حقق النظام السوري أمس تقدماً ملحوظاً بسيطرته على مناطق في أطراف الغوطة الشرقية قرب دمشق بعد أسبوعين من القصف العنيف على معقل الفصائل المقاتلة التي تظهر مقاومة شديدة، ما دفع مئات المدنيين إلى النزوح الى مناطق سيطرة الفصائل المعارضة. واستعادت قوات النظام السوري السيطرة على أكثر 25 في المئة من الغوطة الشرقية اثر تقدم سريع من الجبهة الشرقية، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن «قوات النظام تتقدم من الجهة الشرقية ووصلت إلى وسط الغوطة الشرقية، وهي تبعد حالياً نحو ثلاثة كيلومترات عن دوما» أبرز مدن هذه المنطقة المحاصرة. وأوضح أن «التقدم السريع يعود إلى كون العمليات العسكرية تجري في شكل أساسي في مناطق زراعية، فضلاً عن التمهيد الجوي العنيف». وعادت قوات النظام لتسيطر على جيب في جنوب شرق المنطقة يضم خصوصاً حزرما والنشابية. وأوضح المرصد كذلك أن القتال يجري في منطقة الريحان وبلدة الشوفينية حيث قتل 12 عنصراً من قوات النظام ليل السبت - الأحد، ما يدل على شراسة المقاومة التي يبديها مقاتلو الفصائل. وافاد الناطق باسم «جيش الاسلام» حمزة بيرقدار في تغريدة على صفحته في موقع تويتر عن «غارات انغماسية» شنها مقاتلون على مواقع كانت القوات النظامية قد سيطرت عليها. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) عن مصدر عسكري قوله أن «وحدات الجيش تقدمت على أكثر من اتجاه وطهرت العديد من المزارع والبلدات في اتجاه حرستا ودوما»، مؤكداً السيطرة على عدد من البلدات في الجبهة الشرقية للغوطة، معقل الفصائل المعارضة قرب دمشق. وأوضح المصدر أن الجيش السوري قام «خلال اليومين الماضيين وخارج أوقات التهدئة المحددة بتوجيه ضربات بالنار والقوات على مقرات ومناطق وجود الارهابيين فى الغوطة الشرقية»، مشيراً إلى استعادة السيطرة على بلدات وقرى بينها أوتايا والنشابية وحزرما في شرق وجنوب شرق الغوطة. وأورد المصدر العسكري أن عمليات الجيش «تتزامن مع تأمين الممر الانساني لخروج المدنيين»، مشيراً إلى أنه «يجرى التحضير لايصال المعونات الغذائية للمدنيين». ولم تخف القوات النظامية، المدعومة من حليفتها روسيا، نيتها استعادة هذا المعقل الأخير للمعارضة الواقع بالقرب من العاصمة دمشق، حيث يعاني 400 الف شخص محاصر منذ عام 2013 من أزمة إنسانية خطيرة. وشنّ النظام في 18 شباط (فبراير) الماضي حملة جوية أدت منذ ذلك الحين إلى مقتل أكثر من 650 مدنياً ومهّدت للهجوم البري. ولم تعلن القنوات الرسمية عن الهجوم الا ان القتال البري اشتد في الأيام الاخيرة وحققت قوات النظام تقدماً في معقل الفصائل المقاتلة على رغم هدنة يومية من خمس ساعات دخلت حيز التنفيذ يوم الثلثاء. وأدى القتال البري، منذ 25 شباط (فبراير) الماضي إلى مقتل 76 عنصراً من القوات الموالية للنظام و43 مقاتلاً من «جيش الإسلام»، بحسب المرصد. واستمرت الاشتباكات على رغم الهدنة اليومية التي اعلنتها روسيا وسمحت بخفض كثافة القصف الذي تشنه القوات السورية، إلا أن الغارات والقصف المدفعي لم تتراجع خارج أوقات سريان «الهدنة». وأعلن «الدفاع المدني» مقتل 3 مدنيين وإصابة آخرين بجروح بغارات من طائرات حربية على مسربا، فيما أكد ناشطون مقتل 3 مدنيين بقصف جوي على بلدة بيت سوى، غداة مقتل 18 مدنياً أول من أمس من بينهم ثلاثة اطفال بعد قصف شنه النظام قبل سريان الهدنة وبعدها على الغوطة، في آخر حصيلة أوردها «المرصد». ونتيجة المعارك، فرّ الآلاف من السكان مع تقدم النظام. وذكر تلفزيون «أورينت» إن تقدم قوات النظام أدى إلى حركة نزوح واسعة، فيما أفاد شاهد لوكالة «رويترز» بأن الآلاف يسعون للاحتماء في مناطق وسط الغوطة الشرقية، وأكّد «المرصد السوري» أن ما بين 300 و400 أسرة فرّت من مناطق القتال. وفي بلدة بيت سوى، قال مراسل وكالة «فرانس برس» إن مئات الأشخاص من رجال ونساء وأطفال ينزحون من منازلهم. وسار هؤلاء بين ركام الأبنية المتناثر في الشوارع، واستقل بعضهم دراجات نارية، ومنهم من وضع حاجياته على شاحنات في حين لم يجد آخرون سوى عربات لنقل حاجياتهم. وكان مدير المرصد رامي عبد الرحمن قال إن قوات النظام تمكنت السبت من السيطرة على بلدتي الشيفونية وأوتايا في شرق المنطقة المحاصرة وجنوب شرقها، بعدما تعرّضتا في الايام الاخيرة لغارات وقصف مدفعي كثيف. وكثفت قوات النظام وحلفاؤها هجماتها في الساعات ال48 الأخيرة، ما مكنها من السيطرة على قريتي حوش الظواهرة وحوش الزريقية بالاضافة الى قاعدتين عسكريتين سابقتين. إلى ذلك، نقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء عن الجيش الروسي قوله إن مقاتلي المعارضة في الغوطة الشرقية فرضوا حظر تجول في مناطق خاضعة لسيطرتهم لمنع المدنيين من المغادرة عبر ممرات لوصول المساعدات الإنسانية مع سريان وقف النار. وكان مسؤولون في المعارضة نفوا بشدة منعهم المدنيين من المغادرة. وذكر «مركز المصالحة» التابع لوزارة الدفاع الروسية، أن «مسلحي الغوطة الشرقية قصفوا المركز الطبي القريب من بوابة التفتيش على الضاحية الغربية لقرية الريحانة». وأوضح الناطق باسم المركز الجنرال فلاديمير زولوتوخين أن «المسلحين في الغوطة الشرقية أطلقوا قذيفة هاون على مركز طبي بالقرب من نقطة التفتيش من الضواحي الغربية لقرية الريحانة». في غضون ذلك، نقلت «سانا» عن مصدر في قيادة شرطة دمشق قوله إن 3 قذائف سقطت أمس على حي القيمرية أدت إلى «إصابة مدني بجروح واضرار مادية في المنازل والممتلكات». ولفت إلى أن «التنظيمات الارهابية المنتشرة في الغوطة أطلقت أول من أمس 65 قذيفة على محيط مستشفى البيروني وضاحية الاسد السكنية في حرستا ومحيطها وحي القيمرية».