شهدت الانتخابات الاشتراعية في تركيا امس، حوادث أمنية ألقت بظلالها على مجريات يوم بدأ هادئاً مع الاستعدادات الأمنية الخاصة التي اتخذتها وزارة الداخلية، خشية شنّ «حزب العمال الكردستاني» هجوماً. وعلى رغم قلة عدد تلك الاحداث، إلا انها تُعتبر الأكثر مقارنة بالانتخابات السابقة، خصوصاً في ما يتعلق بمحاولات التزوير، اذ افتتح النقاش النائب القومي اوكتاي فورال الذي قال بعد ادلائه بصوته أن لا عدد كافياً من الاوراق الانتخابية في مراكز الاقتراع، على رغم طبع 16 مليون بوصلة انتخابية زائدة عن الحاجة، تساءل عن مصيرها. وفي أنقرة، اطلقت الشرطة النار في الهواء، بعد تعرّض خمسة من اعضاء «حزب العدالة والتنمية» الحاكم للضرب إثر اتهامهم بمحاولة ادخال بطاقات انتخابية مزيفة الى مركز اقتراع. وهوجمت سيارة أمام مركز الاقتراع، للاشتباه في انها تحمل بطاقات اقتراع مزيفة، ما دفع الشرطة الى اطلاق غاز مسيّل للدموع لتفريق الحشود. وأفادت وكالة أنباء الأناضول باعتقال 14 شخصاً. ووصف صالح كابوسوز، نائب رئيس الحزب الحكم، الحادث بأنه «استفزاز» من «حزب الشعب الجمهوري» و «حزب العمل القومي» المعارضيْن. وأفادت وكالة أنباء الأناضول بأن الشرطة اعتقلت 34 شخصاً جنوب شرقي البلاد حيث تقطن غالبية من الاكراد، بذريعة إرغامهم ناخبين على الاقتراع ل «حزب السلام والديموقراطية» الكردي. كما اعتقلت الشرطة اربعة اشخاص في مدينة سانليورفا في المنطقة ذاتها، بتهمة الاقتراع مرتين. ودُعي حوالى 50 مليون تركي للتصويت، من حوالى 73 مليوناً، لانتخاب 550 نائباً في أكثر من مئتي ألف مركز اقتراع. ويشارك في الانتخابات 15 حزباً ومئتا مرشح مستقل. وللمرة الأولى، يقترع الناخبون في صناديق بلاستيكية شفافة، يمكن ان يرى المرء من خلالها وضع مظاريف صفراء. واستهدف ذلك تجنّب أي زعم بحدوث تزوير. وكانت صناديق الاقتراع خشبية في السابق. الحزب الحاكم الذي يحظى ب331 من المقاعد ال550 في البرلمان المنتهية ولايته، يسعى الى فوز انتخابي ثالث على التوالي، بعد تسلّمه السلطة العام 2002. وإذ ان فوزه مضمون، تتركز الأنظار على ما اذا كان سينال أكثر من 367 مقعداً، أي غالبية الثلثين التي تمكّنه من تعديل الدستور من دون اللجوء الى استفتاء. وبحصوله على 330 مقعداً، ولكن اقل من 367، سيُضطر الحزب الى تنظيم استفتاء. واعتبر رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان أن «الشارع هو الذي سيقول كلمته الفصل في من سيحكمه، وعلى الجميع أن يحترم ارادته»، في اشارة الى مشروعه لصوغ دستور جديد للبلاد. ولدى وصوله الى مركز الاقتراع في مدرسة في اسطنبول، هتف أنصار للحزب الحاكم: «تركيا فخورة بك». اما رئيس «حزب الشعب الجمهوري» الأتاتوركي المعارض كمال كليشدار أوغلو، فأعرب عن أمله في أن تساهم نتائج الانتخابات التي يخوضها للمرة الأولى زعيماً للحزب، في «توسيع دائرة الحرية والديموقراطية»، معتبراً أن «أهم مشكلة تواجهها تركيا الآن، تتمثل في سعي الحزب الحاكم الى التضييق على الحريات الشخصية وحرية التعبير». ورأى في الانتخابات «خاتمة لسباق ماراتون طويل»، قائلاً لدى إدلائه بصوته في أنقرة: «إنه وقت الحسم بالنسبة الى شبعنا. سنحترم قراره». وعلى رغم تراجع أصوات حزب الحركة القومية، على خلفية الفضائح الجنسية لعدد من قياداته، أكد زعيم الحزب دولت باهشلي أن حزبه سيتمكن من تجاوز العتبة البرلمانية ويحصد أكثر من 10 في المئة من اصوات الناخبين، للبقاء في البرلمان، علماً أن استطلاعات للرأي شككت في أن يحقق الحزب القومي هذه النتيجة. ويراهن أردوغان على بقاء القوميين خارج البرلمان، من أجل حصد مقاعدهم والسيطرة على ثلثي المقاعد والانفراد بتعديل الدستور أو وضع دستور جديد. أما النواب الاكراد الذين ترشحوا على لوائح المستقلين، فقد حضروا الى مراكز الاقتراع بصحبة عدد كبير من الناخبين الاكراد. وأدلت القيادية الكردية ليلى زانا بصوتها في مدينة دياربكر جنوب شرقي تركيا، مؤكدة أن القضية الكردية ستكون أهم ما سيشغل البرلمان الجديد. ورفضت الردّ على أسئلة عما اذا كانت ستعيد ما فعلته عام 1994، عندما اصرت على أداء اليمين الدستورية في البرلمان باللغة الكردية، ما أدى الى حبسها عشر سنوات بتهمة الانتماء الى «حزب العمال الكردستاني» المحظور. وشهدت الانتخابات نسبة إقبال جيدة، مع خفض سن الترشح الى 25 سنة، ما خفّض معدل أعمار المرشحين في الاحزاب، وخصوصاً الحزب الحاكم.