نيودلهي – رويترز - تستأنف الهند الروابط الدفاعية مع الصين والتي جمدت لمدة سنة، وذلك نتيجة زيارة وفد عسكري هندي لبكين امس، لكن لا يتوقع كثيرون أي انفراج في الوقت الذي تستمر فيه الصين بصداقتها مع باكستان العدو اللدود للهند. لكن محللين اعتبروا الزيارة التي تنهي تعليقاً لمثل هذه الروابط بعد خلاف بسبب التأشيرات في العام الماضي، خطوة الى الأمام في تحقيق توازن في العلاقات بين البلدين اللذين يتنافسان على النفوذ والموارد في العالم. وتشعر نيودلهي أن بكين تحاول تطويق الهند وجعل تحركها مقتصراً على جنوب آسيا بسلسلة من القواعد العسكرية بامتداد سواحل المحيط الهندي. والصين أكبر مزود لباكستان بالأسلحة وهي القوة الكبرى الرئيسة التي لم تنتقد اسلام آباد علناً في ما يتعلق باكتشاف وجود أسامة بن لادن زعيم تنظيم «القاعدة» في البلاد. وفي حين أن العلاقات التجارية والديبلوماسية بين الهند والصين في انتعاش، فإن الافتقار إلى التعاملات الدفاعية يمثل عيباً يرى محللون أن من الضروري علاجه حتى يحقق أسرع اقتصادين نمواً في العالم سلاماً دائماً. وقال عدي بشكر مدير المؤسسة البحرية الوطنية، وهو مركز أبحاث مقره نيودلهي: «إنها خطة رمزية وأرحب بها بحذر. إنها لا تمثل أيَّ انفراج في حل النزاعات». وأضاف: «يرجع انعدام الثقة الى القلق البالغ إزاء التعاون العسكري (بين باكستان والصين) وكيف تستغل باكستان ذلك في تعميق أهدافها في مجال الإرهاب». وفي حين أن من غير المرجح بصورة كبيرة قيام حرب بين الهند والصين، فإن أي تصعيد للأوضاع سيزيد من التوترات في منطقة خطيرة وسيعقد جهود واشنطن في تحقيق الاستقرار في المنطقة المليئة بالأسلحة النووية والتشدد الإسلامي. وقال سريكانت كوندابالي أستاذ الدراسات الصينية في جامعة جواهرلال نهرو في نيودلهي، ان «عدم إجراء محادثات على المستوى الدفاعي يرمز الى عدم الثقة. إنه يذكي المزيد من الريبة إذا لم تكن هناك محادثات». وجرى تعليق الاجتماعات العسكرية في العام الماضي بعدما رفضت الصين منح تأشيرة إلى جنرال مقيم في كشمير. ويثور غضب نيودلهي من أي تلميح إلى أن هذه المنطقة المتنازع عليها والتي تستعر بها حركة انفصالية منذ نحو 20 سنة ليست جزءاً من الهند. ويتوجه فريق من ثمانية أعضاء برئاسة جنرال إلى بكين ومدينة أورومتشي في غرب البلاد لمدة خمسة أيام. وتربط علاقات سلمية بين الهند والصين منذ حرب قصيرة دارت عام 1962 والتي انكشفت فيها نقاط ضعف الجيش الهندي. وبدأ الصراع في صورة خلاف حول حدود في منطقة الهيمالايا تمتد نحو 3500 كيلومتر بين البلدين. وزادت حدة الخلاف عندما رحبت نيودلهي عام 1959 بالدلاي لاما الذي فر من التيبت بعد انتفاضة فاشلة ضد الحكم الصيني. وقال بشكر: «مرت الهند بتجربة عام 1962. لم نتغلب عليها، ونحن الطرف الأضعف في هذه العلاقة». وتتجلى أشباح الحرب الماضية بوضوح في العلاقات التجارية، إذ ينظر الى الشركات الصينية على أنها تدخل الهند لإقصاء المصنعين الهنود بالمنتجات الرخيصة. وتواجه شركات مصنعة لمعدات الاتصالات مثل «هواوي» مهمة صعبة بشكل متزايد في بيع منتجاتها خشية استخدام المعدات للتجسس على الهند. وعارض المصرف المركزي الهندي صراحة خفض قيمة عملة اليوان بأكثر مما يستحق ويشكو مسؤولون من العجز التجاري الهائل بين نيودلهي وبكين لصالح الصين نظراً الى بيعها مواد خام وشرائها بضائع في صورتها النهائية. وعلى الرغم من تلك الشكوك، فإن الصين هي اكبر شريك تجاري للهند وتعاون البلدان في قضايا تتراوح بين الإصلاح المالي العالمي والتغير المناخي. وقبل فترة قصيرة احتجت الهند والصين إلى جانب البرازيل وروسيا وجنوب افريقيا على استئثار أوروبا بمنصب مدير صندوق النقد الدولي. وستمهد الزيارة الطريق للمحادثات السنوية المقررة بين وكيلي وزارة الدفاع في كل من الهند والصين. وقال بشكر: «كبار الجنرالات في الهند لا يحددون السياسية، يمكن أن يحدث ذلك فقط على المستوى السياسي. لكن في ظل هذا التفاهم ينشأ مجال للتقارب السياسي».