صدر حديثاً عن دار فن للطباعة بصنعاء كتاب توثيقيا مصوراً بعنوان" زبيد المدينة الصامتة" أعدته المصورة الفرنسية/هيلين دافيد كوني/. ويوثق الكتاب بطباعة فاخرة في/ 64/ صفحة من القطع الكبيرة نحو/80/ صورة فوتوغرافية تجسد ملامح ومفردات التراث والطابع المعماري لمدينة زبيد التاريخية والمخاطر التي باتت تتهددها. وأبرزت صور الكتاب الذي تم ترجمته إلى" الإنجليزية، الفرنسية والألمانية" زوايا عديدة من أبرز معالم و أحياء ومنازل زبيد القديمة، المبنية منها حصريا بالمواد التقليدية الياجور والنورة والخشب، والوضع الذي باتت عليه اليوم في ظل ما تعيشه من إهمال. بينما سلطت صور أخرى متفاوتة الأحجام الضوء على مفردات وتفاصيل النمط المعماري لعدد من جوامع و مساجد زبيد التاريخية ومرافقها العلمية كالقباب الشامخة و المآذن العالية و الشرفات المزخرفة، وسبل الماء، الملحقة بها،إلى جانب النقوش والزخارف الإسلامية التي ازدانت بها أسقف ومصندقات المحاريب والمنابر الخشبية بتلك المساجد منها جامع الأشاعر، والإسكندرية، وجامع البيشة. كما أبرزت بعض اللقطات ركود الحركة الاقتصادية في الأسواق الشعبية رغم قدمها التاريخي، والتي بات ضمن مهددات المدينة الذي يحاول الكتاب إبراز مدى الخطر الذي بات يهدد تراث المدينة بالاندثار، وهو ما حذرت منه تهديدات اليونسكو المتكررة بشطبها من قائمة التراث الإنساني العالمي، ودعوتها للاهتمام وحماية التراث المعماري لهذه المدينة. وهو ما تؤكده معدة الكتاب التي قالت في مقدمتها بحروف حزينة:" مضت الآن خمسمائة عام وزبيد تميل إلى الزوال هندستها المعمارية الفريدة من نوعها، ومنازلها المنحوتة من الآجر تنهار شيئاً فشيئاً لتصبح غباراً ضبابه يثقل على المدينة، وكأنه بخاراً مضجراً". تعود مدينة زبيد إلى سنة 819م، وهي مدينة دائرية الشكل يتوسطها سوق المدينة القديم كما كانت محاطة بسور له أربعة أبواب لا تزال بعض أجزاء هذه الأبواب قائمة. وأشهر مساجدها جامع الأشاعر الذي أسسه الصحابي الجليل أبو موسى الأشعري، والجامع الكبير بزبيد الذي يعود تاريخه إلى ما قبل القرن التاسع الميلادي. وتعتبر مدينة زبيد من أشهر المراكز الفكرية والعلمية ليس في اليمن فحسب بل على مستوى العالم الإسلامي، وكان أوائل العلماء الذين نقلوا معارفهم إلى طلاب جامع الأزهر بمصر عقب إنشائه قدموا من زبيد. وأبرز معالم المدينة السوق القديم الذي اشتهر كمركز لصناعة النسيج والصباغة ودباغة الجلود، وشاطئ الفازة، وهو ميناء طبيعي كان منتجعاً لملوك الدولة الرسولية، وتبعد زبيد التاريخية عن مدينة الحديدة مسافة 100 كم جنوباً على طريق الحديدة – تعز.