في الوقت الذي لم يردعه صوت المؤذن لإحدى الصلوات عن محاولة ارتكاب جريمته البشعة في حق طفلة لم تتجاوز التاسعة من عمرها حاول اختطافها من أمام إحدى قاعات الأفراح ليغتصب براءتها كان هذا الصوت هو أحد الدلائل التي أنهت عرض مسرحية الرعب التي كان بطلها مفترس براءة نحو 14 طفلة امتدت فصولها لثلاثة أعوام مضت. وكشفت أقوال إحدى ضحايا الذئب البشري في محافظة جدة التي استدلت على صوت المؤذن لصلاة العشاء الذي ظل راسخاً في مسامعها، خيطاً مهماً لفضح فصول الجريمة التي تجمعها شرطة المحافظة طيلة الفترة الماضية للإيقاع بالجاني الذي كان حريصاً على عدم ترك دليل أو بصمة ترشد الأجهزة الأمنية عليه. وقال مدير شرطة محافظة جدة اللواء علي بن محمد السعدي الغامدي ل«الحياة»: «إن ملف الجاني أحيل إلى هيئة التحقيق والادعاء العام، إذ أن كل المعطيات ومنها نتائج تحاليل DNA وعرضه على الضحايا والتعرف عليه تؤكد إدانته في الجريمة فيما يسجل اعترافه في وقت لاحق»، ونفى تلقي شرطة المحافظة أي بلاغات جديدة عن ضحايا لهذا الجاني عدا المسجلة سابقاً، مؤكداً أن أي بلاغ يتم التأكد من صحته من خلال وقائع حقيقية تبدأ بالتعرف على الجاني وعمل التحاليل اللازمة والتعرف على المنزل أو الموقع الذي مارس فيه الجاني جريمته. وعن تمثيل الجاني لجرائمه في اغتصاب القاصرات، أشار اللواء الغامدي إلى أن مثل هذا الإجراء يتم في مرحلة لاحقة بعد استكمال الأدلة كافة عليه والمتضمنة على الأدلة الجنائية والتعرف عليه من جانب الضحايا والسيارات التي استخدمها في نقل ضحاياه والمواقع التي مارس فيها جرائمه. وفي رد على عرض المجني على مصحة للتأكد من سلامة قواه العقلية، نفى اللواء الغامدي وجود أي دلائل على اختلال عقلي لدى الجاني الذي يعد طبيعياً، خصوصاً وأنه يعمل في مجال التدريس، إلا أنه وصف حال الجاني بمعاناته من الشذوذ الاجتماعي، مضيفاً أنه من الممكن دراسة أسباب تصرفاته من جانب المختصين، لأن جريمته تعتبر تصرفاً شاذاً لا يمكن أن يمارس من جانب أي شخص لديه وازع ديني واجتماعي. ونوه بالجهود الأمنية التي بذلت خلال الفترة الماضية في البحث والتحري للتوصل إلى الجاني، مؤكداً أنه كان حريصاً على عدم ترك أي أثر يدل على شخصيته أو موقعه، وهناك بعض القضايا تمتد عمليات التحقيق والتحري فيها لسنوات، لعدم وجود أدلة أو معطيات تقود إلى الجاني، إلا أنه لا يمكن لأي جان أن يستمر في ممارسة جريمته من دون أن يقع في شر أعماله ولا توجد لدينا قضايا تسجل ضد مجهول. من جانبها، حذرت الاختصاصية النفسية رئيسة مجلس إدارة جمعية حماية الأسرة سميرة الغامدي من نشر صور الضحايا أو حتى صورة الجاني بشكل واضح من خلال وسائل الإعلام المختلفة والذي من شأنه أن يزيد من المعاناة النفسية للمعتدى عليهن والتي من الممكن أن تستمر آثارها طوال العمر وتتسبب لهن في مشكلات نفسية. وقالت: «إن هذا لا يقتصر على المجني عليهن فقط، فهو ينطبق على الجاني أيضاً الذي تعد أسرته ضحية من الضحايا لما قام به، خصوصاً الأبناء، فنشر صورة الجاني ستكون له آثار نفسية واجتماعية على أبنائه». وأشارت إلى أن المملكة جزء من العالم وما حدث يمكن أن يقع ومحتمل حدوث، إلا أن الخوف من نظرة المجتمع قد يقود البعض إلى عدم إبلاغ الجهات الأمنية والسكوت، خشية من النتائج المترتبة على نظرة المجتمع للفتاة والأسرة، ولم تستبعد أن تكون أعداد ضحايا مفترس الطفولة الذي اغتصب براءة نحو 14 طفلة أكثر من ذلك بكثير، فهذه الأعداد هي التي تألمت وكانت حريصة على أن يضبط الجاني ويعاقب، متوقعة أن تزيد أعداد البلاغات بعد القبض عليه. وقالت: «إن الجاني يعاني من حال تعنيف والتي عادة لا تظهر في تصرفاته اليومية من خلال تعاملاته في المجتمع، إلا أنها موجودة وكامنة لديه ويمارسها من وقت لآخر». وأوضحت أن الجمعية تقدمت بمبادرة لاحتواء الضحايا والبدء في برنامج تأهيل نفسي واجتماعي من خلال مختصين ومختصات لتخطي هذه المرحلة وحمايتهن من تفاقم هذه المشكلة، مضيفة أن هناك قلة وعي لدى بعض أفراد المجتمع في إرشاد أبنائهم وبناتهم في طرق التعامل الصحيحة في حال التعرض لهم وكيفية حماية أنفسهم وعدم تصديق أي شخص يريد التغرير بهم .