فاقت النتيجة التي حققها «حزب العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا كلّ التوقعات، إذ حصل على نحو 52 في المئة من الأصوات بعد فرز نحو 90 في المئة من صناديق الاقتراع، ليحقق زعيمه رجب طيب أردوغان رقماً قياسياً، من خلال زيادة أصوات حزبه للمرة الثالثة على التوالي. وأتت هذه النتيجة على حساب الزعيم الإصلاحي اليساري رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كيليشدارأوغلو الذي فشل في زيادة أصوات حزبه عن نتيجته السابقة البالغة 22 في المئة، على رغم أن التوقعات كانت ترشحه لنيل 27 في المئة، وذلك في مؤشر الى أن الأتاتوركيين عبروا عن عدم رضاهم عن مسيرة الحزب الإصلاحية التي وضعها كليشدارأوغلو، من أجل ترك إرث أتاتورك وإيديولوجيته وراءه والتركيز على التحوّل الى حزب سياسي يساري. ونجح حزب الحركة القومية في العودة الى البرلمان مجدداً، على رغم تراجع الأصوات التي نالها الى 13 في المئة، وذلك على رغم الفضائح الجنسية التي هزت قياداته ودفعت عشرة منهم الى الاستقالة قبل أسبوعين من الانتخابات. وترشح هذه الانتخابات أردوغان بقوة للاستعداد منذ الآن للترشح لرئاسة الجمهورية بعد أربع سنوات، وأن تكون للحزب الحاكم اليد الطولى في صوغ دستور جديد على رغم أنه لم يحصل على ثلثي مقاعد البرلمان. لكن عدد مقاعده تجاوز 330، وهذا رقم سيمكنه من وضع دستور وطرحه على استفتاء إذا لم توافق عليه أحزاب المعارضة. وإذا صحت التوقعات، ستشكّل تقدماً كبيراً للحزب الذي تسلّم السلطة العام 2002، إذ كان حصل في انتخابات العام 2007، على 46.5 في المئة من الأصوات. واعتبر أردوغان لدى إدلائه بصوته، أن «الشارع هو الذي سيقول كلمة الفصل في من سيحكمه، وعلى الجميع أن يحترم ارادته»، في اشارة الى مشروعه لصوغ دستور جديد للبلاد. اما كليشدارأوغلو فأعرب عن أمله بأن تساهم نتائج الانتخابات التي يخوضها للمرة الأولى زعيماً للحزب، في «توسيع دائرة الحرية والديموقراطية»، معتبراً أن «أهم مشكلة تواجهها تركيا الآن، تتمثل في سعي الحزب الحاكم الى التضييق على الحريات الشخصية وحرية التعبير». وقال لدى إدلائه بصوته في أنقرة: «إنه وقت الحسم بالنسبة الى شعبنا. سنحترم قراره». وشهدت الانتخابات حوداث أمنية، على رغم الإجراءات الأمنية الخاصة التي اتخذتها وزارة الداخلية، خشية هجمات قد يشنّها «حزب العمال الكردستاني». وفي أنقرة، اطلقت الشرطة النار في الهواء، بعد تعرّض خمسة من اعضاء الحزب الحاكم للضرب اثر اتهامهم بمحاولة ادخال بطاقات انتخابية مزيفة الى مركز اقتراع. وهوجمت سيارة امام مركز الاقتراع، للاشتباه في انها تحمل بطاقات اقتراع مزيفة، ما دفع الشرطة الى اطلاق غاز مسيّل للدموع لتفريق الحشود. وأفادت وكالة أنباء الأناضول بان 14 شخصاً اعتقلوا. ووصف صالح كابوسوز، نائب رئيس الحزب الحاكم، الحادث بأنه «استفزاز» من حزب الشعب الجمهوري وحزب العمل القومي المعارضيْن. وأفادت وكالة أنباء الأناضول بأن الشرطة اعتقلت 34 شخصاً جنوب شرقي البلاد حيث تقطن غالبية من الأكراد، بذريعة إرغامهم ناخبين على الاقتراع ل «حزب السلام والديموقراطية» الكردي. أتى ذلك على رغم ان الناخبين اقترعوا للمرة الأولى في صناديق بلاستيكية شفافة، يمكن ان يرى المرء من خلالها وضع مظاريف صفراء، تجنّباً لأي زعم بحدوث تزوير. ودُعي حوالى 50 مليون تركي للتصويت، من حوالى 73 مليوناً، لانتخاب 550 نائباً في أكثر من مئتي ألف مركز اقتراع. وشارك في الانتخابات 15 حزباً ومئتي مرشح مستقل.