بنغازي (ليبيا)، أنقرة، موسكو - رويترز، ا ف ب، ا ب - يُعِدّ الثوار الليبيون لشن هجوم كبير على الجبهة الغربية لاستعادة بئر الغنم ليصبحوا على مرمى مدفعية من طرابلس، معقل نظام معمر القذافي، بعدما ارتفعت معنوياتهم إثر تلقيهم أسلحة فرنسية ألقيت لهم بالمظلات، ودعم الغارات الاطلسية المتزايدة. وفي موازاة ذلك، يجري رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما، محادثات في روسيا مع مجموعة الاتصال الدولية حول ليبيا، بدعوة من روسيا بصفته عضو اللجنة التي شكلها الاتحاد الأفريقي حول ليبيا. وخسر نظام القذافي حليفاً جديداً، بعدما أعلنت تركيا موقفاً أكثر تشدداً من نظام طرابلس، عبر استدعائها سفيرها من العاصمة الليبية وتبني عقوبات ضدها وإيفادها وزير الخارجية احمد داود اوغلو الى بنغازي. وفي بنغازي قال مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي لوكالة «رويترز» امس، إن المجلس يرحب بتقاعد القذافي في ليبيا ما دام سيستقيل رسمياً ويقبل بإشراف دولي على تحركاته. وأضاف عبد الجليل، متحدثاً من مقره في بنغازي، أنه قدَّم الاقتراح قبل نحو شهر عبر الاممالمتحدة، إلا أنه لم يتلق أيَّ ردٍّ بعد من طرابلس. وقال: «كحلٍّ سلمي، عرضوا أنه يمكن القذافي ان يستقيل، وأن يأمر جنوده بالانسحاب من ثكناتهم ومواقعهم، ثم يمكن أن يُقرر ما اذا كان سيبقى في ليبيا أم خارجها». وأشار الى انه «اذا رغب القذافي في البقاء في ليبيا، سنحدد المكان وستكون تحركاته تحت الإشراف الدولي». ولم يَرِدُ ردٌّ فوري من طرابلس على تصريحات عبد الجليل، لكن القذافي لم يُبْدِ حتى الآن أيَّ مؤشر الى التراجع. وتأتي هذه التطورات وسط انباء عن وصول الحل التفاوضي حول النزاع الى طريق مسدود، بسبب تشبث الطرفين بمواقفهما بعد خمسة شهور من اندلاع النزاع، اثر انتفاضة ضد القذافي الرافض التنحي عن السلطة التي يتولاها منذ 42 سنة. وفي حين حقق الثوار تقدماً ميدانياً في المعارك على الجبهة الغربية، قال الناطق باسم المعارضة احمد عمر الباني: «يُعِدُّ الثوار لهجوم كبير خلال 48 ساعة لاستعادة مناطق جنوبطرابلس». ويحاول الثوار خصوصاً استعادة بئر الغنم، المحور الإستراتيجي الذي يبعد خمسين كلم جنوبطرابلس، كي يصبحوا على مرمى مدفعية من العاصمة الليبية. وقال احمد عمر الباني في بنغازي (شرق) معقل الثوار ليلَ السبت الاحد: «خلال اليومين المقبلين ستحصل تطورات جديدة على خط الجبهة»، مؤكداً أن الثوار يريدون تحويل خط الجبهة نحو الشمال في اتجاه طرابلس. وبعدما اضطروا الى الانسحاب من منطقة بئر الغنم في جبل نفوسة (غرب)، يريد الثوار الاستيلاء على المحور الإستراتيجي الذي استهدفه الجمعة طيران حلف شمال الاطلسي. وفضلاً عن هذا الدعم الجوي، تسلم الثوار في جبال البربر أسلحةً ألقتها فرنسا بمظلات. وأعلن الحلف الاطلسي، الذي تسلم في 31 آذار (مارس) قيادة العمليات العسكرية للتحالف الدولي، التي بدأت قبلها ب12 يوماً، أنه كثف قصفه على الغرب ودمر خمسين هدفاً عسكرياً خلال اسبوع. وفي الأثناء كثف الحلف قصفه على تاجوراء ضاحية طرابلس الكبرى، في حين نظمت تظاهرة السبت قرب مقر الأممالمتحدة