قتل 10 أشخاص وجرح 200 آخرين على الأفل خلال احتفالات «شبيحة» النظام السوري ب «تثبيت» بشار الأسد رئيساً ليل أول من أمس، في وقت اعتبرت المعارضة أن الانتخابات «غير شرعية»، مؤكدة استمرار «الثورة» ضد النظام. وكان رئيس مجلس الشعب (البرلمان) محمد جهاد اللحام أعلن مساء الأربعاء، بعد أقل من 24 ساعة على الانتخابات التي أجريت في مناطق سيطرة النظام، حصول الأسد على «10 ملايين و319 ألفاً و723 صوتاً، أي نسبة 88,7 في المئة من عدد الأصوات الصحيحة». وبحسب اللحام، شارك في الانتخاب أكثر من 11 مليوناً و600 ألف ناخب من أصل نحو 15,8 مليون يحق لهم ذلك في سورية وخارجها. ونال المرشح حسان النوري 4,3 في المئة، وماهر حجار 3,2 في المئة، في حين بلغت نسبة الأوراق الملغاة 3,8 في المئة. وأقيمت الانتخابات في مناطق سيطرة النظام التي يقول خبراء إنها تضم نحو 60 في المئة من سكان البلاد التي اندلعت فيها منتصف آذار (مارس) 2011، احتجاجات ضد النظام، سرعان ما تحولت بعد أشهر إلى نزاع عسكري مع لجوء السلطات إلى القوة في قمعها. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس: «ارتفع إلى 10 بينهم طفل ولاعب كرة قدم ومصور في قناة تلفزيونية، عدد الشهداء الذين قضوا في محافظاتدمشق وطرطوس واللاذقية وحلب، وأصيب أكثر من 200 آخرين في عدة محافظات، بإطلاق نار عشوائي من قبل شبيحة النظام ليل (أول من) أمس الأربعاء ذلك ابتهاجاً واحتفالاً بفوز قاتل أطفال سورية بمهزلة الانتخابات الرئاسية التي أجبر فيها الكثير من السوريين على المشاركة في مهزلة الانتخابات، والتصويت لصالح رئيس النظام السوري». وزاد: «هناك الكثير من العائلات أجبرت على الاقتراع خشية الاعتقال من قبل قوات النظام أو المسلحين الموالين للنظام، على رغم وجود أبناء لهذه العوائل في سجون ومعتقلات النظام السوري، وآخرين استشهدوا على يد النظام وفي قصفه للمناطق السورية». وأفادت «فرانس برس» أن «رصاصات الفرح ابتهاجاً بتجديد انتخاب الأسد أودت في مدينة اللاذقية الساحلية بحياة لاعب منتخب سورية الأولمبي السابق لكرة القدم علي ناصر (27 سنة)»، وهو أحد الموالين للنظام. وقدر نشطاء معارضون عدد القتلى بنحو 30 شخصاً برصاص الموالين والشبيحة. من جهته، أفاد «الائتلاف الوطني السوري» المعارض أن هذه الانتخابات «غير شرعية ولا تمثل الشعب السوري (...) كما يؤكد الائتلاف أن الشعب مستمر في ثورته حتى تحقيق أهدافها في الحرية والعدالة والديمقراطية». وشدد على أن الانتخابات «تستوجب ضرورة زيادة الدعم للمعارضة لتغيير موازين القوى على الأرض وإجبار نظام الأسد على القبول بالاتفاقيات الدولية التي تشكل الأساس للحل السياسي في سورية وأولها بيان جنيف» الذي نص على تشكيل حكومة انتقالية بصلاحيات تنفيذية واسعة. واعتبر «الائتلاف» في بيانه أن النظام يكون بإعلان نتائج الانتخابات «أنهى (...) آخر فصول المسرحية الهزلية، وذلك بإعلان فوز المجرم بشار في انتخابات قاطعها معظم السوريين في الداخل، فيما أجبر الطلاب والموظفون على المشاركة تحت التهديد والوعيد، وقد تم بطبيعة الحال إغفال وشطب أكثر من 9 ملايين نازح ولاجئ في الداخل السوري ودول الجوار». وسبق للمعارضة أن دعت إلى مقاطعة الانتخابات التي اعتبرتها «انتخابات الدم»، معتبرة أن النظام يسعى من خلال إجرائها إلى نيل «شرعية» و»رخصة لاستمرار القتل». كما انتقدت الدول الداعمة للمعارضة هذه الانتخابات، معتبرة أنها «مهزلة». ورأى ناشطون ومعارضون أن بقاء الأسد يعني استمرار النزاع الذي أودى بأكثر من 162 ألف شخص وهجر الملايين. وأعادوا على مواقع التواصل الاجتماعي رفع شعار بداية الاحتجاجات «الشعب يريد إسقاط النظام». وقال ثائر، الذي نشط في مدينة حمص التي كانت تعد «عاصمة الثورة»، لوكالة «فرانس برس» عبر الإنترنت: «كل العالم كان يعرف أن الانتخابات ستبقي الأسد في السلطة. هذا يعني للأسف أن المعارك ستتواصل، الدم سيبقى يسيل، واللاجئون سيبقون في المخيمات» في الدول المجاورة. وأضاف الناشط المقيم حالياً خارج سورية: «الحقيقة أن كل الناس يريدون حلاً سياسياً، إلا أن ذلك لن يتحقق طالما أن الأسد في السلطة، وتالياً السوريون سيستمرون في قتل بعضهم البعض». في المقابل، أفاد مصدر مقرب من النظام وكالة «فرانس برس» أن الأسد سيؤدي اليمين الدستورية أمام مجلس الشعب في 17 تموز (يوليو) المقبل على أن يلقي خطاباً يضمنه برنامجه للولاية التي تستمر سبع سنوات. وبحسب المصدر نفسه، ستقدم حكومة وائل الحلقي استقالتها لتعين حكومة جديدة بدلاً منها. وتصدرت صورة الرئيس الأسد الصفحات الأولى للصحف الرسمية. وتحت عنوان «... وانتصرت سورية»، قالت صحيفة «الوطن» المقربة من النظام أن «الانتصار السياسي اليوم سيليه الانتصار العسكري لتعود سورية أقوى مما كانت (...) ويعود كل السوريين إلى ديارهم ليشاركوا في بناء سورية الجديدة والمتجددة». ورأت صحيفة «البعث» الناطقة باسم الحزب الذي يحكم البلاد منذ العام 1963، أن أمام السوريين «عمل وطني عسكري وسياسي ومجتمعي وإعماري كبير، وسيقومون بإنجازه غير مكترثين كثيراً لقذائف الهاون اليومية التي يطلقها الإرهابيون وللتصريحات السياسية الحاقدة التي يطلقها رعاتهم الموتورون»، في إشارة إلى داعمي المعارضة من الدول العربية والغربية. وكتبت صحيفة «تشرين» الحكومية «اليوم نبدأ معاً: الشعب والجيش والقيادة، رحلة سورية الجديدة التي تحتاج إلى جهد كل فرد من أبنائها، والمعركة القادمة معركة إعادة الإعمار والانتقال إلى المستقبل». دولياً، رأى وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أن إعادة انتخاب الأسد «إهانة للسوريين». وأضاف في بيان أن «الأسد فقد الشرعية قبل تلك الانتخابات وبعدها. ليس لهذه الانتخابات أي علاقة بالديموقراطية الحقيقية». وانتقد إجراء الانتخابات «وسط حرب أهلية وبوجود ملايين الأشخاص الممنوعين عن التصويت ومن الحصول على المساعدة الإنسانية الأساسية تزامناً مع قمع وحشي لأي معارضة»، معتبراً أن ذلك «ليس سوى طريقة للحفاظ على النظام الديكتاتوري، إنها إهانة للسوريين الذين يطالبون بالحرية والتغيير السياسي الحقيقي». وكان نظيره الأميركي جون كيري قال مساء الأربعاء، قبل وقت قصير من إعلان النتائج، إن الانتخابات التي وصفها الغرب مراراً ب «المهزلة»، «لا معنى لها». وزاد إنها «ليست انتخابات. هي عبارة عن صفر كبير. لا معنى لها، إذ لا يمكن أن تكون هناك انتخابات عندما يكون هناك ملايين من الشعب غير قادرين على التصويت ولا يملكون القدرة على الاعتراض، ولا يملكون الخيار». في المقابل، قال الناطق باسم الخارجية الروسية الكساندر لوكاشيفيتش أمس إن بلاده تعتبر أن السوريين اختاروا «مستقبل البلاد» بانتخابهم الأسد في استحقاق لا يمكن التشكيك في «شرعيته». وأضاف: «لا يمكن تجاهل رأي ملايين السوريين الذين توجهوا إلى صناديق الاقتراع على رغم التهديد (...) الإرهابي واختاروا مستقبل البلاد». وأضاف: «لا سبب لدينا للتشكيك في شرعية هذا الانتخاب»، في تصريحات نقلها التلفزيون الرسمي. وأضاف إن مراقبين يرون أن الانتخابات السورية حرة ونزيهة وينتقد رد الفعل الغربي. في طهران، رحبت الخارجية الإيرانية بالطابع «التعددي» للانتخابات واحترامها «المبادئ الديموقراطية» وذلك في بيان نقلته وسائل الإعلام الإيرانية. وجاء في البيان إن «إيران تشدد على احترام تصويت الناخبين السوريين لأنهم هم وحدهم يقررون مصيرهم السياسي». وأضافت طهران إنها ترى في هذه الانتخابات إشارة إلى «عصر أفضل من الاستقرار والوحدة الوطنية» في سورية.