ليس الجديد هو الفيلم الوثائقي الذي يحمل عنوان «تماماً مثلنا»، والذي يعود انتاجه الى السنة الماضية، وإنما الجديد هو تقرير بثته فضائية «بي بي سي» العربية حول الفيلم الذي شارك في مؤتمر «اللجنة الأميركية العربية لمكافحة التمييز» في واشنطن. التقرير الذي جاء من العاصمة الأميركية بصوت واثق النبرات لمراسلة القناة وفاء جباعي يقول ان الفيلم، الذي يعد أول تجربة إخراجية للمخرج أحمد أحمد المصري من أصل اميركي، «يهدف الى تصحيح الصورة النمطية لدى الغرب عن العرب»، ويسعى، كما أورد التقرير حرفياً، الى «اقتلاع الاعتقاد السائد لدى الغربيين، وتحديداً الاميركيين، بأن العرب لا يملكون حس الفكاهة»!. لا يعنينا، هنا، المستوى الفني للفيلم الذي انجز ضمن قالب وثائقي مرح يظهر، بعفوية، ما يتمتع به العرب من حس النكتة وروح الدعابة تماماً مثل أقرانهم الغربيين. لكن التقرير بالغ في التقدير، إذ أراد للفيلم أن يكون فتحاً في تاريخ العلاقات بين الغرب والشرق، وأن يساهم في نسف مقولة «صدام الحضارات» بعد ان يبدد تلك الرؤية النمطية لدى الغربيين عن الشرق وخرافاته وأساطيره وتقاليده «البالية». لعل المخرج، ذاته، لم يكن ليتخيل أن «تقريراً فضائياً» سيحمّل فيلمه كل هذه الوظائف والتحديات، فهو مجرد فيلم يرصد بعض اللوحات الكوميدية المستقاة من الواقع العربي المفعم بالمفارقات. ولم يزعم، قط، ما زعمه التقرير، خصوصاً أن فرص الفيلم الوثائقي في العرض والانتشار ضئيلة جداً، ما يعني أن تأثيره محدود في الرأي العام، علاوة على ان إسناد مهمة «تبديد الصورة النمطية» لفيلم واحد يدفعنا إلى التساؤل عن دور ومصير الآلاف من الوثائق والصور والأفلام والتقارير والبرامج التي تضخ يومياً والتي يفترض ان تشكل في مجموعها خطاباً إعلامياً قادراً على تصحيح الصور الخاطئة عن العرب. أما تأكيد التقرير ان الفيلم يسعى الى القول إن العرب، كالغربيين، يتمتعون بحس الدعابة، فذلك يقود الى استنتاج وكأن العرب من كوكب آخر، فالطبيعة البشرية متشابهة على رغم التباينات، ثم ان قيام المشاهد الغربي بجولة سريعة في مواقع الانترنت والمحطات الفضائية سيوفر له مادة غنية عن ذلك الميل الفكاهي لدى العرب، مثلما لدى الشعوب، بل قد يفوق العرب نظراءهم في هذا المقام، ودليلنا هو «زنقة... زنقة» للعقيد الليبي الذي بات مثار سخرية العالم قاطبة، وثمة قائمة تهريجية؛ كوميدية من الأفلام تبدأ بعادل إمام ودريد لحام ولا تنتهي عند هنيدي ومحمد سعد، ناهيك عن مواد مماثلة في الإعلام الرسمي العربي تثير الضحك، لدرجة لا يشكل معها «تماماً مثلنا» سوى مثال بسيط عن موسوعة الكوميديا العربية.