تضع الاجهزة الاستخبارية الاسرائيلية احتمال خطر اندلاع مواجهة مع "حزب الله" على رأس تكهناتها، على رغم وجود تقديرات أخرى بأن فرص اندلاع حرب بين اسرائيل وإحدى جاراتها تقلصت في شكل كبير. وتحت عنوان "لماذا بدأ حزب الله التهديد بإحتلال الجليل"، نشرت صحيفة "هآرتس" تقريراً تناولت فيه الاوضاع على الحدود الشمالية، وتحديدا تجاه "حزب الله"، مشيرة فيه الى انه "على رغم حدوث توازن في الردع بين اسرائيل وحزب الله منذ انتهاء حرب تموز (يوليو) 2006، إلا ان حوادث السنة الأخيرة والهجمات الجوية على قوافل الأسلحة واغتيال مسؤولين كبار من "حزب الله"، والتي ينسبها الحزب الى اسرائيل. بالاضافة الى تفجير العديد من العبوات الناسفة في منطقة مزارع شبعا والجولان، والتي تعتبر إسرائيل ان "حزب الله" المسؤول عن هذه الافعال. كل هذه دلائل على ان الهدوء لن يطول على الحدود الشمالية لفترة طويلة". وعن تصور الجيش الاسرائيلي لحرب لبنان الثالثة في حال اندلاعها، نقلت الصحيفة عن مسؤولين عسكريين توقعاتهم بأن يحاول حزب الله تكرار استراتيجيته التي تضمن له نوعاً من النتيجة المتساوية مع اسرائيل كما في الجولة الأخيرة من حرب 2006، بمعنى آخر الانتصار من خلال عدم الخسارة. وتضيف الصحيفة الاسرائيلية: "حزب الله واصل قصف إسرائيل بالصواريخ على مدار 34 يوماً، وعدم رفعه الراية البيضاء امام تقدم الجيش في جنوبلبنان، تجعل الحزب يعتقد انه انتصر في المعركة، وسيكرر ذلك في المرة المقبلة، وسيخوض حرب استنزاف ضد الجبهة الداخلية الإسرائيلية من خلال اطلاق عشرات آلاف الصواريخ، وتأخير العملية العسكرية لمنع إسرائيل من تحقيق انتصار ساحق". ونقل عن ضابط في شعبة الاستخبارات العسكرية سيناريو اخر يتحدث فيه عن امكان تغيير "حزب الله" استراتيجيته، والسعي الى ادارة حرب ضد اسرائيل من نوع مختلف. ويقول الضابط: "هناك دلائل تشير الى أن حزب الله يدرس العمل على تقصير المعركة في المرة المقبلة بواسطة عمليات برية داخل الأراضي الإسرائيلية". ويضيف: "على رغم ان هذه التصريحات تبدو متغطرسة، وربما غير واقعية، الا انه يجب على إسرائيل التعامل معها في الشكل المناسب، لأنها يمكن أن تدل على نوايا حزب الله. فاستراتيجية الانتصار من خلال عدم الخسارة عكست فهماً عميقاً من قبل حزب الله للتفوق الاسرائيلي، من النواحي التكنولوجية والاستخبارية والجوية، والقدرة على تحقيق اصابات دقيقة وقاتلة". ويتابع الضابط: "حزب الله فهم نقطة ضعف اسرائيل، لاسيما الحساسية العالية لوقوع اصابات في الجانب الثاني من المتراس، وعدم الرغبة في إدارة معركة طويلة والسعي الى تحقيق انتصار حاد وواضح. ولذلك يسعى حزب الله الى اطالة فترة الحرب واظهار حقيقة صموده فيها حتى النهاية". ويضيف انه "تمت ترجمة هذه الأفكار الى ثلاثة مبادئ أساسية: تحسين القدرة على الاستيعاب ومصارعة البقاء (من خلال الاختباء في الأقبية وفي القرى والمحميات الطبيعية في المناطق المفتوحة)، اصابة الجبهة الداخلية الإسرائيلية (بواسطة كميات الصواريخ الهائلة والمتنوعة)، وبناء قدرات على تأخير تقدم الجيش (بواسطة العبوات الناسفة والصواريخ المضادة للدبابات وقذائف الهاون)". واشار الى أنه "ومنذ انتهاء الحرب يواصل حزب الله التزود بالوسائل القتالية وتعزيز قدراته العسكرية. وفي المقابل، يستعد الجيش الإسرائيلي لمواجهة اخرى من خلال اعادة بناء قوته، في شكل يتفق مع فهم نوايا الحزب. وعليه ستسعى اسرائيل الى تقصير المعركة، واصابة الكثير من الاهداف في شكل عاجل وتقليص قدرته على اصابة الجبهة الداخلية الاسرائيلية". ويتطرق الضابط الاسرائيلي الى ما سبق ونشره حزب الله عن خطة عسكرية لاحتلال الجليل ويقول: "الخطة كانت واضحة وتشمل وصفا لتضاريس الجليل والمدن المركزية فيه، والاهداف التي يمكن قصفها (قاعدة للتنصت، قاعدة لسلاح الجو، مصافي البترول في حيفا وغيرها)". وأضاف: "اجرى حزب الله تدريبا كبيرا بمشاركة عشرة آلاف محارب، وعليه، فإن السؤال الذي يجب ان يطرح اليوم، ليس ما اذا كان حزب الله يستطيع تنفيذ هذه الأفكار، انما الاشارة والتأكيد انه يعمل عليها، وهذا يعتبر إشارة تحذير تدل على حدوث تغيير في نموذج الحرب لدى حزب الله". ونقلت الصحيفة عن الضابط قوله ان "مشاركة حزب الله في الحرب السورية تقربه من تبني المفاهيم الهجومية في الحرب ضد إسرائيل. وهذا يعني انه يمكن للحزب السعي الى مواجهة من نوع آخر، فبدلاً من الرد على مبادرة اسرائيلية والصمود في الهجوم، يمكنه ان يبادر الى شن هجمات والسيطرة على أراض واستهداف مواقع منوعة في شكل اكبر داخل إسرائيل". وبحسب الصحيفة الاسرائيلية، فإنه في حال غير حزب الله استراتيجيته، فسيكون لذلك ابعاد جوهرية بالنسبة لإسرائيل. وسيضطر الجيش الى توقع محاولة حزب الله تقصير المعركة من خلال فرض وقائع على الأرض، كالهجوم على بلدات في الجليل، واعداد الجبهة الداخلية لهجوم مركز على الحدود، والاستعداد لإمكان قيام حزب الله بشن هجوم مفاجئ، يمكنه ان يشكل محاولة لإنهاء الحرب قبل بدايتها.