جدة. شمس كل ست ثوان يموت مدخن في العالم، ما يعني صعود الضحايا إلى ستة ملايين سنويا، وقد تبدو هذه الإحصائية الأخيرة لمنظمة الصحة العالمية قاسية، إلا أنها الحقيقة التي تنتج موتا رخيصا وغاليا يكفي للهرب منه بالابتعاد عن تلك السيجارة القاتلة. ونظرا لصعوبة الإقلاع عن التدخين لدى الكثيرين، برزت وسائل دعم علمية تساعد الراغبين للنجاة من العادة السيئة، وذلك من خلال عيادات خاصة بالتدخين، بدأت في المملكة بتأسيس الدكتورة هيفاء عشي اختصاصية الإقلاع عن التدخين لأول عيادة سعودية متخصصة في الإقلاع عن التدخين. وقد أطلقت الجمعية الخيرية لمكافحة التدخين «نقاء» تحذيرا من تصاعد الحملات الترويجية لشركات التبغ بالسوق السعودية، مؤكدة أن شركات التبغ بدأت تغير استراتيجياتها التسويقية بعد أن تيقنت من ارتفاع الوعي بأضرار التدخين بالمجتمع السعودي. وأشار الأمين العام للجمعية سليمان الصبي الى أن ارتفاع وعي المجتمع السعودي بقضية التدخين خلال السنوات الأخيرة بات أمرا مقلقا لشركات التبغ الأمر الذي اضطرها إلى اتباع استراتيجيات تسويقية جديدة من أمثلتها إغراء المدخنين والعملاء بالدخول في سحوبات على جوائز ضخمة في حال شرائهم الدخان من تلك الشركات التي تريد صغار السن والأحداث الذين يبدأ معظمهم التدخين قبل بلوغهم سن ال18، وما يقرب من ربع هؤلاء يبدأ التدخين قبل بلوغ سن العاشرة. باتجاه العيادة عوامل كثيرة بخلاف الفزع من الإحصائيات العلمية والدولية للآثار المدمرة للتدخين دفعت المدخنين إلى التفكير جديا في اتخاذ القرار بالإقلاع عن التدخين «الخوف على صحة الأولاد وأفراد العائلة والأصدقاء والمخالطين جاءت في مقدمة العوامل التي دفعتهم للتفكير في الإقلاع عن التدخين» وتوضح الدكتورة عشي أن عدد المرضى الذين زاروا عيادتها سعيا للإقلاع عن التدخين بلغ 1084 مريضا ومريضة خلال العام الماضي، 89.5 % منهم رجال والغالبية بين 31 و40 عاما، تليها الشريحة العمرية بين 41 و50 عاما. وعن البرنامج العلاجي المتكامل للإقلاع عن التدخين، توضح عشي «يشمل تقديم المشورة والدعم النفسي والمعنوي للمدخن، إضافة إلى العلاج الدوائي الناجع الذي يتوافر حاليا بالمملكة، كأول عقار من نوعه لا يعمل بآلية إحلال النيكوتين في الجسم ويمثل نقلة نوعية في وسائل مكافحة التدخين، حيث أسهم في نجاح محاولات الإقلاع عن التدخين بواقع أربعة أضعاف، فيما تلعب رغبة المدخن الصادقة وإصراره دورا مهما في أي محاولة للإقلاع عن التدخين، ويتوقف عليها مدى سرعة الاستجابة للعلاج ومن ثم يتم بناء على ذلك تحديد طريقة البرنامج العلاجي ومدته والأساليب المتبعة لمساعدة المدخن في الإقلاع». 95 % ينجحون وتؤكد الدكتورة عشي ضرورة مواصلة توفير الدعم الطبي للراغبين في الإقلاع عن التدخين كأحد العناصر الحاسمة في المساعدة على الحد من انتشار التدخين، ولا سيما أن ثلاثة من بين كل أربعة مدخنين لديهم الرغبة في الإقلاع عن التدخين، في حين ينجح 95 % من هذا العدد في تحقيق رغبته في الإقلاع عن التدخين باللجوء إلى مساعدة طبية، وهو ما يؤكد أهمية التدخل العلاجي ويعطي الأمل في الوقت ذاته للمدخنين وغيرهم، بجدوى العمل على اجتثاث هذه الآفة من مجتمعنا. وتشير إلى أن التقارير الصادرة من وزارة الصحة بالمملكة توضح أن نحو 45 % من الرجال بالسعودية مدخنون، فيما تبلغ معدلات انتشار التدخين بين السيدات 25 % في المرحلة العمرية بين 25 و35 عاما، كما تصل معدلات التدخين بين طلاب المرحلة المتوسطة والثانوية إلى نحو 24 %. 5 مليارات سنويا أما التكلفة المباشرة لعلاج آثار التدخين بالمملكة فتبلغ أكثر من خمسة مليارات ريال سنويا، ذلك ما تؤكده الدكتورة عشي، وتضيف «لا تتوقف الآثار السلبية للتدخين على المدخنين فحسب بل تتجاوزهم لتصل إلى المخالطين لهم في بيئة العمل وحتى أولادهم وأفراد عائلاتهم في البيت، حيث أظهرت الدراسات أن أكثر من 700 مليون طفل حول العالم يتعرضون لأضرار التدخين السلبي الناتج عن وجود مدخنين بالمنزل، فيما أظهرت دراسة حديثة أجرتها الجمعية الأمريكية للسرطان أن ما يقارب 20 إلى 56 % من شباب دول مجلس التعاون الخليجي يعيشون في منازل يوجد بها مدخنون يدخنون في وجودهم، كما تشير الدراسات إلى أنه في الوقت الذي يعتبر التدخين مسؤولا عن 90 %من حالات الإصابة بسرطان الرئة على وجه العموم، إضافة إلى أنواع السرطان الأخرى مثل سرطان التجويف الأنفي وسرطان الشفة، والفم والحلق والقصبة الهوائية وسرطان الكبد والبنكرياس والقولون وسرطان الرحم، فإن غير المدخنين الذين يتعرضون للتدخين السلبي يتزايد احتمال إصابتهم بسرطان الرئة بنسبة تتراوح بين 20 و30 %» .