شهد البرلمان التركي أمس، أضخم أزمة سياسية ديموقراطية في تاريخه، بغياب 38 نائباً عن جلسته الافتتاحية في دورته الرابعة والعشرين، فيما بلغ عدد النواب الذين رفضوا أداء القسم الدستوري 168 من أصل 550، احتجاجاً على قرارات للهيئة العليا للانتخابات والمحاكم الخاصة التي حرمت 8 نواب معارضين من حضور الجلسة، بسبب اعتقالهم على ذمة قضايا سياسية، وإسقاط النيابة عن نائب كردي بسبب ثبوت حكم بسجنه في قضية سياسية أخرى. أتى ذلك بعدما قرر «حزب الشعب الجمهوري» الأتاتوركي، أبرز أحزاب المعارضة، حضور الجلسة لكن من دون أداء القسم الدستوري، للضغط على حكومة «حزب العدالة والتنمية» لتعديل قوانين جزائية للإفراج عن النائبين محمد خبرال ومصطفى بالباي، المحتجزين على ذمة قضية تنظيم «أرغينيكون» الانقلابي، فيما غاب 35 نائباً كردياً عن الجلسة بسبب حرمان زميلهم خطيب دجلة حقه النيابي، لإدانته بنشر «دعاية إرهابية»، وتسجيل نائبة من الحزب الحاكم بدلاً منه، على رغم فوز دجلة بعدد أكبر من الاصوات في محافظة دياربكر. أما «حزب الحركة القومية»، فقد حضر الجلسة وأدى القسم، على رغم غياب نائبه العسكري المتقاعد أنغين ألان المسجون على ذمة قضية مخطط «المطرقة» الانقلابي. وكانت مساعي اللحظة الأخيرة فشلت في إقناع المتغيبين عن الحضور، خصوصاً بعد تجديد المحكمة رفضها طلباً بإطلاق خبرال وبالباي، وعلى رغم بدء المحكمة الدستورية درس وضع دجلة. وقال رئيس «حزب الشعب الجمهوري» كمال كيليجدارأوغلو إن حزبه لن يؤدي القسم حتى الإفراج عن نائبيه المسجونين من دون دليل، على ذمة قضية طال بحثها أمام القضاء و«تحولت الى عملية انتقام بشعة»، مطالباً الحكومة بعدم التهرب من مسؤوليتها وإلقاء اللوم على القضاء، وذلك في اشارة الى أنه ينتظر تحرك نواب الحكومة لإجراء التعديلات القانونية اللازمة. وأضاف: «لن نؤدي القسم طالما أن رفاقنا ممنوعون من أدائه. لن ندعم ممارسات غير ديموقراطية وغير مشروعة تمنع النواب المنتخبين من الشعب من أداء القسم». أتى ذلك بعد تصريحات لرئيس الوزراء رجب طيب أردوغان خيبت آمال المعارضة، إذ أكد ان لا نية لحزبه لإجراء التعديلات الدستورية الآن، مشيراً الى ان هذه المسألة ستُسوّى من خلال دستور أكثر ديموقراطية. كما انتقد الأحزاب التي رشحت أشخاصاً مسجونين، متسائلاً: «ألم تستطع إيجاد مرشحين آخرين؟». وقال: «رشحوا أولئك الأشخاص، مدركين ان ذلك سيسبّب مشكلة». وتطرّق الى قضية خطيب دجلة، مطالباً ب «احترام رأي القضاء». وشهد البرلمان التركي سابقاً أزمات مشابهة ولكن أقل حدة، ذهبت ضحيتها النائبتان الاسلامية مروة قاوقجي بسبب حجابها، والكردية ليلى زانا بسبب إصرارها على أداء القسم باللغة الكردية.