في العاصمة ندد خلالها نحو 300 طفل «بعجز» المنظمة عن «وقف آلة الحرب ضد المدنيين». وشارك زوما في قمة الاتحاد الأفريقي في مالابو التي صادقت على وثيقة يُفترض ان تُستخدم نقطةَ انطلاق مفاوضات مقبلة بين الطرفين الليبيين المتناحرين، لكن الثوار اشترطوا تنحي القذافي قبل اي اتفاق. كذلك حاولت روسيا التوسط بين بنغازي وطرابلس، وقال الرئيس ديمتري مدفيديف إنه «حان الوقت لأن يتنحى القذافي»، في الوقت الذي احتجت موسكو على تكثيف الحلف الاطلسي غاراته الجوية. وذكر بيان للكرملين في وقت متأخر السبت، ان الرئيسين زوما وديمتري مدفيديف أجريا محادثة هاتفية اتفقا خلالها على «عقد اجتماع بينهما في اقرب وقت»، من دون تحديد موعد للاجتماع. وقال البيان الروسي: «اتفق الرئيسان على عقد اجتماع بينهما في أقرب وقت ممكن للاتفاق على الخطوات التالية التي يجري تنسيقها وصولاً الى حل للصراع الليبي الداخلي». وتسعى روسيا، شأنها شأن جنوب افريقيا، للعب دور وسطي، اذ أرسل مدفيديف مبعوثه الخاص ميخائيل مارغيلوف الى كل من بنغازي - التي يسيطر عليها الثوار - وطرابلس، بهدف اجراء محادثات. وقال مدفيديف «آن الاوان ان يفكر القذافي في التنحي»، غير ان روسيا اعربت في الوقت ذاته عن غضبها من تكثيف حلف شمال الاطلسي ضرباته المستمرة منذ شهور على اهداف للنظام. ويأتي إعلان جنوب افريقيا عن زيارة رئيسها لروسيا بعيد عودة زوما من قمة الاتحاد الافريقي في غينيا الاستوائية، حيث أقرّ الاتحاد خطة للتفاوض بين الطرفين الليبيين المتناحرين. وعقب القمة الأفريقية، قال زوما: «نحن سعداء جداً ببلوغنا تلك النقطة، وبات بإمكاننا القول اننا بصدد بدء محادثات في اديس أبابا قريباً جداً نعتقد انها ستحظى بالدعم المطلوب من الاطراف كافة». غير ان الاتفاق الذي تم التوصل اليه خلال القمة، لم يدفع قدماً بالاقتراحات التي تقدم بها الاتحاد الافريقي في وقت سابق ورفضها الثوار، مصرين على ضرورة رحيل القذافي اولاً. ومن بين العناصر الجديدة التي تشملها خطة الاتحاد الافريقي، نشر قوات حفظ سلام متعددة الجنسيات تشرف عليها الاممالمتحدة. كما اعلن الاتحاد الافريقي ان القذافي وافق على عدم المشاركة في المفاوضات، غير انه (الاتحاد، المؤلف من 53 بلداً) لم يتمكن من الخروج بموقف حول مصير القذافي، وهي النقطة الخلافية الرئيسية بين جانبي الصراع. ولم يحمل اتفاق الاتحاد الأفريقي انتقاداً مباشراً للقذافي، بل دعا الى إصدار عفو عن مرتكبي الجرائم خلال الصراع، والى العدول عن تجميد الأرصدة الليبية في الخارج. كما قرر الاتحاد الافريقي عدم تنفيذ مذكرة توقيف أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق الزعيم الليبي. يُذكر ان القذافي هو من الداعمين الرئيسيين للاتحاد الافريقي، ناهيك عن تمويله لسنوات عدة مشاريع كثيرة في انحاء القارة، مستفيداً من العائدات النفطية لبلاده. وتدعو خطة الاتحاد الافريقي الى «وقف فوري للقتال، وإتاحة الفرصة لوصول المساعدات الانسانية، وصولاً الى هدنة شاملة تفتح الطريق امام مصالحة وطنية، ووضع ترتيبات تتعلق بالمرحلة الانتقالية في ليبيا وخطة للتحول الديموقراطي فيها».