يخشى سكان مدينة زبيد اليمنية من وصول المعارك الدائرة على الساحل الغربي إلى مدينتهم التاريخية، فتتسبب في سقوط ضحايا، ودمار منازل ومساجد أثرية ظلت صامدة منذ بنائها قبل عقود طويلة. وتقع زبيد على بعد نحو 75 كيلومتراً جنوب شرقي مدينة الحديدة الساحلية المطلة على البحر الأحمر، والخاضعة لسيطرة جماعة الحوثيين. ومن بين هؤلاء السكان، أحمد حسين أحمد الذي يقطن عند أطراف المدينة وتضرر منزله قبل أسابيع بعدما أصيب في قصف خلال اشتباكات بين القوات الحكومية الشرعية وجماعة الحوثيين. وقال أحمد لوكالة «فرانس برس»، وهو جالس بالقرب من احد النوافذ الخشبية القديمة عند جدار خارجي لمنزله، إن «بيوتنا دمرت كونها مبنية من الطين المحلي»، داعياً المنظمات الدولية إلى المساعدة على إصلاح الأضرار. وحذر من أي ضربة تصيب أحد المنازل في المستقبل، ورأى أنها «ستتسبب بانهيار السقف عليهم». وكانت زبيد عاصمة لليمن بين القرنين الثالث عشر والخامس عشر، واعتبرت في السابق مركزاً للعلوم الإسلامية، إذ تعد المدينة التي تضم 86 مسجداً من بينها خامس أقدم مسجد، من أبرز المعالم العمرانية في بداية الإسلام. وأُدرجت زبيد على قائمة منظمة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة «يونيسكو» عام 1993. وتحاول القوات الشرعية منذ بداية كانون الأول (ديسمبر) الماضي التقدم في مناطق تسيطر عليها الجماعة الحوثيين جنوب ساحل البحر الأحمر باتجاه الحديدة شمالاً، ونجحت في استعادة عدد من البلدات على طول الشريط الساحلي. وخلال الأسابيع الماضية، وصلت المعارك إلى أطراف مدينة زبيد. ودفع هذا الأمر اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى التحذير من أن هذه المعارك تهدد معالم المدينة التاريخية. ودعت اللجنة في بيان الأطراف المتقاتلة إلى حماية معالم المدينة التي تضم أكبر عدد من المساجد في اليمن. وفي زبيد، يحذر المتخصص في ترميم المباني الأثرية الحسين عبدالرحمن، من أن المباني والمساجد التاريخية في المدينة «لا تحتمل أي ضربة». وأوضح: «في المدينة مباني أثرية كثيرة، ولا تحتمل أي اهتزازات أو صواريخ لأنها مدينة قديمة ومسجلة على قائمة يونيسكو». وزاد: «يفترض أن يحافظ العالم عليها». وفي شوارع المدينة، وبين أبنيتها الترابية اللون التي يبدو بعضها وكأنه قلاع صغيرة، تسير الحركة المرورية والتجارية في شكل طبيعي. وعلى رغم اقتراب المعارك، بقيت المحال التجارية في الأسواق القديمة، والمؤسسات، مفتوحة، وبينها مكتبة زبيد العامة التي تقع في الطابق السفلي من مبنى تزين واجهته الخارجية عشر نوافذ تبدو كقناطر مياه صغيرة. لكن يبقى هاجس وصول الحرب إلى مدينتهم هاجس يؤرقهم. ويعبّر مدير عام الهيئة العامة للمحافظة على المواقع التاريخية في زبيد مختار عبدالصمد عن خوفه من «استهداف التراث». وتابع: «نناشد المنظمات الدولية واليونيسكو بأن يشددوا على هذا الموضوع بحيث لا يتم استهداف أي موقع في المدينة التاريخية». وزاد: «المدينة ملك للعالم وليس لليمن وحده».