رواية جديدة لوزير الثقافة المغربي بنسالم حميش صدرت حديثاً بعنوان «مجنون سمية» عن دار الآداب. من العنوان، يمكن استشفاف أن الروائي المغربي يتماهى مع مجانين العشق الكبار، أمثال «مجنون ليلى» و «مجنون إلزا». وسمية هذه، كما يكشف الفصل الثالث من الرواية، ليست سوى موظفة شبح، رمت بها رياح الصدف والقدر بين أرجل البطل السارد: بنسالم، غير أنها تتحول بين عشية وضحاها إلى أقوى امرأة في حياته... فهو أمامها مسلوب الإرادة، فاقد الشخصية، مثل أي خادم خنوع لا حول له ولا قوة أمام جبروت سيده. تقع الرواية في 245 صفحة، وهي في مجملها رحلة عبر التاريخ، حيث لقاء حميش بالحاكم بأمر الله، الذي هنأه على التماهي الناجح الذي حققه مع شخصيته لما كان البطل السارد وزيراً للثقافة في حكومة عباس الفاسي، فيقول له مداعباً: «لقد نجحت واللهِ في إثارة الفتن والقلاقل كما لم يثرها قبلك لا الشاعر محمد الأشعري ولا الفنانة ثريا جبران، وكنتَ موفقاً في زرع بذورالتوتر مع الكتّاب والفنانين والمسرحيين». رواية «مجنون سمية» تصور كذلك البطل بنسالم في رحلة بحث مضن للقاء «العلامة» ابن خلدون والسفر وراءه إلى تونس زمن ولاية الباجي قائد السبسي، الذي ما إن علم بمجيئه حتى أصدر أوامره برفض دخوله بلاد تونس، لكونه شخصية غير مرغوب فيها وتنتمي للعصر الفيودالي البيروكي، بخاصة مع الإعلان عن الفتوى التي أجازها ابن خلدون بتبرؤه من حميش وسخطه في الدنيا والآخرة على محتقر الكتاب والعلماء والفنانين. واللافت أن المؤلف وُفِّق في استيحاء شخوص الرواية وفضاءاتها من عصور وأزمنة مختلفة، حيث العهد العباسي والفاطمي يتداخلان ومرحلة ما بعد 20 فبراير، إذ يكتشف البطل السارد رفض أصدقائه السلام وردّ التحية عليه، بمن فيهم صديقه الحميم محمد وقيدي وأحمد اليابوري، بسبب طرد البطل بنسالم لابنته نزهة اليابوري من كتابته الخاصة لما كان وزيراً للثقافة. لا يكتب حميش ليؤرخ أو ليتفلسف، بل يكتب راغباً في استدعاء القارئ وإشراكه في تتبع مصير البطل الرئيس، الذي ليس سوى الكاتب نفسه، وهو يجتهد في مراكمة الجنون والإفراط في حب» سمية»، التي تنتهي بها الأقدار مضرجة بالدماء بعد أن يكتشف زوجها خيانتها له على أريكة في المكتب الوزيري الكائن في زنقة غاندي بالرباط .