائكة. فأن يؤول الفريق المدلل لفرنسيين، باريس سان جيرمان إلى مالك عربيّ، لن يمرّ دون أن يحرّك اليمين الفرنسي المتطرّف أذنابه على ضفاف السين (..) وفي أعالي برج إيفل. فبعضهم قال إن المسألة لا تتعلق بقيمة النادي، إنّما بالبعد السياسي للعملية، إذ إنّ هناك أندية أهمّ في ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وانكلترا لم يهتم بها القطريون.. واختاروا فرنسا التي تربطها بدولة قطر صلات مودّة وتوافق سياسي كبير، خاصة في السنوات الأخيرة. ولاحظ الجميع كيف أنّ الشيخ محمد بن حمد آل ثاني رئيس لجنة تنظيم مونديال قطر 2022 ألقى كلمته باللغة الفرنسية، وهو ما أدهش الفرنسيين الذين يرون في ذلك إكباراً لفرنسا التاريخية (..) وفي ذلك رسالة قوية للرأي العام الفرنسي، مفادها بأن الروابط لن تكون اقتصادية أو سياسية فحسب، بل ثقافية أيضاً. وكانت فرنسا أول ضيوف الدوحة عاصمة للثقافة العربية.. واهتمام الإعلام الفرنسي بقطر يختلف عن أيّ بلد آخر. فبعد فضائح المونديال والسقوط الحرّ للديكة في جنوب أفريقيا 2010، والضجّة التي أثيرت مؤخّراً حول النزعة العنصرية لبعض المشرفين على الكرة الفرنسية بقولهم "إنها بحاجة إلى محاصصة جديدة، إذ يكثر فيها كثير من العرب والسود".. قرّر رأس المال القطري ولوج عالم الكرة الفرنسية، لينقل النقاش من لون البشرة إلى المصرف (..). إن ظاهرة اهتمام العرب بشراء الأندية، منذ الملياردير محمد الفايد الذي ملك نادي فولهام الإنجليزي، ثم مجيء عدد من أثرياء الإمارات لشراء أندية أخرى، وما تبعها من ردود فعل غاضبة أحياناً، يؤكّد أن في هذه الصفقات كثيراً من السياسة وقليلاً من الاقتصاد، لأنّ العلاقات الدولية اليوم لم تعد تبنى على المصالح السياسية فحسب، بل تجاوزتها إلى عوامل مكمّلة، لتجعل الصورة أكثر اكتمالاً. أريد أن أطرح سؤالاً مقلوباً، متى نرى ثرياً فرنسياً أو انجليزياً أو إسبانياً يشتري نادي الأهلي المصري أو الترجي التونسي أو الوفاق الجزائري أو الهلال السعودي أو المريخ السوداني أو الوحدات الأردني أو الرجاء المغربي أو الوصل الإماراتي أو القادسية الكويتي.. أو يكتفي بشراء حصة من هذه الأندية ولو كانت نسبتها واحد في المئة، لنقول إنّ المصالح مشتركة ومتوازنة.. قد يكون ذلك في مطلع 2099. [email protected]