تمسك رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو بمواقفه المتشددة التي تهدد عملية السلام برمتها، وذلك في خطاب سياسي هو الاول له منذ تسلم منصبه قبل شهرين ونصف الشهر، واعتبر رداً على خطاب الرئيس باراك اوباما في القاهرة قبل عشرة ايام. اما الجديد الذي يمكن ان يشار اليه في الخطاب، فهو اعلان نتانياهو ان اسرائيل ستوافق على اقامة دولة فلسطينية، لكنه أرفق ذلك بشروط تعجيزية كثيرة تفقد هذه الدولة معناها، اذ قال انها «يجب ان تكون منزوعة السلاح بوجود ضمانات دولية وامنية، وان يعترف الفلسطينيون باسرائيل دولة يهودية». في الوقت نفسه، تمسك نتانياهو بموقفه من توسيع المستوطنات القائمة، ما يتوقع ان يضعه في صدام مباشر مع الادارة الاميركية التي طالبته بوقف بناء المستوطنات او توسيع القائم منها. كما تضمن الخطاب لاءات اسرائيل المعروفة في شأن القدس التي اعلن انها ستبقى عاصمة موحدة لاسرائيل، ورفضه عودة اللاجئين. وسارعت السلطة الفلسطينية الى الاعلان ان الخطاب «نسف كل مبادرات السلام»، في حين اعتبرت حركة «حماس» ان الخطاب «يعكس ايديولوجيته العنصرية والمتطرفة». وبدأ نتانياهو خطابه الذي القاه في جامعة بار ايلان امام 300 شخصية يمينية بالتطرق الى «الخطر الاكبر» لاسرائيل المتمثل بالتهديد النووي الايراني، وقال ان «الخطر الاكبر على اسرائيل والشرق الاوسط والانسانية جمعاء هو في اللقاء بين الاسلام المتطرف والسلاح النووي». ورمى نتانياهو الكرة في الملعب الفلسطيني، اذ دعا «جيراننا الفلسطينيين والقادة الفلسطينيين الى استئناف فوري لمفاوضات السلام من دون شروط مسبقة». وعن الدولة الفلسطينية، قال: «اذا حصلنا على هذه الضمانات في شأن نزع السلاح، واذا اعترف الفلسطينيون باسرائيل دولة يهودية، فسنصل الى حل يقوم على دولة فلسطينية منزوعة السلاح الى جانب اسرائيل». واضاف: «لكلٍ عَلَمه ولكل نشيده (...) الاراضي التي ستعطى للفلسطينيين ستكون من دون جيش او سيطرة على الاجواء الجوية او دخول سلاح او امكان نسج تحالفات مع ايران او حزب الله». وتابع: «الشرط اساسي لانهاء النزاع هو اعتراف فلسطيني علني ملزم وصادق باسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي». ورفض عودة اللاجئين الفلسطينيين، مضيفا ان مشكلتهم ينبغي ان تتم معالجتها «خارج حدود» الدولة العبرية. وفي موضوع الاستيطان، رفض نتانياهو الادعاءات بأن المستوطنات هي العثرة الرئيسية امام عملية السلام، وقال: «من يعتقد ان العداء المتواصل تجاهنا سببه الاستيطان، فإنه يستبدل السبب بالنتيجة». واضاف: «لا ارغب ببناء مستوطنات جديدة او مصادرة اراض لتحقيق هذه الغاية، لكن يجب الافساح في المجال امام سكان المستوطنات ان يعيشوا في شكل طبيعي»، رافضا وقف اعمال البناء في المستوطنات الموجودة وذلك تلبية لحاجة «النمو الطبيعي». واكد انه «لن تكون هناك انسحابات اخرى احادية الجانب»، معتبرا ان «كل انسحاب انتهى بارهاب وهجمات صاروخية». وقال انه يدعم رؤية الرئيس باراك اوباما للسلام الاقليمي، ووجه دعوة الى قادة دول عربية قائلا: «تعالوا نلتقي، تعالوا نصنع السلام. انا على استعداد للقائكم في كل وقت ومكان». وجاء رد السلطة الفلسطينية سريعاً، اذ اعتبر الناطق باسم الرئاسة نبيل ابو ردينة ان الخطاب «نسف كل مبادرات السلام والحل» في المنطقة. وقال لوكالة «فرانس برس» ان تصريحات نتانياهو «لن تؤدي الى اي حل، وعلى الادارة الاميركية ان تأخذ مسؤولياتها تجاه هذه القضية». واضاف ان كلام نتانياهو «تحد واضح للادارة الاميركية وللمواقف الفلسطينية والدولية والعربية والاسلامية». وتابع ان «عدم اعتراف نتانياهو بالقدسالشرقية عاصمة لدولة فلسطين وفرض حل لقضية اللاجئين في الخارج، لن يؤدي الى سلام عادل وشامل وفق الشرعية الدولية». اما حركة «حماس»، فاعتبرت ان الخطاب يعكس «ايديولوجيته العنصرية والمتطرفة»، وهو بمثابة «نسف لكل حقوق الشعب الفلسطيني». في المقابل، اعتبر معلقون إسرائيليون بارزون خطاب نتانياهو «جيداً ويلبي التوقعات»، ورأوا أن مجمل ما قاله عن الشروط للدولة الفلسطينية محط إجماع صهيوني. وقال أحد المعلقين إن نتانياهو تحدث بلغة رئيسي الحكومة السابقين ارييل شارون وايهود اولمرت. وافاد معلق القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي إن نتانياهو قال عملياً انه تبنى «خريطة الطريق» مع التحفظات الإسرائيلية المعروفة، من دون أن ينطق بكلمتي «خريطة الطريق». وفور انتهاء الخطاب، أعلن حزب «البيت اليهودي» المتطرف أنه سيدرس خطواته احتجاجاً على ما جاء في خطاب نتانياهو لمجرد ذكره دولة فلسطينية. واعتبر الوزير العمالي اسحق هرتسوغ أن الخطاب «في الاتجاه الصحيح»، لكن النائب العمالي اوفير بينيس قال إن «نتانياهو لن يجد في الطرف الفلسطيني من يفاوضه تحت هذه الشروط وسيفاوض نفسه». على صعيد آخر، قال القيادي في حركة «فتح» مروان عبدالحميد ل «الحياة» إن اللجنة المركزية للحركة انهت اجتماعاتها في عمان بالتوافق على عقد المؤتمر العام السادس للحركة في الرابع من آب (أغسطس) المقبل في الداخل، مرجحاً أن يعقد في مدينة غزة أو بيت لحم. وأضاف: «تم إرجاء عقد المؤتمر إلى آب حتى تكون المصالحة أنجزت وفق الموعد المرتقب لتوقيع اتفاق المصالحة في القاهرة في السابع من الشهر المقبل». على صعيد آخر، اكدت حركتا «فتح» و «حماس» انه تم الاتفاق خلال اجتماع عقد في غزة وآخر في رام الله امس على انهاء ملف الاعتقالات السياسية. وكانت الحركتان عقدتا اجتماعا هو الاول للجنة المصالحة المنبثقة عن حوار القاهرة بهدف تخفيف حدة الاحتقان وتذليل العقبات امام المصالحة، وبالتالي تهيئة الاجواء لجلسات الحوار المقرر عقدها في مصر الشهر المقبل.