لحق «فيلق الرحمن»، أبرز فصائل المعارضة السورية الناشطة في الغوطة الشرقية، بركاب حركة «أحرار الشام» التي لم تجد بعد عزل حرستا خياراً سوى التفاوض على الجلاء في اتجاه محافظة إدلب. وتوصل «الفيلق» إلى اتفاق مع ممثلين عن النظام السوري برعاية روسية أمس، يقضي بإجلاء 7000 مدني ومسلّح من مناطق سيطرته في القطاع الجنوبي من الغوطة، إلى إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة. وفيما استُكملت أمس عملية إجلاء الدفعة الثانية من مقاتلي «أحرار الشام» وعائلاتهم من مدينة حرستا شمال الغوطة في اتجاه إدلب، تنفيذاً للاتفاق الذي رعته روسيا مع النظام، أعلن التلفزيون السوري الرسمي التوصل إلى اتفاق مع «فيلق الرحمن» يبدأ تنفيذه صباح اليوم، ويقضي بإخراج مقاتلين مع عائلاتهم من زملكا وعربين وعين ترما، فضلاً عن أجزاء من حي جوبر الدمشقي المحاذي لها، وذلك بعد تسليم السلاح الثقيل والمتوسط وخرائط الأنفاق. وبعد أن كرر «فيلق الرحمن» مراراً في الأيام الماضية رفضه الخروج من المنطقة، قال الناطق باسمه وائل علوان على صفحته على خدمة «تلغرام»: «بعد الصمود الأسطوري... توصل الفيلق بعد مفاوضات مباشرة مع الروس» إلى الاتفاق. وأضاف أن مجموعته ستطلق أسرى لديها من القوات النظامية. وكان «الفيلق» أعلن ليل الخميس- الجمعة وقف نار في مناطق سيطرته إفساحاً في المجال أمام «مفاوضات نهائية» للتوصّل إلى حل «ينهي المعاناة». وأوضح الناطق في وقت سابق أن المجموعة ستعقد اجتماعاً مع مفاوضين روس، من دون أن يُحدد إن كان سيؤدي إلى انسحاب المقاتلين. وقال: «لا يوجد حتى الآن تصور لما يمكن أن تؤول إليه المفاوضات، لكنها من المفترض أن تجد حلاً ومخرجاً من هذه المعاناة»، متحدثاً عن «وضع إنساني كارثي» مع انتشار «القمل والجرب» في الأقبية. وأكد في تصريحات أن المفاوضات ستركزّ على «إيجاد حل ومخرج يضمن عدم استمرار هذه المعاناة بأي ثمن». وقبل وقف النار، وثّق «المرصد السوري لحقوق الإنسان» مقتل أكثر من 70 شخصاً في قصف على بلدات جنوب الغوطة، بينهم 37 مدنياً قتلوا في غارات روسية على بلدة عربين. وأوضح مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن أن «القصف الروسي بالغارات والقنابل الحارقة تسبب بمقتل هؤلاء المدنيين في الأقبية حرقاً أو اختناقاً». وبعد اتفاقي حرستا والجنوب، لا يزال مصير مدينة دوما في الشمال، الخاضعة لسيطرة الفصيل الأقوى في الغوطة، «جيش الإسلام»، غير معروف، في ظل استمرار المفاوضات فيها مع الجانب الروسي تحت ضغط القصف الجوي. ووفق «المرصد»، فإن هذه المفاوضات قد تؤدي إلى اتفاق يقضي بتحويلها إلى منطقة «مصالحة» وعودة مؤسسات الدولة إليها وبقاء مقاتلي «جيش الإسلام»، من دون دخول قوات النظام. وتتواصل منذ أيام حركة نزوح جماعي من المدينة عبر معبر الوافدين شمالاً، أحد المعابر الثلاثة التي حددتها القوات الحكومية للراغبين بالخروج من مناطق سيطرة المعارضة. ولليوم الثاني، تجمّعت في حرستا 30 حافلة في منطقة تماس عند دوار الثانوية، تقلّ 1902 شخص، بينهم 628 مسلحاً، قبل أن تتحرك ليلاً في شكل جماعي في اتجاه إدلب، كما أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا». وقال رئيس المجلس المحلي في حرستا حسام البيروتي لوكالة «فرانس برنس»، إن «مشهد الناس مبكٍ فعلاً، خرجوا من تحت الركام، من أقبية دفنوا فيها من دون أكل أو خدمات، خرجوا للحياة مجدداً على رغم شعورهم بالخذلان من المجتمع الدولي».