استقبل المجتمع الدولي خطاب رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو بحذر شديد، معتبرا انه خطوة الى امام... لكنها غير كافية، في وقت اعتبرت السلطة الفلسطينية ان نتانياهو «اخرج كل القضايا من التفاوض». ورفض الرئيس حسني مبارك شرط الاعتراف باسرائيل اليهودية، وقال ان ذلك «يزيد من تعقيد الامور ويجهض فرص السلام، ولن تجد من يتجاوب معه في مصر او غيرها»، فيما اعتبر الاردن ان الخطاب «لا يرقى الى ما توافق عليه المجتمع الدولي»، مشددا على ضرورة وقف كل الاجراءات الاسرائيلية الاحادية. واكدت دمشق ان الخطاب تضمن «شروطا مسبقة تفرغ السلام من مضمونه وتحرم الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة والمعترف بها دوليا». واعلن مصدر رسمي سوري ان دمشق «تعتبر هذا الموقف الإسرائيلي بمثابة تأكيد واضح على غياب الارادة الإسرائيلية الحقيقية في صنع السلام في المنطقة وهذا يستدعي من الأشقاء الفلسطينيين العودة إلى التمسك بالوحدة الوطنية الفلسطينية والعمل المشترك على الساحة الفلسطينية... لمواجهة ما تتعرض له القضية الفلسطينية جراء هذه السياسة الاسرائيلية المدمرة». ورحبت الادارة الاميركية بخطاب نتانياهو بوصفه «خطوة كبيرة الى امام»، لكنها ما لبثت ان اعلنت انه «ما زال هناك الكثير الذي يتعين القيام به». وكان لافتاً امس موقف الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون الذي خبر التفاوض مع نتانياهو عن قرب، اذ قال ان مواقف نتانياهو من الدولة الفلسطينية يجب ان تؤخذ لجهة كونها تحركات «افتتاحية»، مضيفاً في مؤتمر صحافي في الأممالمتحدة: «لا تفْرطوا في ردود الفعل عليها» على رغم ان فحواها والشروط منها «مرفوضة تماماً لدى الفلسطينيين». وتابع: «بناء على خبرتي مع نتانياهو، فقد قام بما ظن ان عليه القيام به ليبقي الكرة متحركة وليتجنب العزل التام للمبادرة الاميركية. وأنا اعتقد بان الرئيس باراك أوباما ووزيرة خارجيته والسيناتور جورج ميتشل يتخذون المواقف الجيدة في تحريك الأمور. ما كان من شأنه ان يكون رداً كارثياً هو رد فعل لنتانياهو لا يقبل بحل الدولتين. فلا يوجد خيار معقول بديل عن ذلك». وتبنى وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي امس موقفا قريبا من الموقف الاميركي، اذ اعتبروا ان الخطاب «خطوة الى امام». لكنهم ذهبوا الى ابعد من ذلك عندما تحفظوا عن الشروط المسبقة التي حددها والتي اعتبروا انها «تمثل جزءا من المفاوضات». ودعوا في بيان منفصل قبل استقبالهم وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان، الى ضرورة «الالتزام في شكل لا لبس فيه بحل الدولتين» ووقف النشاطات الاستيطانية في الاراضي المحتلة، بما في ذلك القدسالشرقية. من جانبهم، اعرب الفلسطينيون عن الغضب والاستياء الشديدين من الخطاب، واعتبروا ان السلام بات ابعد من اي وقت مضى. وقال رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات ل «الحياة» ان نتانياهو «اخرج جميع قضايا المفاوضات من التفاوض، ولم يبق لنا ما نتفاوض عليه»، مضيفا انه «لا يريد ان يبحث في موضوع القدس واللاجئين والامن، ولا يريد دولة فلسطينية في حدود العام 1967، كما نصت خريطة الطريق». واوضح ان السلطة باشرت «اتصالات مع الاميركيين والاوروبيين والروس والامم المتحدة والاطراف العربية، وابلغناهم ان نتانياهو لم يترك شيئا للتفاوض عليه». غير ان نتانياهو دافع مجددا امس عن حق اسرائيل في وضع شروط على اقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح بضمانات دولية، وقال لشبكة تلفزيون اميركية ان على الفلسطينيين الاعتراف ب «يهودية الدولة»، مضيفا انه يسعى والرئيس باراك اوباما الى «التوصل الى تفاهم مشترك» في مسألة الاستيطان. وكان خطابه لاقى ترحيباً اسرائيلياً واسعاً على اساس انه ارضى الجميع، واقر حل الدولتين من دون تقديم تنازلات اساسية. ولاحظ المحللون السياسيون ان الخطاب كان «صهيونيا بامتياز»، وانه «حدد سقفا عاليا للمفاوضات لن يتيح اي تسوية انما سيديم الوضع القائم»، وان احتجاجات المستوطنين انما ستصب في مصلحة نتانياهو.