تحتفل أفلام الرسوم المتحركة السوفياتية بذكرى يوبيل ال75 سنة. ففي ثلاثينات القرن الماضي، ونزولاً على أوامر مباشرة من ستالين، أسس استوديو «سويوزمولتفيلم». ويبعث على الأسف أن عظمة هذا الاستوديو أفلت، ولم يبق لأطفال اليوم سوى الأفلام القديمة. فالإنتاج توقف منذ زمن. ومن أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وجه منتجو الرسوم البارزون، أمثال يوري نورشتاين وليونيد شڤارتسمان وإدوارد نازاروف، رسالة مفتوحة إلى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة الروسيّة مطالبين بالسعي إلى الحفاظ على الاستوديو، وتوفير مبالغ ماليّة كبيرة له. وبين أروقة هذا الاستوديو، انتج أشهر أفلام الرسوم المتحركة السوفياتيّة مثل تشيبوراشكا والدبّ ويني وأنتوشكا والقنفذ في الضباب. ولكن الاستديوات هذه اليوم في حال سيئة. وساعة الحائط لا تعمل. وقد يقع المرء بين كومة من الأوراق المبعثرة على اسكتشات أصليّة لرسوم الببغاء كيشا وقرية براستاكفاشينو. ولم يبق أثر يدّل إلى وجود استوديو عظيم في هذا المكان في وقت غابر سوى اللافتة المعلقة على الباب. ويقول فيتشيسلاف شيلوبرييف الذي عمل على إنتاج نحو 50 حلقة من علي بابا والأربعين حرامي وفاريجكا وريس البحارة والببغاء، أن 400 موظف عملوا في الماضي في الاستوديو. واليوم يعمل 8 أشخاص من الموظفين الإداريين في الاستوديو ليس منهم فنانون أو منتجون. وشيلوبرييف لم يعد فناناً بل أصبحت وظيفته أقرب إلى دليل في متحف. ويسعى هذا الأخير، وهو حاز أعلى وسام شرف من روسيا الاشتراكية في الماضي، إلى الحفاظ على تاريخ الاستوديو هذا. وتعيدنا 75 سنة من عمر «سويوزمولتفيلم» إلى مرحلة تربع الأميركي والت ديزني على عرش أفلام الرسوم المتحركة في العالم في ثلاثينات القرن المنصرم. ويومها، قرر الاتحاد السوفياتي الردّ على الغرب، وأنشأ استوديو الرسوم السوفياتي المناوئ. وعلى رغم أن السوفيات استفادوا من تجربة وخبرات ديزني، ابتكروا رسوماً مختلفة. وتحولت الشخصيات الكرتونية والرسوم بين ليلة وضحاها إلى أبطال على مستوى الوطن. ومنح أشهر ممثلي المسرح والسينما أصواتهم للشخصيّات الكرتونية، وتسلى المشاهدون بإقامة الشبه بين الممثلين والشخصيات الكرتونية. ولا شكّ في أن الستينات والسبعينات شهدت عصر الاستوديو الذهبي، خصوصاً مع ظهور رسوم مثل الدبّ ويني ونو باغادي والصبي وكارلسون و38 ببغاء. ويومها لم يقل الإنتاج عن 40 فيلماً في السنة الواحدة. في تلك الأيّام وجب التزام موعد ثابت لإنجاز الأفلام، وسهر الفنانون الليالي ولم يغمض لهم جفن في الاستوديو لإصدار الفيلم في الوقت المناسب. وفي الماضي، كانت الزيارات إلى الاستوديو نادرة جراء كثرة العمل. واليوم، اختلفت الأحوال. فالعمل في الاستوديو متوقف. والجولات السياحيّة هي الطريقة الوحيدة لدفع مرتبات الطاقم الصغير. ويرى نورشتاين، صاحب القنفذ في الضباب الذي اعترف نقاد دوليون بأنّه فيلم كل الشعوب والعصور، أن الدولة تخلّت عن الاستوديو وتركت مصيره بأيدي الفنانين المخضرمين. ونورشتاين اليوم يكسب عيشه من بيع كتبه. وحول يوري إنتين مؤلف موسيقى أفلام الرسوم المتحركة المطبخ القديم إلى متحف صغير، يخزن فيه صور الرسوم والقصائد وتسجيلات ألحان تشونغا تشانغا والسفينة الطائرة وعازفي بريمن. ويقول إنّه لا يستطيع أن يعيش من غير هذه الرسوم. ولذا، أنشأ استوديو خاصاً به، وجمع بعض المال ويسعى في تسجيل فيلم بالولايات المتحدة. وانتقلت ملكية «سويزمولتفيلم» منذ عامين إلى أرشيف أفلام الدولة الروسية. وترمي المؤسسة هذه إلى الحفاظ على هذه الأفلام ، وترويجها، ونقل الرسوم وحفظها في التكنولوجيا الحديثة. ويقول نورشتاين بأنّ دعم الدولة للفن هو أفضل ما يمكن أن تقوم به السلطات العامة، بل ويفترض بها أن تساعد الكتاب والمبدعين، وأن تطمئنهم إلى أن مستقبلهم مضمون والأموال ستتوافر لهم. ومنذ 10 سنوات، يسعى الفنان ميخائيل شيمياكين إلى إنتاج فيلم «غوفمانيادا» في الاستوديو، ويمول بعض الجهات الخاصة عمله. ولن يصدر الفيلم قبل عامين. وقد يكون آخر أفلام «سويزمولتفيلم». * صحافي، عن موقع «فيستي» الروسي، 11/6/2011، إعداد علي شرف الدين