أوصى فريق من الأممالمتحدة معني باستخدام المرتزقة العراق بتنظيم ومراقبة أنشطة الشركات الأمنية الخاصة المسؤولة عن خروقات كثيرة، فيما أكد وزير الدولة لشؤون حقوق الإنسان وجود اقتراح لرفع الحصانة عن هذه الشركات. وقال رئيس فريق الأممالمتحدة المعني باستخدام المرتزقة خوسيه لويس غوميز ديل برادو في اختتام زيارة لبغداد: «ينبغي أن تستمر حكومة العراق في تنظيم ومراقبة أنشطة الشركات العسكرية والأمنية الخاصة التي يتوقع أن تواصل عملياتها في البلاد». وجاء في التقرير الذي رفعه الى الأمين العام للأمم المتحدة أنه «خلال العقد الماضي، كان العراق مسرحاً رئيسياً لعمليات الشركات العسكرية والأمنية الخاصة، وقد ارتكبت سلسلة من الحوادث البارزة التي اضطلعت بها مثل هذه الشركات، مثل حادثة إطلاق النار في ساحة النسور عام 2007». ودعا الى «الانتباه إلى التأثير السلبي لأنشطة تلك الشركات في حقوق الإنسان في العراق، حيث دفعت هذه الحوادث والانتهاكات فيه وفي مناطق أخرى من العالم إلى بذل الجهود لضمان مساءلة الشركات الأمنية وموظفيها». وتوصل الفريق الدولي إلى معلومات تشير إلى أن «عدد الحوادث التي تتسبب بها الشركات العسكرية والأمنية الخاصة انخفض في السنوات الأخيرة، ويعزى ذلك إلى عوامل عدة، كتراجع أنشطتها العسكرية في العراق وتشديد الإجراءات التنظيمية والجهود التي تبذلها الولاياتالمتحدة لتشديد الرقابة على الشركات الأمنية الخاصة المتعاقدة معها والعاملة في العراق». وتابع انه «على رغم تراجع عدد الحوادث، ما زال العراق يعاني من تمتع المتعاقدين الأمنيين في القطاع الخاص بالحصانة القانونية بموجب الأمر رقم 17 الصادر عن سلطة الائتلاف الموقتة، فقد منعت هذه الحصانة الملاحقات القضائية في المحاكم العراقية ولم تكن الملاحقات القضائية في البلدان الأصلية لهذه الشركات ناجحة، وبعد مرور أربعة أعوام على حادثة ساحة النسور، ما زالت الدعوى ضد الجناة معلقة في محاكم الولاياتالمتحدة». وجاء في تقرير فريق الأممالمتحدة أن «في اتفاقية وضع القوات المبرمة بين العراق والولاياتالمتحدة عام 2009 مادة ترفع الحصانة عن بعض المتعاقدين الأمنيين الأجانب ومع ذلك ليس واضحاً إذا كان ذلك يشمل رفع الحصانة عن جميع المتعاقدين مع حكومة الولاياتالمتحدة وما إذا كان يتم تطبيق ذلك تطبيقاً تاماً في المحاكم العراقية». وأكد ديل برادو أن «إلغاء الحصانة لا يساهم في توفير العدالة لهؤلاء الذين كانوا ضحايا للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي وقعت قبل عام 2009». وما زال أمر سلطة الائتلاف الموقتة رقم 17 يشكل الأساس القانوني الذي تعتمده حكومة العراق في تنظيم عمل الشركات العسكرية والأمنية الخاصة، وفي رأي الفريق العامل، لا يمثل هذا القانون أساساً قوياً لتنظيم عمل تلك الشركات، وقد وضع العراق تشريعاً ينظم عملها ولكنه ما زال معلقاً منذ عام 2008. وحض الفريق «حكومة العراق على إقرار هذا التشريع باعتباره مسألة ذات أولوية»، معرباً عن قلقه «إزاء تقارير تفيد بأن الحكومة طلبت من الشركات الأمنية إنهاء عقود الموظفين الأفارقة والآسيويين. ويشير إلى ضرورة امتثال الدولة لتطبيق الأنظمة بطريقة غير تمييزية». وقالت فايزة باتيل، العضو في الفريق العامل إن «توفير الأمن لأفراد الشعب هو مسؤولية أساسية للدولة، والاستعانة الخارجية لتوفير الأمن يفرض مخاطر تهدد حقوق الإنسان ويتعين على حكومة العراق أن تبقى متيقظة وأن تخصص الموارد اللازمة لضمان إتباع معايير صارمة لتنظيم عمل الشركات الأمنية - سواء كانت دولية أو عراقية – وضمان احترامها لحقوق الإنسان». وعقد الفريق العامل الذي زار العراق بدعوة من الحكومة اجتماعات مع ممثلين عن وزارات الداخلية والعدل والدفاع وحقوق الإنسان فضلاً عن أعضاء مجلس القضاء الأعلى والبرلمانيين ومنظمات المجتمع المدني وممثلين عن السلك الديبلوماسي وعن صناعة الأمن. من جهته، كشف وزير حقوق الإنسان وجود مشروع لرفع الحصانة عن الشركات الأمنية. وقال محمد شياع السوداني في بيان، تلقت «الحياة» نسخة منه، إن وزارته ترصد كل انتهاكات وخروقات الشركات الأمنية العاملة في العراق والجهات الأمنية الخاصة، وأضاف: «اصطدمنا بعدم وجود تشريع ينظم عمل تلك الشركات ويجعلها ملتزمة به، خصوصاً أن القانون الذي يغطي عملها هو قانون الشركات ذاتها». وأشار الى أن «وزارة العدل قدمت مشروعاً لرفع الحصانة عن الشركات الأمنية»، موضحاً أن المشروع في مرحلة التدقيق في مجلس شورى الدولة ليتم بعد ذلك رفعه إلى مجلس الوزراء لتبنيه ومن ثم إحالته على مجلس النواب». وتابع أن عمل الشركات الأمنية الخاصة «بات معدوماً لأن شروط ممارسة المهنة في العراق قيدت عملها، خصوصاً أن الوزارة باستطاعتها وقف عملها». يذكر أن وزارة حقوق الإنسان العراقية دعت المتضررين من عمل الشركات الأمنية في العراق إلى ترويج معاملات لتعويضهم، مؤكدة أنها ستعمل على محاسبة الشركات المتسببة بالأضرار قانونياً. إلى ذلك، قال عضو اللجنة الأمنية عن «التحالف الوطني» عبد الحسين العبطان ل «الحياة» إن «البرلمان لا يسمح بوجود المرتزقة على أراضينا، فنحن بلد يتمتع بسيادة وهناك وجود للأجهزة الأمنية الوطنية». وعن حاجة العراق إلى الشركات الأمنية قال: «لا يمكننا القول إن الوضع الأمني العراقي مثالي يسمح بتنقل مسؤولين أجانب وموظفي شركات أجنبية يعملون في المدن بطريقة آمنة ، وهؤلاء يحتاجون إلى حماية خاصة توفرها لهم هذه الشركات. وتعامل السفارات معها أمر طبيعي ومعمول به في دول العالم ، لكننا ضد إن تبقى من دون تنظيم». وأكد مصدر في قيادة عمليات بغداد ل «الحياة» أن «وزارة الداخلية شرعت الأربعاء بحملة للتدقيق في إقامات عناصر شركات الحماية الأجنبية داخل مطار بغداد للتأكد من إقامتهم وصلاحيات الرخص التي يحملونها والتفتيش عن الأسلحة غير المرخصة، وقد صودر العديد من هذه الأسلحة».