صعّدت تركيا هجومها على منطقة عفرين الحدودية شمال سورية، بهدف طرد المقاتلين الأكراد منها، ما أدى إلى مقتل مزيد من المدنيين، إضافة إلى ارتفاع عدد الفاريّن من المنطقة إلى أكثر من 200 ألف مدني، فيما أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس، أن قواته «باتت قاب قوسين أو أدنى» من الدخول إلى عفرين. وبلغ عدد الفارّين من المدينة منذ الأربعاء الماضي، أكثر من مئتي ألف مدني من بينهم 50 ألفاً أمس خشية من هجوم تركي وشيك. وشوهد الفارّون في طوابير طويلة من السيارات المحملة بالأمتعة والناس على الطريق المؤدي إلى خارج عفرين. من جانبها، قالت المسؤولة الكردية البارزة هيفي مصطفى إن أكثر من 150 ألف مدني غادروا المدينة في الأيام الماضية، مشيرةً إلى أن السكان فروا من المدينة الرئيسة إلى مناطق أخرى يسيطر عليها الأكراد ومناطق تسيطر عليها الحكومة. وذكرت أن الأوضاع مأساوية بالنسبة إلى من هم في الداخل، فيما يبقى من يخرج من النازحين عن عفرين في العراء من دون ملاذ أو طعام. ووصف مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن المشهد ب «المرعب والمخيف»، مشيراً إلى أن «الوضع الانساني كارثي». وفي بلدة الزهراء التي يسيطر عليها مقاتلون موالون للنظام شمال حلب، قال أحد النازحين لوكالة «فرانس برس» إن «الناس ينامون في الجوامع والمدارس وحتى في المحلات، ومنهم من ينام في السيارات أو على جوانب الطرقات». ووثق «المرصد السوري» أمس، مقتل 11 مدنياً في غارة تركية استهدفت عفرين التي تدور معارك عنيفة عند أطرافها الشمالية في محاولة من القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها لاقتحامها إثر تطويقها بشكل شبه كامل قبل أيام. وأتى ذلك غداة مقتل 43 مدنياً في عفرين أول من أمس، من بينهم 16 مدنياً جراء غارة استهدفت المستشفى الرئيس في المدينة، بحسب «المرصد»، لكن الجيش التركي نفى في بيانَين استهداف المستشفى، مؤكداً استهدافه فقط مواقع المقاتلين الأكراد مع «اتخاذ الإجراءات اللازمة كي لا يتأذى المدنيون». وأعلنت رئاسة الأركان التركية التحام الوحدات المتقدمة من الشرق والغرب شمال منطقة عفرين في إطار عملية «غصن الزيتون»، فيما أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس، أن قوات «غصن الزيتون» باتت قاب قوسين أو أدنى من الدخول إلى عفرين». وقال في كلمة أمام مؤيدي «حزب العدالة والتنمية» الحاكم في ولاية ماردين، جنوب شرقي تركيا: «أوشكنا على دخول عفرين، وسنزف لكم البشرى في أي لحظة». وزاد: «نحن نرى الحقائق، وبعدما باتت أكاذيبكم مكشوفة وصناديق الأسلحة والذخائر واضحة، ما هي الأكاذيب التي ستطلقونها؟ كونوا صادقين»، في إشارة إلى أسلحة ترسلها الولاياتالمتحدة إلى الوحدات الكردية. وسأل أردوغان: «هل رأيتم مخازن الأسلحة؟ التي تضم أنواع الأسلحة كافة المقدمة من قبل هؤلاء الذين يتظاهرون بأنهم أصدقاؤنا». وأعلن أن عدد «الإرهابيين الذين تم تحييدهم في إطار عملية غصن الزيتون بلغ 3 آلاف و569 إرهابياً». ولفت أردوغان إلى أنه «عند النظر إلى ما يجري في مدينتي عفرين ومنبج في سورية، وكذلك حفر عناصر حزب العمال الكردستاني خنادق في ولاية ديار بكر أواخر 2015، يتضح أن الهدف من كل ذلك هو استهداف تركيا وزعزعة استقرارها». وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم إن «غصن الزيتون عملية سلام تستهدف الإرهاب، وتهدف إلى حماية أمن حدودنا وأرواح وممتلكات مواطنينا». وأضاف: «كان من الممكن إنهاء هذه العملية في وقت أقصر، إلا أننا نعمل في دقة شديدة كي لا يصاب المدنيون بسوء». وتعليقاً على دعوة البرلمان الأوروبي الخميس تركيا إلى وقف العملية قال يلدريم: «ليس بإمكانهم أن يشرحوا لنا ولا للعالم سبب انزعاجهم من مكافحتنا الإرهاب».