يشارك هذا العام في الامتحانات الرسمية في الجزائر نحو 6 آلاف سجين مقسمين بين ألفي راشد للمرحلة الثانوية التي انطلقت قبل أسبوعين، و3913 سجيناً قاصراً (أحداث) للمرحلة المتوسطة التي انتهت الأسبوع الماضي وفق المكلفة بالإعلام في وزارة العدل. وكان وزير العدل الجزائري الطيب بلعيز ذكر أن «ما يدفع المساجين إلى المشاركة بهذه الامتحانات هو الحرية التي يحصلون عليها لدى نجاحهم». وكانت الجزائر أولت منذ 2003 اهتماماً كبيراً بتعليم المساجين وتكوينهم من أجل إعطائهم مفاتيح الإدماج الاجتماعي وضمان عدم عودتهم إلى السجون. ووضعت من أجل ذلك عدداً من المحفزات على رأسها العفو الكلي أو الجزئي عن السجين الحاصل على الشهادة وتمكينه من مواصلة الدراسة في الجامعة. ويصر المسؤولون الجزائريون على تغيير نظرة المجتمع للمساجين الذين يجتهدون من أجل الظفر بشهادة تسمح لهم بتغيير وضعيتهم وبناء مستقبل مختلف عما تمنحه لهم السجون. ويعرف التعليم والتأهيل داخل المؤسسات العقابية الجزائرية إقبالاً متزايداً خصوصاً من السجناء الشباب الذين بلغ عددهم قبل سنتين قرابة 41 ألف نزيل بمن فيهم الذين يزاولون دروس محو الأمية وهو ما يساوي حوالى نصف نزلاء السجون الجزائرية وفق تصريح سابق للمدير العام لإدارة السجون مختار فليون. وفي الوقت نفسه، تشهد لوائح النجاح في شهادتي البكالوريا وشهادة التعليم المتوسط ارتفاعاً مطرداً، إذ قفز عدد الناجحين في البكالوريا من 86 في 2003 إلى ما يزيد عن 500 في 2009 بينما ارتفع عدد الناجحين في الشهادة المتوسطة من 62 في 2003 إلى أكثر من 1400 في 2009، أي بعد ست سنوات فقط. وخلال مناسبات عدة صرح وزير العدل وحافظ الأختام بأن السياسة العقابية في الجزائر مبنية على التقويم من أجل مساعدة المساجين على العودة إلى الحياة الاجتماعية وهجر السجون نهائياً، داعياً في مناسبات عدة العائلات إلى مساعدة الأبناء في تخطي مرحلة العقوبة والعمل مع مراكز إعادة التأهيل من أجل إنجاح ادماجهم في الحياة العملية والاجتماعية. واستفاد الناجحون في شهادة التعليم المتوسط من خفض العقوبة إلى 24 شهراً بينما يستفيد الناجحون في البكالوريا عادة من العفو الكلي أو الجزئي الذي يصدر عن رئيس الجمهورية بموجب مرسوم خاص. ودرج كل من وزير العدل ووزير التربية على تكريم المساجين الناجحين في شهادتي البكالوريا والتعليم المتوسط كل سنة من أجل تشجيع زملائهم على متابعة الدراسة والتكوين المهني، اضافة الى تكريم المؤسسات العقابية التي حققت أعلى نسب نجاح أيضاً. ووفق الأرقام التي قدمتها وزارة العدل، فإن عدد الناجحين في البكالوريا تخطى عتبة 43 في المئة مقابل 45 في المئة بالنسبة الى الناجحين في شهادة المتوسط. ويعتبر المسؤولون أن لهذه الأرقام الأثر البالغ في تغيير ذهنيات المساجين وتفكيرهم في حياتهم بعد انقضاء مدة عقوبتهم والإفراج عنهم. وتراهن الدولة على إخراجهم من المؤسسات العقابية من دون عودة والتقليل من عدد النزلاء الكثر الذين تكتظ بهم السجون الجزائرية المعروفة بكثرة شاغليها وهي نقطة سوداء كبيرة تسعى الجزائر إلى معالجتها بطرق مختلفة. وتجدر الإشارة إلى أن غالبية المساجين الذين يكرمون سنوياً على نجاحهم، تتراوح أعمارهم بين 20 و30 سنة، علماً ان عدد الذين تابعوا تكويناً داخلياً عام 2009 فاق 20 ألف نزيل، في حين لم يتجاوز عدد الذين زاولوا تكويناً نصف خارجي 352 نزيلاً في 131 مؤسسة عقابية تقدم 84 تخصصاً مختلفاً. وكان وزير العدل ذكر أن الكثير من المساجين مسجلون في الجامعة يغادرون السجن نهاراً للدراسة ويعودون إليه مساء بينما تجاوز عدد الناجحين المستفيدين من الحرية 200 سجين.