بئر عياد (ليبيا)، موسكو، مالابو (غينيا) - رويترز، أ ف ب - اضطرت المعارضة الليبية المسلحة التي تقدمت إلى مسافة 80 كيلومتراً من معقل الزعيم الليبي معمر القذافي في العاصمة طرابلس إلى التقهقر أمس الجمعة أمام قصف صاروخي من جانب القوات الحكومية. وأثار تقدم المعارضة قبل خمسة أيام إلى مشارف بلدة بئر الغنم الصغيرة احتمال حدوث انفراجة في الصراع المستمر منذ أربعة أشهر والذي أصبح الأكثر دموية في انتفاضات «الربيع العربي». وذكر مصور ل «رويترز» في بئر عياد على بعد 30 كيلومتراً إلى الجنوب أن مقاتلي المعارضة الذين كانوا يتجمعون على تل قرب بئر الغنم ويستعدون لشن هجوم انسحبوا تحت قصف القوات الحكومية بصواريخ غراد الروسية. وأضاف أن الصواريخ سقطت على مسافات بعيدة وصلت إلى بئر عياد وهي نقطة لمفترق الطرق عند الجبل الغربي جنوب غربي طرابلس الذي انطلق منه المتمردون الأسبوع الماضي. ويبرز صد تقدم المعارضة قدرة قوات القذافي التي تمكنت من الصمود أمام حملة القصف الصاروخي التي تشنها قوات حلف شمال الأطلسي منذ 15 أسبوعاً ومحاولات المعارضة لاختراق خطوطها في ثلاث جبهات. وأصبحت فرنسا هذا الأسبوع أول عضو في التحالف المناهض للقذافي يقر بإمداد المعارضة بالأسلحة وبررت ذلك بحماية المدنيين من تهديدات قوات القذافي. وقالت إنها استخدمت المظلات لإسقاط بنادق وقاذفات صواريخ إلى جانب مساعدات إنسانية للمعارضة في الجبل الغربي. ودفع هذا الاعتراف روسيا العضو الدائم في مجلس الأمن إلى اتهام فرنسا «بانتهاك سافر» لقرار الأممالمتحدة 1970 الذي فرض حظراً شاملاً على الأسلحة لليبيا في شباط (فبراير). وصرح وزير الخارجية الفرنسي الآن جوبيه في موسكو أمس رداً على سؤال في شأن الانتقادات الروسية لتسليم أسلحة للثوار في ليبيا: «لم نخرج عن إطار قرارات مجلس الأمن». وأضاف: «لقد أبلغنا مجلس الأمن وشركاءنا في الحلف الأطلسي». وتابع: «لدينا خلافات حول هذه النقطة (مع روسيا)، وهذا لا يمنعنا من العمل معاً». أما وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف فانتقد من جهته إلقاء الأسلحة للثوار، مندداً ب «التفسيرات» المختلفة لقرار الأممالمتحدة الذي يتيح اللجوء إلى القوة لحماية المدنيين. وقال: «هناك موقف حرج جداً حالياً، إذ يمكن تفسير (القرارات في شأن ليبيا) كيفما كان». وأضاف لافروف: «أجاب ألان جوبيه عن سؤالي بالقول إنه في القرار 1973 هناك المادة الرابعة التي تسمح لأي طرف بأن يفعل ما يريد ولأي سبب». ويجيز القرار 1973 اللجوء إلى القوة لفرض احترام منطقة حظر جوي فوق ليبيا لمنع العمليات الجوية ضد المدنيين. ووفق المادة الرابعة في القرار التي انتقدها لافروف «على الدول الأعضاء المعنية أن تبلغ فوراً الأمين العام للأمم المتحدة والأمين العام للجامعة العربية (...) عن التدابير المتخذة لهذه الغاية». وأكد جوبيه الجمعة لإذاعة فرانس انتر أن باريس لم تزود الثوار «إلا أسلحة للدفاع عن النفس». وقال «تعرض سكان لهجمات من قبل قوات القذافي وكانوا في وضع صعب ولهذا السبب ألقينا لهم بالمظلات أدوية وغذاء وأسلحة للدفاع عن النفس بما يتماشى مع القرار 1973». في غضون ذلك، قالت عائشة، ابنة القذافي، في مقابلة تلفزيونية بثت الليلة قبل الماضية إن ليبيا على استعداد لإبرام اتفاق مع المعارضة إذا كان هذا سيؤدي إلى وقف إراقة الدماء. وقالت في مقابلة مع قناة فرانس 2: «تجري مفاوضات مباشرة وغير مباشرة ويجب علينا حقن دماء الليبيين». واستبعدت احتمال أن يرحل والدها إلى المنفى: قائلة «هذه الكلمة الرحيل الرحيل الرحيل.... الغريب هو إلى أين تريدونه أن يرحل.. هذا بلده وأرضه وشعبه». وفي مالابو (أ ف ب)، جاهد الاتحاد الأفريقي للتوصل إلى اتفاق حول ملف العقيد معمر القذافي في اليوم الأخير من قمته أمس في مالابو (غينيا الاستوائية). وختم القادة الأفارقة اجتماعاتهم في وقت متأخر ليل الخميس من دون التوصل إلى اتفاق. ثم عقدوا صباح الجمعة اجتماعاً مغلقاً لمحاولة توحيد موقفهم. وأقر رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي جان بينغ صباح الجمعة قبل بدء الاجتماع المغلق ب «انه ملف محوري، وهذا يوم محوري». وأفاد مصدر مقرب من الاتحاد الأفريقي أن قادة القارة يدرسون «مقترحات حول اتفاق إطار لحل سياسي في ليبيا» أعدتها لجنة وسطاء الاتحاد (جنوب أفريقيا، الكونغو، مالي، أوغاندا، موريتانيا). وتشمل المقترحات وقف إطلاق النار فوراً وتمكين الفرق الإنسانية من الوصول إلى المدنيين وعملية انتقالية باتجاه انتخابات ديموقراطية ونشر قوة دولية. لكن إحدى العقد تكمن في مشاركة العقيد الليبي معمر القذافي في المفاوضات، وفق المصدر. وتختلف الآراء في الاتحاد الأفريقي، فبعض الدول يضغط من اجل رحيل القذافي فيما يدعم عدد من الوفود الزعيم الليبي الذي قدم الأموال إلى كثير من الدول الأفريقية والاتحاد. وصرح وزير الخارجية الليبي عبدالعاطي العبيدي صباح الجمعة بأن «الأمر لم ينته بعد» معرباً عن «الأمل» بالحصول على دعم الاتحاد الأفريقي. والخميس، اعتبر منسق المجلس الوطني الانتقالي في فرنسا منصور سيف النصر الموجود في مالابو أن «الجميع (في الاتحاد الأفريقي) موافقون على رحيل القذافي. البعض يقولها علناً، والبعض الآخر لا». وهو قال في تصريح آخر الجمعة: «نتحدث عن مفاوضات وما شابهها ولا أحد يتحدث عن الحرب. لكن قواتنا تتقدم من كل الجهات». ولم يستبعد فكرة السيطرة على طرابلس سريعاً.