تواصلت عملية إجلاء مقاتلين معارضين سوريين ومدنيين من مدينة حرستا غرب الغوطة الشرقية أمس، ولليوم الثاني على التوالي، بموجب اتفاق توسطته روسيا بين «حركة أحرار الشام» والنظام السوري، فيما وصلت أول دفعة كانت غادرت المنطقة أول من أمس، إلى محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة. وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» بأنّ 17 حافلة خرجت من مدينة حرستا أمس، على متنها 1007 أشخاص بينهم 328 مسلحاً، مشيرة إلى أن الحافلات بدأت بدخول المدينة تباعاً، حيث تم تجميعها في دوار الثانوية، لينقل المسلحون وعائلاتهم في شكل جماعي في اتجاه إدلب. وذكرت «سانا» أن مجموعة من مسلّحي المعارضة فجرت مستودعاً للذخيرة قبل خروجها من المدينة، ما أدّى إلى إصابة أربعة عناصر من «الهلال الأحمر السوري»، فيما أفادت وسائل إعلام محسوبة على النظام بأنّ التفجير وقع عند دوار الثانوية، وأدّى إلى مقتل جندي من القوات النظامية. وخلال حملة عسكرية مستمرّة منذ أكثر من شهر، تمكنت القوات النظامية السورية من تضييق الخناق بشدّة على الفصائل المعارضة بعد تقسيم المنطقة إلى ثلاثة جيوب منفصلة، ما دفع بها إلى مفاوضات، عادة ما كانت تنتهي بما يناسب دمشق. ورجّح «المرصد السوري لحقوق الإنسان» استمرار خروج المدنيين والمسلحين من حرستا حتى اليوم (السبت). ومن المتوقع أن يخرج بموجب الاتفاق 1500 مقاتل مع ستة آلاف من عائلاتهم على دفعات، فيما كشف مصدر عسكري أن من المتوقع بقاء ما بين 18 ألفاً و20 ألفاً في حرستا تحت حكم النظام السوري. ووصلت أول دفعة تضمّ 1580 شخصاً بينهم أكثر من 400 مقاتل من حركة «أحرار الشام» في وقت متأخر من ليل الخميس- الجمعة، إلى محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة، والتي عادة ما تشكل وجهة الإجلاء في سورية. وشوهد في منطقة قلعة المضيق في محافظة حماة التي تشكل نقطة عبور بين مناطق سيطرة قوات النظام ومناطق سيطرة الفصائل المعارضة، حافلات تقلّ مقاتلين ومدنيين تجمّع حولها عناصر من الدفاع المدني التابع للمعارضة و «الهلال الأحمر السوري»، قبل أن تستكمل رحلتها في اتجاه وجهتها الأخيرة في الشمال السوري. وأشارت وكالة «فرانس برس» إلى إنه لم يُسمح للمقاتلين بدخول مخيم في قرية معرّة الإخوان في ريف إدلب الشمالي، لأنه مخصص للمدنيين فيما دخلت عائلاتهم فقط. وقال أحد المدنيين أبو محمد مدني بعد وصوله إلى المخيم: «كان وضعنا مأسوياً جداً، لقد أحرقوا الأرض». وانتقلت أعداد كبيرة من المدنيين والمقاتلين الذين تم إخراجهم من مناطقهم في عمليات إجلاء سابقة، إلى مخيمات في إدلب، ومنهم من بقي فيها ومنهم من غادرها لاحقاً. ويختار بعض المقاتلين ترك السلاح فيما ينضم آخرون إلى فصائل موجودة في المنطقة. ودفع القصف والمعارك أكثر من 87 ألف مدني للنزوح منذ 15 آذار (مارس) في اتجاه مناطق سيطرة قوات النظام، وبقي أكثر من 30 ألفاً في منازلهم في بلدات جنوب الغوطة وقعت تحت سيطرة النظام، وفق «المرصد». وخلال سنوات النزاع، شهدت مناطق سورية عدة بينها مدن وبلدات قرب دمشق عمليات إجلاء لآلاف المقاتلين المعارضين والمدنيين بموجب اتفاقات مع القوات الحكومية إثر حصار وهجوم عنيف، أبرزها الأحياء الشرقية في مدينة حلب نهاية عام 2016.