عزز جناح رئاسة أمن الدولة في مهرجان الجنادرية ال32، الذي اختتم أعماله أول من أمس، التصور الإيجابي للأدوار التي يقوم بها الجهاز في الحفظ على الأمن في شكل مسبق، والوقاية من الجرائم التي تقع في المملكة بشكل مسبق. وعرض أمن الدولة في جناحه صوراً للأعمال التي يقوم بها الجهاز، وقائياً وعلاجياً، وطرح بعض المنتجات الخطرة التي كان من الممكن أن تتسبب في ضرر كبير للجمهور في حال قدرة الأيادي الضالة على الوصول إلى هدفهم، من خلال اقتناء الضار من بينهم، ليكون الجهاز مكشوفاً أمام العامة بكل أعماله التي يقوم بها، وليقدم للجمهور ما حجب عن عيونهم، ويحرس في الوقت ذاته أمنهم وأمانهم. ففي جناح أمن الدولة الفسيح في شرقي الجنادرية كانت الأركان المختلفة تحكي عن أجزاء من عمل الجهاز، وتقدم الجديد والمفيد من الأعمال المختلفة لهذا الجهاز. إذ عرض في جدارية طويلة للجهاز كثير من المواد التي حصلت عليها الأجهزة الأمنية، بعد القبض على الإرهابيين، أو عند اقتحام أوكار الفئة الضالة، من أدوات تفجيرية أو حتى صواريخ سام كان الإرهابيون يريدون أن يطلقوها على قاعدة الأمير سلطان في الخرج، لكن حالت دون ذلك يقظة رجال الأمن. وفي الزاوية الأخرى، عرض الجهاز أنواعاً من المتفجرات التي حاول المهربون إدخالها إلى الطائرات السعودية، فبعضهم حاولوا إدخالها من طريق لعب الأطفال المخففة، أو حتى من طريق الكتب التي وضعوا داخلها مواد مفجرة بدل صفحات الكتاب، أو حتى الحذاء الشرقي المعروف ب(الزبيرية) وضعوا فيها متفجرات طرفية، والنتيجة كانت ستكون مهولة لولا سيطرة رجال الأمن على المهربين قبل إدخال هذه المواد إلى الطائرات السعودية. ولم تعد إبداعات نزلاء سجون المباحث مقتصرة على المصادفة والاجتهاد، بل اكتسبوا خبرة وتجربة واستحضروا مسيرة عملية لم تخل من الأحلام والتطلعات، بعمل إصلاحي وتأهيلي مثالي في سجون المباحث، فترجموها واقعاً عبر خططهم التي أعدوها، فكانت نموذجاً عالمياً يحتذى به، لتميزه على صعيد تجويد العمل ونوعيته، وتطبيقها بجدية وإخلاص، من خلال عملٍ مؤسساتي فريد. واستطاعت أعمال النزلاء المتنوعة، التي احتضنها ركن سجون المباحث في جناح رئاسة أمن الدولة بالمهرجان، أن تستوقف الزوار باختلاف شرائحهم، لمشاهدة أعمال فنية وحرفية مذهلة ومبهرة، أخذت كل زائر منهم إلى أقصى حدود الفخر والاعتزاز بوطن لا يعرف إلا أن يجزل عطاءه لأبنائه. ويتربع مصطلح «إدارة الوقت» في رأس قائمة الأعمال التي تنفذ بعناية واجتهاد كبيرين من الإدارة العامة للمباحث، ما أسهم في تحقيق نقلة نوعية على مستوى العملية الإصلاحية والتأهيلية داخل سجون المباحث، فيما تضمنت مجلتان بمسمى «جمانة» و«بداية»، رسائل نزلاء السجون لإخوانهم زوار المهرجان، مفادها «اطمئنوا.. لأننا صحونا من غفلتنا، وندمنا على ما بدر منّا، ومستعدون للعودة وتعويض ما فاتنا، ورد الجميل لوطننا الذي احتوانا واحتضننا، كعادته دائماً مع كل أبنائه». وفضلت رئاسة أمن الدولة، من خلال هذا الركن، أن تقدم المعلومات الغزيرة بأساليب متنوعة، بما يضمن إبراز الجهود الإصلاحية والتأهيلية الكبيرة الجبارة والمبذولة داخل السجون، لذا كانت فكرة الاستفادة من استديوات الإنتاج، التي يعمل بها النزلاء داخل السجن، مثالية جداً، ولاسيما أن هؤلاء النزلاء وصلوا إلى مرحلة متقدمة من الإتقان والاحترافية الإعلامية (تلفزيونياً - وإذاعياً - وصحافياً)، والتي أسهم فيها توفير أفضل الإمكانات وفق أجود المعايير المهنية لمصلحة النزلاء، الذين باتت لديهم ممارسة الحياة في صورة طبيعية أمراً معاشاً على نطاق الحياة اليومية، المتضمنة الحق في التعليم والرعاية الصحية، وتنمية المواهب الرياضية والفنية والثقافية. وحظيت المضبوطات المعروضة، التي تمكن رجال أمن المطارات من ضبطها خلال محاولة تهريبها إلى داخل الطائرات المغادرة من المملكة، بكثير من الملاحظة والسؤال عنها، وكيف تغيب القيم الدينية والإنسانية عن أولئك المهربين والمجرمين والإرهابيين، الذين اتخذوا من الكتب والدمى والأحذية سواتر يخفون داخلها المتفجرات والصواعق والمخدرات. لماذا تشارك «أمن الدولة» في مهرجان ثقافي؟ تتطلع رئاسة أمن الدولة، من خلال مشاركتها في هذه التظاهرة الثقافية الاجتماعية الوطنية، إلى تعريف وتثقيف زوار الجناح بالقطاعات المختلفة التي تعمل تحت مظلتها، المتمثلة بكلية نايف للأمن الوطني، ومركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية، والمباحث الإدارية، ومركز البلاغات الأمنية، وأمن المطارات، والإدارة العامة للأمن الفكري، وطيران الأمن، والإدارة العامة لسجون المباحث، إلى جانب تسليط الضوء على الجهود الكبيرة المبذولة في كلٍ من هذه القطاعات والأعمال والمهمات المنوطة بها. وبدأت إدارة العلاقات العامة والإعلام، برئاسة أمن الدولة، منذ وقتٍ باكر بالتنسيق والإعداد لجناح الرئاسة المشارك في مهرجان الجنادرية، واعتماد الفعاليات المنفذة داخله طوال فترة المهرجان، مع مراعاة تصميمه في شكلٍ يضمن تحقيق جملة من الأهداف، منها رفع مستوى الوعي والثقافة الأمنية لدى المجتمع، وتوثيق وترسيخ العلاقة الجيدة مع أفراده بمختلف شرائحهم، بوصفهم المستفيد الأول من الجهود الأمنية المبذولة من قطاعات رئاسة أمن الدولة، بما يسهم في إيجاد بيئة مثالية تتوافر فيها كل المقومات الضامنة لتنمية مستدامة ونهضة وطنية متصاعدة، بوصف الأمن ركناً أساسياً لرخاء الأوطان ورفاه مواطنيها.