أعلن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع إلى الأممالمتحدة في سورية اليوم (الإثنين) الحاجة العاجلة إلى إجلاء ألف حالة طبية من الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق، حيث تشن قوات النظام هجوماً منذ أسابيع. ويعيش حوالى 400 ألف شخص ظروفاً إنسانية صعبة للغاية في الغوطة الشرقية التي تحاصرها قوات النظام في شكل محكم منذ العام 2013. وفاقم الهجوم الأخير لقوات النظام، والمستمر منذ أسابيع، معاناة المدنيين والكوادر الطبية في ظل نقص هائل في الأدوية والمعدات الطبية. وقالت الناطقة باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية ليندا توم، إن «هناك أكثر من ألف شخص بحاجة إلى إجلاء طبي» موضحة أن «غالبيتهم من النساء والأطفال». ومن بين تلك الحالات، وفق الأممالمتحدة، 77 حالة طارئة تعد «أولوية». ومنذ بدء قوات النظام تصعيدها على الغوطة الشرقية في 18 شباط (فبراير) الذي تسبب في مقتل 1160 مدنياً، لم تسلم المرافق الطبية ولا الطواقم من القصف. وبحسب الأممالمتحدة، تعرض 28 مرفقاً طبياً للقصف، وقتل تسعة من أفراد الطواقم الطبية. وفي دمشق التي ترد الفصائل بإطلاق القذائف عليها، تعرضت خمسة مستشفيات و26 مدرسة للقصف. وتبنى مجلس الأمن في 24 شباط (فبراير) قراراً يطلب وقف النار في سورية لمدة 30 يوماً «من دون تأخير» بهدف السماح بايصال المساعدات وإخلاء الحالات الطبية الحرجة. وتمكنت الأممالمتحدة وشركاؤها من إدخال قافلة مساعدات إنسانية على مرحلتين الأسبوع الماضي، لم تتضمن أي أدوية أو مستلزمات طبية. وكانت منظمة الأممالمتحدة للطفولة (يونيسف) حذرت اليوم، من أن أطفال سورية حالياً عرضة للخطر أكثر من أي وقت مضى مع اقتراب النزاع من بدء عامه الثامن الخميس. وأوردت المنظمة في بيان: «استمر النزاع في سورية بلا هوادة خلال عام 2017، ما أسفر عن مقتل عدد من الأطفال هو الأعلى على الإطلاق- وبنسبة تزيد عن 50 في المئة عن العام 2016». أما العام 2018 فقد بدأ بداية سيئة أيضاً بالنسبة للأطفال. ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل أكثر من 200 طفل في الغوطة الشرقية. ولا يقتصر الأمر على الغوطة الشرقية فقط، إذ إن الأطفال يشكلون ضحايا للنزاع المستمر منذ العام 2011 والذي أسفر عن مقتل أكثر من 340 ألف شخص. وبحسب المنظمة «يواجه الأطفال ذوي الإعاقات خطر الإقصاء والنسيان بغياب نهاية قريبة للحرب». ونقلت المنظمة عن سامي (14 عاماً) طفل من درعا (جنوب) لاجئ إلى الأردن «خرجت للعب في الثلج مع أبناء عمي. أصابتنا قنبلة. رأيت يديّ ابن عمي تتطاير أمام عينيّ. لقد فقدت ساقيّ الاثنتين. توفي اثنان من أبناء عمي وفقد آخر ساقيه». وقال المدير الإقليمي للمنظمة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خيرت كابالاري «في حالات النزاع، يكون الأطفال ذوو الإعاقة من أكثر الفئات هشاشة»، موضحاً أنهم «يواجهون خطراً حقيقياً بالإقصاء والإهمال والوصم مع استمرار هذا النزاع الذي لا ينتهي». ويتعرض، وفق المنظمة، 3.3 مليون طفل في سورية إلى خطر المتفجرات سواء أكانت الألغام أو الذخائر غير المنفجرة. وأشارت المنظمة إلى دمار واسع طاول مرافق تعليمية وطبية جراء 175 هجوماً في العام 2017. وضيقت قوات النظام السوري اليوم الخناق على ما تبقى من بلدات تحت سيطرة الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية. واستكملت قوات النظام اليوم تقدمها باتجاه مناطق أخرى أقرب من دمشق. وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن إنه «بعد السيطرة على مديرا الأحد، استخدمت قوات النظام هذه البلدة كنقطة انطلاق باتجاه حرستا وعربين»، مشيراً إلى أن الغارات الجوية تركزت على البلدتين الواقعتين غرب الغوطة الشرقية بمحاذاة دمشق. وأوضح عبدالرحمن أن حرستا التي تسيطر قوات النظام على جزء منها باتت «معزولة في شكل كامل ومطوقة من أربع جهات». وتمكنت قوات النظام قبل يومين من تقسيم الغوطة الشرقية إلى ثلاثة أجزاء: دوما ومحيطها شمالاً تحت سيطرة «جيش الإسلام»، حرستا غرباً حيث تتواجد «حركة تحرير الشام»، وباقي المدن والبلدات جنوباً ويسيطر عليها فصيل «فيلق الرحمن» مع تواجد محدود ل «هيئة فتح الشام» (النصرة سابقاً). في مدينة دوما، كبرى مدن المنطقة، أفاد مراسل فرانس برس عن هدوء صباح الإثنين استغله المدنيون ليخرجوا من الأقبية ويتفقدوا منازلهم ويحضروا منها بعض الحاجيات. ونقل مشاهدته لمدنيين يسيرون بين ركام الأبنية المدمرة، منهم من يشتري الخضار من متجر محلات قليلة فتحت أبوابها وآخرين وقفوا في طابور أمام متجر لشراء اللحم. وباتت اللحوم من المواد الغذائية النادرة المتوافرة في دوما، مع توافد نازحين مع مواشيهم إليها قادمين من مناطق زراعية سيطر عليها الجيش السوري. وفي منتصف اليوم، عادت الطائرات لتحلق في أجواء المدينة. وتستهدف الفصائل المعارضة في المقابل مدينة دمشق بالقذائف وإن كانت تراجعت الوتيرة تدريجاً مع تقدم قوات النظام في المنطقة.