يبدو أن الطريق إلى إطفاء «السجائر» في السعودية بات وشيكاً. ففي الوقت الذي تشير الإحصاءات إلى احتلال المملكة المركز الرابع في قائمة الدول الأكثر استيراداً لمنتجات التبغ على مستوى العالم، تشهد عيادات الإقلاع عن التدخين إقبالاً متزايداً من المدخنين الباحثين عن وسائل وبرامج علاجية متكاملة، ما اعتبره المختصون مؤشراً إيجابياً لمستقبل صحي أفضل. ووفقاً لما أكدته اختصاصية الإقلاع عن التدخين وصاحبة أول عيادة خاصة في المملكة الدكتورة هيفاء عشي فإن أعداد المدخنين الذين راجعوا عيادتها للتخلص من آثار إدمان النيكوتين خلال العام المنصرم حتى الأشهر القليلة الماضية من العام الحالي يتضاعف بصورة لافتة عن أي وقت مضى. وأرجعت عشي أسباب هذا الإقبال إلى ارتفاع مستوى الوعي بصفة عامة لا سيما بين المدخنين تجاوباً مع جهود القطاعين الحكومي والخاص، إضافة إلى توافر وسائل وبرامج علاجية أثبتت نجاحاً كبيراً في مساعدة حالات مستعصية في اعتمادها على النيكوتين، ما أعطى بارقة أمل للمدخنين وساهم في تعزيز الثقة لديهم بإمكانية التخلص من هذا الإدمان المصحوب بأعراض انسحابية شديدة. وفي هذا السياق، كشفت ل «الحياة» مراجعة 1084 مريضاً ومريضة لعيادتها خلال العام الماضي سعياً للإقلاع عن التدخين، 8.65 في المئة منهم رجال تراوح أعمارهم ما بين 31 و40 سنةً، تليها الشريحة العمرية بين 41 و50 سنةً، فيما راجع العيادة 92 في المئة ممن هم في مرحلة المراهقة بينهم أربع فتيات فقط. وقالت عشي إن الخوف على صحة الأبناء وأفراد العائلة والأصدقاء والمخالطين جاءت في مقدم العوامل التي تدفع للتفكير في الإقلاع، مستشهدة بدراسة أجريت على عينة من 122 مدخناً في سبع دول في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا عن أكثر العوامل شيوعاً التي تساعد المدخنين في اتخاذ القرار بالإقلاع عنه. وتبلغ التكلفة المباشرة لعلاج آثار التدخين في المملكة أكثر من خمسة بلايين ريال سنوياً وفق تقارير صادرة من وزارة الصحة السعودية. وتشير التقارير إلى أن نحو 45 في المئة من الرجال مدخنون، فيما تبلغ معدلات انتشار الظاهرة بين السيدات إلى 25 في المئة في المرحلة العمرية بين 25 و35 سنةً. وتبلغ معدلات التدخين بين طلاب المرحلة المتوسطة والثانوية حوالى 24 في المئة، مع العلم أن منظمة الصحة العالمية تضع التدخين ضمن دائرة الإدمان نظراً إلى تحوله أولويةً في حياة المدخن مع الظهور السريع للأعراض الانسحابية عند محاولة الإقلاع عنه كالتوتر والعصبية وسرعة الانفعال والصداع وعدم انتظام النوم والإحباط والإحساس العام بعدم الرضا والنزوع للانعزال والاكتئاب وأخيراً الحنين إلى التدخين. ووفق عشي فإن الآثار السالبة للتدخين لا تتوقف على المدخنين، بل تتجاوزهم لتصل إلى المخالطين لهم في بيئة العمل وحتى أولادهم وأفراد عائلاتهم في البيت، إذ أظهرت الدراسات أن أكثر من 700 مليون طفل حول العالم يتعرضون لأضرار التدخين السلبي الناتج عن وجود مدخنين في المنزل أو مكان العمل، فيما أظهرت دراسة حديثة أجرتها الجمعية الأميركية للسرطان أن ما يقارب 20 إلى 56 في المئة من شباب دول مجلس التعاون الخليجي يعيشون في منازل يوجد فيها مدخنون. وفي الوقت الذي يعتبر التدخين مسؤولاً عن 90 في المئة من حالات الإصابة بسرطان الرئة على وجه العموم – وفق الدراسات - فضلاً عن أنواع أخرى منه مثل سرطان التجويف الأنفي، وسرطان الشفة، الفم، الحلق والقصبة الهوائية وسرطان الكبد والبنكرياس والقولون، وسرطان الرحم، فإن غير المدخنين الذي يتعرضون للتدخين السلبي يتزايد احتمال إصابتهم بسرطان الرئة بنسبة تتراوح بين 20 إلى 30 في المئة. وأضافت عشي أن البرنامج العلاجي المتكامل للإقلاع عن التدخين يشمل تقديم المشورة والدعم النفسي والمعنوي للمدخن، إضافة إلى العلاج الدوائي الناجع الذي يتوافر حالياً في المملكة، كأول عقار من نوعه لا يعمل بآلية إحلال النيكوتين في الجسم ويمثل نقلة نوعية في وسائل مكافحة التدخين، إذ ساهم في نجاح محاولات الإقلاع عن التدخين بواقع أربعة أضعاف، فيما تلعب رغبة المدخن الصادقة وإصراره دوراً مهماً في أي محاولة للإقلاع عن التدخين التي يتوقف عليها مدى سرعة الاستجابة للعلاج ومن ثم يتم بناءً على ذلك تحديد طريقة البرنامج العلاجي ومدته والأساليب المتبعة لمساعدة المدخن في الإقلاع. واختتمت الدكتورة عشي حديثها ل «الحياة» بتأكيد ضرورة مواصلة توفير الدعم الطبي للراغبين في الإقلاع كأحد العناصر الحاسمة في المساعدة على الحد من انتشار التدخين، لا سيما أن ثلاثة من بين كل أربعة مدخنين لديهم الرغبة في الإقلاع، في حين ينجح 95 في المئة من هذا العدد في تحقيق هدفه باللجوء إلى مساعدة طبية، ما يؤكد أهمية التدخل العلاجي ويعطي الأمل للمدخنين والمعالجين على السواء. - مدخنون من نجوم السياسة والرياضة قدوة شباب لبنان في حب السيجارة! (بيروت - نذير نور الدين) - ضغط الحياة في العراق يجهض جهود الإقلاع (بغداد - خلود العامري) - 134 فلسطينياً فقط هجروا التدخين يوم مكافحته (رام الله - بديعة زيدان) - شركات التبغ تستهدف الأطفال في المغرب (الرباط - نادية بنسلام)