القاهرة - أ ف ب - يجمع الخبراء على ان النظام السوري يظهر خلافاً للانظمة الاخرى التي طاولها «الربيع العربي» تماسكاً لافتاً في مواجهة حركة احتجاجية غير مسبوقة، غير انهم يختلفون حول قدرته على المقاومة في حال استمرت الاضطرابات. وعلى خلاف ما جرى في تونس ومصر واليمن وليبيا حيث ظهرت الانشقاقات والخلافات في شكل سريع، لم تحصل في سورية اي تصدعات في قمة هرم الدولة او في قيادة الجهاز الامني على رغم الادانة الدولية. ويشير الخبراء بهذا الصدد الى ان لحمة النظام السوري تقوم على بنية متقاربة. وأوضحت مؤسسة «اكسكلوزيف اناليسيس» المتخصصة في دراسة المخاطر ومقرها في لندن لوكالة «فرانس برس» ان «بشار الاسد لا يقود البلاد وحده. القرارات الكبرى المتعلقة بالتصدي للاضطرابات تتخذها مجموعة قيادية صغيرة تضم عائلة الاسد وحلفاءه الاساسيين في الجهاز العسكري الامني». وتابعت شركة الدراسات «ثمة اتفاق في ما بينهم على المسائل الجوهرية»، مشيرة إلى ان السلطات تهمين على الدولة والاقتصاد من خلال حزب البعث والجهاز الامني العسكري، وليس هناك اي خلاف كبير داخل النخبة الحاكمة حول وجوب استخدام القوة على نطاق واسع لقمع الاضطرابات». وهو الرأي الذي عبر عنه توما بييريه المتخصص في شؤون سورية والذي سيعلم في جامعة ادنبره اعتباراً من ايلول (سبتمبر). ويقول: «إن كل افراد العائلة الحاكمة يعلمون ان النظام غير قابل للاصلاح، وتحديداً بسبب طبيعته العائلية. يمكن اصلاح نظام متسلط حين يكون مستنداً الى مؤسسات متينة، لكن ليس حين يقوم على نسق عائلي». غير ان الخبراء يختلفون حول قدرة النظام على الحفاظ على لحمته وتماسكه، وتقول شركة اكسكلوزيف اناليسيس «يبدو حتى الآن ان الدولة تسيطر على البلد ولم تحصل انشقاقات على مستوى عال، لكن من غير الممكن استمرار الوضع الراهن: فإما ان تهدأ الاضطرابات او ان تنفجر الدولة او يحصل انقلاب». وقالت باسمة قضماني مديرة «مبادرة الاصلاح العربي» إن «النظام يمكنه البقاء في السلطة لبعض الوقت، لكن اعتقد انه يفقد السيطرة على الارض تدريجياً لأن قوات الامن لا يمكن ان تكون في كل مكان في وقت واحد». وتابعت ان «ما يجعله يفقد السيطرة على الارض ان النظام يعالج الوضع على اساس بؤر يحاصرها ويخنقها ويقمعها، لذلك اعتمدت المعارضة استراتيجية تقوم على اقامة عدة بؤر». لكن خبراء آخرين ابدوا المزيد من الحذر. وقال توما بييريه «يمكن نظرياً ان يتغلب تصميم المتظاهرين على النظام اذا ما تمكنوا من ارغام الجهاز العسكري على التشتت على مساحة كبيرة جداً، لكن هذا يفترض اشتداد الحركة، وهو امر غير مؤكد اطلاقاً». وقال الاستاذ فولكر بيرتيس مدير المعهد الالماني للشؤون الدولية والامنية إن «النظام لم ينته بالتأكيد، ولن يستسلم بسهولة». وتابع بيرتيس الذي الف كتاباً بعنوان «سورية في عهد بشار الاسد» متحدثاً ل «فرانس برس»: «ما زال لديه الكثير من المؤيدين بينما المعارضة ضعيفة وبدأت للتو تنظم نفسها على الساحتين الوطنية والدولية. لكننا في الوقت نفسه تخطينا نقطة لا عودة لأن الكثير من الدماء اريقت»، موضحاً انه حتى إذا تم إنهاء الاحتجاجات، فإن النظام سيخرج معزولاً وستعاني سورية بسبب ذلك.