في واحدة من أضخم التظاهرات الشبابية منذ حرب فيتنام، شارك مئات الآلاف من المراهقين وأنصارهم في مسيرات حاشدة في واشنطن ومدن أميركية أخرى، للمطالبة بتشديد قيود على السلاح. وقاد المسيرات ناجون من مجزرة ارتكبها طالب سابق في مدرسة ثانوية في ولاية فلوريدا في 14 شباط (فبراير) الماضي، أوقعت 17 قتيلاً. وأعدّ منظمو المسيرات، تحت شعار «لنمض سوية من أجل حياتنا»، أكثر من 800 تظاهرة داخل الولاياتالمتحدة، في لوس أنجليس ونيويورك وشيكاغو وبوسطن وهيوستن، إضافة الى فلوريدا. كما نُظمت تظاهرات في دول أخرى، بينها استراليا وإرلندا الشمالية وموريشيوس والسويد. وحمل المتظاهرون لافتات كُتب عليها «نحن التغيير» و»لا مزيد من الصمت»، وأخرى تدعو الى إخراج «أموال» لوبي السلاح النافذ «من السياسة». واحتشد المتظاهرون في شارع بنسلفانيا قرب مبنى الكابيتول حتى البيت الأبيض. ورجّحت تقديرات مشاركة نصف مليون شخص في مسيرة واشنطن لمطالبة الكونغرس بمكافحة العنف باستخدام أسلحة. وقالت ديلاني تار، وهي ناجية من مجزرة مدرسة فلوريدا: «سنواصل المعركة من أجل أصدقائنا القتلى». وطالبت بحظر «أسلحة الحرب» على الجميع، باستثناء الجنود. وقالت التلميذة آلايا إيستموند (17 عاماً) التي أُنقذت حياتها من المجزرة لدى احتمائها وراء جثة أحد رفاقها: «خسرت اثنين من أصدقاء صفّي وأُصيب ستة آخرون. تحرُكنا ضروري. يجب ألا يتكرّر ذلك. مضى 36 يوماً ولم يحصل شيء. يجب أن نسارع الى التحرّك، وهذه المسيرة ليست سوى بداية. سنناضل ليحصل التغيير». وقال آشلي شلايغر (18 عاماً) الذي قاد مسيرة واشنطن مع أصدقائه: «لا أريد أن يتحوّل أي طفل آخر (مجرد رقم) إحصائي». وفي منطقة فورت لودرديل في باركلاند، حمل كثيرون لافتات كُتبت عليها عبارات، بينها: «هل أنا التالي؟»، و»الكونغرس = قتلة». ولفت جون لويس، وهو زعيم بارز للحقوق المدنية، الى أن الاحتجاجات التي يقودها الطلاب تذكّره بالأيام الأولى من حقبة معركة الحقوق المدنية في الولاياتالمتحدة، وزاد: «إنه أمر رائع، سيكونون قادة القرن الحادي والعشرين». وشهدت جادة كونستيتيوشن وسط العاصمة تظاهرة لنجوم، بينهم أريانا غراندي وجنيفر هدسون وديمي لوفاتو وجاستن تيمبرلايك وميلي سايروس. كما قدّم جورج كلوني وأوبرا وينفري وستيفن سبيلبرغ 500 ألف دولار لدعم التحرّك. وكتب الرئيس السابق باراك أوباما مخاطباً الطلاب: «ساهمتم في صحوة الأمّة». ويتهم أميركيون السلطات والكونغرس بالتقاعس عن التحرّك ضد لوبي السلاح النافذ، وعرقلة تشديد القيود المفروضة على بيع الأسلحة، في بلد يشهد في شكل متكرر إطلاق نار عشوائياً، في المدارس والجامعات وأماكن أخرى، تُسفر سنوياً عن مقتل أكثر من 30 ألف شخص في الولاياتالمتحدة. لكن ملايين الأميركيين يعتبرون إمكان اقتناء سلاح ناري حقاً دستورياً أساسياً. ونبّه السيناتور الديموقراطي كريس مورفي، المؤيّد للقيود على الأسلحة، الى أن على الشبان ألا يبنوا أوهاماً تتعلّق بإصلاح تشريعي ضخم. وتابع: «آمل بأن يدركوا أنهم جزء من حركة اجتماعية طويلة الأمد، ولن يحصلوا على العدالة في كونغرس يسيطر عليه الجمهوريون». وذكرت ناطقة باسم البيت الأبيض أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تشيد ب «كثيرين من الشبان الأميركيين الشجعان» الذين يمارسون حقوقهم في التعبير عن آرائهم بحرية.