قبل 13 عاماً، خرج أهالي قرية بلعين الصغيرة، التي لا يزيد عدد سكانها على 2000 نسمة، للتظاهر احتجاجاً على شروع السلطات الإسرائيلية في تجريف أراضيهم لإقامة الجدار الفاصل. تكررت التظاهرة الاحتجاجية في الأسبوع التالي، والذي يليه، في ذات الموعد، بعد صلاة الجمعة، لتكتسب مع مرور الأسابيع زخماً شعبياً دفع بها للتواصل حتى يومنا هذا بلا توقف. أحيا أهالي القرية الواقعة إلى الغرب من مدينة رام الله، وسط الضفة الغربية الجمعة، ذكرى مرور 13 عاماً على انطلاق أول تظاهرة شعبية احتجاجية في قريتهم. وقال رئيس اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار في القرية عبد الله أبو رحمة ل «الحياة»: «منذ 13 عاماً ونحن نقوم بتظاهرة احتجاجية عقب صلاة الجمعة، من كل أسبوع، ولم نتوقف أسبوعاً واحداً عن القيام بهذه التظاهرة، مهما كانت الظروف والأوضاع». وأضاف: «أحياناً يكون يوم الجمعة ماطراً، وأحياناً يكون حاراً، ولكن هذا لا يمنعنا من القيام بمسيرتنا الاحتجاجية». وشرع أهالي بلعين في التظاهر ضد الجدار فور بدء العمل في إقامته في أراضي القرية، عام 2005. ومع مرور الوقت تحولت القرية إلى بؤرة للعمل الشعبي، فأخذت تستقطب العشرات من أنصار المقاومة الشعبية من الوطن والخارج. وعزل الجدار، في المرحلة الأولى، 2300 دونماً من أراضي بلعين البالغة مساحتها أربعة آلاف دونم. ونجحت احتجاجات القرية التي ترافقت مع جهد قضائي في دفع السلطات الإسرائيلية إلى تغيير مسار الجدار، وإعادة 1200 دونم من هذه الأراضي إلى أصحابها. وبعد إقامة الجدار، واصل أهالي القرية فلاحة أراضيهم الواقعة خلف الجدار، متحدين قيود شديدة تفرضها سلطات الاحتلال على دخولهم إليها، بل حولوا الأراضي التي حرروها من الجدار واحة خضراء، حيث أقاموا فيها متنزهاً وملعباً لكرة القدم، ومزارع للخضار والفاكهة، يؤمها الزائرون من مختلف المناطق. واعتمد أهالي بلعين وسائل احتجاجية مبتكره في مقاومتهم، وهو ما ساعد في الترويج لفكرة المقاومة الشعبية محلياً ودولياً، وجذب وسائل الإعلام العالمية والمحلية إليها. ومن بين هذه الوسائل، قيام المتظاهرون بتقييد أيديهم بأشجار الزيتون قبل وصول الآليات الإسرائيلية لاقتلاعها. ومنها تقييد أنفسهم داخل براميل مغلقة في الأراضي المهددة بالتجريف. ومنها القيام بسلسلة بشرية يخترقها نموذج لسياج شائك شبيه بالسياج الشائك الذي أقامته إسرائيل في أراضيهم. ورغم استخدام الجيش الإسرائيلي وسائل متنوعة لقمع تظاهرات بلعين من الرصاص الحي إلى المعدني والمياه العادمة والأبواق التي تصدر أصواتاً تصم الآذان، والهراوات الكهربائية والرصاص الأسفنجي وغيره، غير أن انخراط متضامنين إسرائيليين وأجانب في التظاهرات شكل حائلاً دون قيام الجيش الإسرائيلي بفتح النار بصورة عشوائية على المتظاهرين لتجنب سقوط يهود برصاص يهود. وقال أبو رحمة إن هذا العامل «قلص بصورة لافتة من الخسائر البشرية في القرية». وأنتج فيلمان وثائقيان عن نضال أهالي بلعين حمل أحدهما اسم «خمس كاميرات مكسورة»، في إشارة إلى قيام الجنود بكسر خمس كاميرات للمصور أثناء قيامه بتصوير الفيلم. وحمل الثاني اسم «بلعين حبيبتي». واعتقل الجيش الإسرائيلي خلال هذه التظاهرات 500 متضامن أجنبي وإسرائيلي. وتقوم السلطات الإسرائيلية بإبعاد المتضامنين الأجانب عن البلاد فور اعتقالهم، وإعادة الإسرائيليين إلى ما وراء الجدار. وخلال الاحتفالات بمرور 13 عاماً على نضالهم الشعبي السلمي، أقام أهالي بلعين مجسماً كبيراً حمل الرقم 13، تزينه قنابل صوتية وغازية من التي أطلقها جنود الاحتلال على المسيرات الشعبية. وقال الناشط في المقاومة الشعبية في المنطقة صلاح الخواجا إن تجربة بلعين أثبتت أنه يمكن الفلسطينيين أن ينجحوا في حماية أراضيهم بالوسائل النضالية الشعبية والقانونية. وأشار إلى أن عدداً من القرى التي سلكت هذا الطريق نجحت في حماية أراضيها مثل جيوس وبدرس وبلعين.