أنقرة، بروكسيل، تل أبيب – أ ب، رويترز، أ ف ب – تعهد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، بعد فوز «حزب العدالة والتنمية» الذي يتزعمه في الانتخابات الاشتراعية التي أُجريت الأحد، «التواضع» والسعى الى التوافق مع المعارضة لصوغ دستور جديد للبلاد، إذ فشل في نيل مقاعد تكفي لإقراره منفرداً. ونال الحزب الحاكم 49.9 في المئة من الأصوات، في مقابل 46.5 في المئة في انتخابات عام 2007، و34.3 في المئة في اقتراع العام 2002. وبات بذلك أول حزب يفوز بثلاث ولايات متتالية، خلال 60 سنة من الديموقراطية التعددية في تركيا. وعلى رغم زيادة عدد الأصوات التي نالها، تراجعت مقاعد الحزب الحاكم من 341 الى 326، بسبب توزيع الأصوات في محافظات البلاد، في الاقتراع الذي بلغت نسبة المشاركة فيه 87 في المئة. «حزب الشعب الجمهوري» المعارض لم يحصل على نسبة 30 في المئة التي سعى إليها، لكنه نال 25.9 في المئة، في مقابل 20.8 في المئة عام 2007 و19.4 في المئة عام 2002. وارتفعت مقاعد الحزب في البرلمان من 112 الى 135. أما «حزب الحركة القومية» اليميني فتخطى فضيحة أشرطة جنسية أرغمت عشرة من قادته على الاستقالة من مناصبهم قبل الانتخابات، وفاز ب13 في المئة من الأصوات، متراجعاً عن 14.3 في المئة حققها في الاقتراع السابق، بعدما كان فشل في دخول البرلمان عام 2002، إذ لم ينلْ سوى 8.4 في المئة من الأصوات. ويحتاج الحزب الى 10 في المئة من الأصوات لدخول البرلمان. وتراجع عدد مقاعد الحزب في البرلمان الجديد، من 70 الى 53. وحقق الأكراد رقماً قياسياً، بفوز 36 من مرشحيهم في الانتخابات، بصفة مستقلين، في مقابل 20 عام 2007. وبين الفائزين ساسة بارزون، مثل أحمد ترك وايسل توغلوك اللذين خسرا مقعديهما بعد حظر «حزب المجتمع الديموقراطي» عام 2009، لكنهما ترشحا بصفتهما مستقلين، بمساندة «حزب السلام والديموقراطي» الكردي. كما دخل البرلمان ليلى زانا وخطيب ديشل اللذان سجنا 10 سنوات، بعد دخولهما البرلمان في تسعينات القرن العشرين. وفاز المرشحون الأكراد بنحو 60 في المئة من الأصوات في المقاطعات ذات الغالبية الكردية جنوب شرقي البلاد. وفُجرت قنبلة صوتية في جنوب شرقي تركيا مساء الأحد، ما أسفر عن جرح 11 شخصاً كانوا يحتفلون بفوز مرشحين أكراد. ودخل البرلمان أفراد اتُهموا بالتورط في مؤامرة «المطرقة» وشبكة «ارغينيكون» الانقلابيتين، يُتوقع إطلاق بعضهم من السجن، لكنهم سيحاكمون. وبين هؤلاء الصحافي مصطفى بالباي والأكاديمي محمد هابيرال والمدعي العام السابق إلهان شيهانر ورجل الأعمال سنان ايغون، عن «حزب الشعب الجمهوري»، والجنرال المتقاعد انغين ألان عن «حزب الحركة القومية». وفاز لاعب كرة القدم السابق هاكان سوكور بمقعد عن الحزب الحاكم، ويتوقع توليه وزارة الرياضة في الحكومة الجديدة، فيما بات أرول دورا الذي ترشح مستقلاً بمساندة الأكراد، أول أورثوذكسي في البرلمان. وإذ فشل الحزب الحاكم في نيل 330 مقعداً، تخوّله وضع دستور جديد وطرحه على استفتاء عام إذا لم يُقرّ في البرلمان، تعهد أردوغان ب «التواضع» في «خطاب النصر»، خصوصاً أن خصومه ينددنا بتوجهاته التسلطية ويتهمونه بالسعي الى الترشح للرئاسة، في إطار نظام رئاسي. وقال لآلاف من أنصاره في أنقرة: «الشعب أبلغنا رسالة بوضع الدستور الجديد من خلال التوافق والتفاوض. سنسعى الى توافق مع المعارضة والأحزاب خارج البرلمان ووسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية والأكاديميين، وأي شخص لديه ما يقوله». وأكد أن حزبه «هو الضامن لمختلف أنماط الحياة والمعتقدات» في تركيا. في المقابل، قال رئيس «حزب الشعب الجمهوري» كمال كيليشداراوغلو أن «الحكومة ستواجه حزب شعب جمهوري أقوى في البرلمان. نتابع من كثب التطورات المتعلقة بالحريات». في بروكسيل، هنأ رئيس الاتحاد الأوروبي هرمان فان رومبوي ورئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروسو أردوغان بفوزه في الانتخابات، وتحدثا عن «إصلاحات جديدة، بما في ذلك العمل لصوغ دستور جديد في روح من الحوار والتسوية». وأكدا أن «تقدماً في هذه المجالات، سيعطي دفعاً جديداً لمفاوضات الانضمام الى الاتحاد». أما داني ايالون نائب وزير الخارجية الإسرائيلي فاعتبر الانتخابات «فرصة لفتح صفحة جديدة، وهذا لا يعتمد علينا بل على الأتراك، ونأمل في سياسة أكثر اعتدالاً وتوازناً ومسؤولية من جانبهم. الحلول عند أنقرة وليست لدينا». وبعث الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ببرقية تهنئة الى أردوغان، كما هنأ وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي نظيره التركي أحمد داوود أوغلو.