توّحد الحلفاء «الأطلسيين» في تأكيد مسؤولية روسيا عن تسميم العميل الروسي السابق سيرغي سكريبال وابنته يوليا في مدينة سالزبري جنوببريطانيا في 4 الشهر الجاري. واعتبرت لندن وبرلين وباريس وواشنطن في بيان مشترك أن «مسؤولية روسيا هي التفسير الوحيد المعقول للحادث»، وطالبت موسكو بتقديم «كل المعلومات» عن برنامج سم غاز «نوفيتشوك» للأعصاب. وفي نيويورك، أبدت الولاياتالمتحدة خلال اجتماع عاجل عقده مجلس الأمن بطلب من لندن تضامنها مع بريطانيا، وقالت إن «روسيا مسؤولة عن تسميم الجاسوس السابق»، وهو ما رفضه السفير الروسي لدى الأممالمتحدة فاسيلي نبينزيا الذي اتهم لندن ب «شن حرب دعائية ضد موسكو». وفيما أشار وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون إلى أن الشرطة البريطانية «قد تستهدف روسيين فاسدين يمكن أن تصدر أوامر ضدهم تتعلق بحيازتهم ثروات لا تفسير لها، تمهيداً لتقديمهم للعدالة بتهم ارتكاب فساد شديد»، وصفت روسيا مزاعم بريطانيا وحلفائها بأنها «جنون». وأعلن وزير خارجيتها سيرغي لافروف ان موسكو ستطرد ديبلوماسيين بريطانيين قريباً، رداً على قرار لندن طرد 23 ديبلوماسياً روسياً على خلفية الاتهامات. وهو لم يستبعد ارتباط تسميم سكريبال بتعقيد استضافة روسيا نهائيات كأس العالم لكرة القدم الصيف المقبل، علماً أن رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، قالت إن لندن «لن ترسل أي ممثل أو ديبلوماسي أو عضو من العائلة الملكية لحضور نهائيات كأس العالم». كما أمل لافروف بتعافي سكريبال للمساعدة في توضيح ما حدث. وأكد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي أجرى اتصالاً هاتفياً بماي، أنه سيُعلن خلال أيام الإجراءات التي ينوي اتخاذها للرد على الهجوم الذي «توحي كل معلوماته بأنه يمكن نسبه إلى روسيا». وبدا ماكرون والمسؤولون الفرنسيون حذرين في البداية من توجيه اتهام مباشر لروسيا، في موقف معاكس لموقفي المستشارة الألمانية أنغيلا مركل والرئيس الأميركي دونالد ترامب اللذين أكدا لرئيسة الوزراء البريطانية ماي أنهما يأخذان وجهات نظر حكومتها على محمل الجد. ومن المقرر أن يحل ماكرون ضيف شرف في منتدى استثماري في مدينة سان بطرسبرغ الروسية نهاية أيار (مايو)، والذي سيحضره أيضاً وفد فرنسي كبير. لكن مسؤولين في باريس لم يوضحوا إذا كان ماكرون يعتزم الذهاب. في المقابل، نددت ماريا زاخاروفا، الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية، «باتهامات سخيفة ضد روسيا وشعبها، وتضامن دول أخرى مع بريطانيا في قضية سكريبال من دون أن تملك معلومات عن القضية». وكتبت على «فايسبوك» أن «سلوك بريطانيا في ما يتعلق بالخلاف مع روسيا يظهر أن لديها أمراً تخفيه»، علماً أن تعليقها جاء بعد قليل على تصريح وزير الدفاع البريطاني جافين وليامسون أن بلاده ستستثمر 48 مليون جنيه استرليني (67 مليون دولار) في مركز جديد للحرب الكيماوية تابع للوزارة مقره مختبر البحوث العسكرية في مدينة بورتون داون القريبة من موقع حادث سكريبال في سالزبوري. وأكد الناطق باسم الكرملين ديميتري بيسكوف ان رد موسكو «لن يتأخر، وسيتخذ الرئيس فلاديمير بوتين الخيار الأفضل لمصالح روسيا». وأضاف: «إننا قلقون من هذا الوضع الذي يحمل كل مؤشرات الاستفزاز، فيما لا علاقة لنا إطلاقاً بحادث سالزبوري». وكانت وزارة الخارجية الروسية أبدت استعدادها للعمل مع لندن في شأن التحقيق في الهجوم ضد سكريبال، شرط حصولها على عينة من المادة المستخدمة في التسميم. وحملت الصحف الروسية بعنف على رئيسة الوزراء البريطانية ماي، واتهمتها صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» ب «تسميم العلاقات بين لندنوموسكو»، فيما نددت صحيفة «روسيسكايا غازيتا» الرسمية ب «رد فعل يضر بالأعصاب لماي التي اختارت مواجهة موسكو». وأشارت صحيفة «كومرسانت» إلى أن «أزمة العلاقات بين موسكوولندن بلغت ذروة جديد»، متهمة السلطات البريطانية ب «البحث عن ردود سامّة» على تسميم العميل الروسي السابق. وكتبت صحيفة «كومسومولسكايا برافدا» الشعبية أن «تيريزا ماي حاولت اتهام روسيا بكل الخطايا في خطابها أمام البرلمان». وتوقعت صحيفة «موسكوفسكي كومسوموليتس» الشعبية «فترة طويلة من الجمود» في العلاقات الروسية البريطانية، لكنها أكدت أن «روسيا تستطيع تحمل كل ذلك ورأسها مرفوع».