أتاح الاجتماع الوزاري الأوروبي العربي في بروكسيل أمس، تعميق مقاربة مشتركة لإنقاذ عملية السلام، بعد انزلاق خطر تشهده المنطقة إثر قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها في أيار (مايو) المقبل. وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بعد لقاء اللجنة السداسية الوزارية العربية مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، إن الاجتماع «شكَّل فرصة لشرح وجهة النظر العربية، اذ كان الاجتماع مثمراً وبنّاء». وأكد «تطابق الموقف الأوروبي تماماً مع الموقف العربي في كل المواضيع المتصلة بالقدس وعملية السلام ووكالة أونروا وقضايا أخرى ذات صلة». وتحدثت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني عن «تطابق وجهات النظر بين الجانبين حول إحياء مسيرة السلام». وأبلغ وزير الخارجية البلجيكي ديديي ريندرس «الحياة» وجود تفاهم عربي - أوروبي في شأن «الحاجة إلى توسيع اللجنة الرباعية لكي تضمّ دولاً عربية» وأطرافاً دوليين. وكرّر الموقف الأوروبي الذي «يعتقد بأن كل الأطراف ضروري بالنسبة إلى مسار السلام، من دون استثناء أيّ منهم»، مشدداً على ان «الدول العربية شركاء أساسيون في مسيرة السلام». وحذر وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي من أن «الوضع لا يُطاق»، معتبراً أن «الطريق الوحيد لتغييره هو التوصل إلى حلّ السلام الدائم، والذي يقوم على حلّ الدولتين وأن تكون القدسالشرقية عاصمة دولة فلسطين المستقلة». وتزامن عقد اللقاء العربي - الأوروبي مع إعلان الادارة الأميركية قرارها نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، في ايار المقبل، وإثر إعلان بطريركية الروم الأرثوذوكس إغلاق كنيسة القيامة، احتجاجاً على اجراءات ضريبية ستتخذها سلطات الاحتلال ضد ممتلكات الكنيسة. وقال الصفدي في حضور موغيريني إن «كنيسة القيامة تقفل للمرة الأولى منذ أكثر من ألف سنة»، مشدداً على وجوب أن تبقى المدينة ومقدساتها مفتوحة أمام ممثلي الديانات السماوية الثلاث. وحذر من أن دعاة التطرف والعنف يستفيدون من غياب السلام والتنمية الاقتصادية والاجتماعية. وأكدت موغيريني وجوب «التزام جميع الأطراف احترام الوضع الخاص للمدينة، اذ تُعدّ إحدى قضايا الوضع النهائي». وتحدثت موغيريني عن «تطابق وجهات النظر الأوروبية والعربية حول أهمية إحياء مسيرة السلام في الشرق الأوسط»، مشيرة الى ان الاتحاد الأوروبي يرى أن السلام الدائم والشامل يتحقق من خلال «حلّ قيام الدولتين وأن تكون القدس عاصمة لدولتين (اسرائيل وفلسطين)». وكررت ان «كل المستوطنات ليست قانونية و(تشكل) عقبة أمام السلام». وشرح وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي في الاجتماع المشترك «مبادرة السلام الفلسطينية» التي قدّمها الرئيس محمود عباس أمام مجلس الأمن، مجدداً استعداد الجانب الفلسطيني للجلوس إلى طاولة مفاوضات السلام «ضمن آلية ومرجعية جديدتين ومتعددة الطرف». وقال ل «الحياة» ان الفلسطينيين «لن يقبلوا العودة إلى الوضع الذي كانت الإدارة الأميركية تحتكر فيه عملية السلام». ورأى وجوب اعتبار الاجتماع العربي - الأوروبي بمثابة «رسالة قوية إلى الإدارة الأميركية في شأن وجوب أن تأخذ في الاعتبار عناصر بوضوح، بدءاً بأن القدسالشرقية عاصمة فلسطين ومرجعية حدود العام 1967 ووقف الاستيطان». وأفاد بيان للخارجية المصري، بأن الوزير سامح شكري أكد خلال الاجتماع أهمية استمرار التنسيق بين الدول العربية والأوروبية لحشد الجهود الدولية لإحياء عملية السلام. كما عرض جهود بلاده لتثبيت وتنفيذ اتفاق المصالحة، وأعرب عن تطلع مصر لاستضافة القمة العربية- الأوروبية المقبلة للتنسيق والتشاور حول القضايا والملفات التي تهم الجانبين، وفِي مقدمها ملف عملية السلام. وتواصلت أمس ردود الفعل الفلسطينية والعربية الغاضبة من الإجراءات الإسرائيلية بحق كنائس القدس، ودانت الجامعة العربية أمس إعلان بلدية سلطات الاحتلال في القدس بدء تشغيل آلية تحصيل ضريبة الأملاك «الأرنونا» على مباني الأممالمتحدة والكنائس، وما تملكه هذه الكنائس من أراضٍ وقفية. وأكد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات، أن القرار الإسرائيلي «خرق فاضح للقانون الدولي والشرعية الدولية». وحض خلال لقاءين منفصلين أمس، مع القنصلين الفرنسي في القدس بيير كوشار، والإيطالي فابيو سكولودز، المجتمع الدولي على وقف الإجراءات الإسرائيلية بمحاولات فرض الأمر الواقع.