أقول: وبعدين؟ أعرف أن الأخبار لا تستحق اسمها اذا لم تكن سيئة، إلا أنني أنتظر معها بعضَ الأخبار الطيبة فلا أجدها، وأمس بدأت بقراءة «نيويورك تايمز» على الإنترنت، وانتقلت منها الى «واشنطن بوست»، كما أفعل كلَّ صباح، ثم تصفحت جرائد لندن التي أتلقاها في مكتبي، ومعها الجرائد العربية المتوافرة في لندن، ولم أر خبراً واحداً يمكن ان يصفه العربي او المسلم بأنه إيجابي. عندما قُتل اسامة بن لادن في باكستان، رثاه عرب ومسلمون كثيرون، وبكوا على «المجاهد البطل»، وفي اليوم التالي، شن أنصاره هجوماً على جنود باكستانيين وقتلوا حوالى 60 منهم. ومنذ ذلك اليوم وهناك ضحايا في باكستانوافغانستان كلَّ يوم، أيْ مسلمون يقتلهم مسلمون آخرون، واذا عجز أتباع بن لادن عن قتل المسلمين، فهناك طائرات أميركية من دون طيار لتنفيذ المهمة، حتى أن حميد كرزاي الذي نصبه الاميركيون رئيساً، بدأ يعترض. صحف أمس تضمنت أخباراً عن مقتل 27 جندياً باكستانياً في معارك مع متطرفين على الحدود مع افغانستان. ومرة أخرى أقول للقارئ الذي فاته ما سبق، إن الضحايا مسلمون، وإن القتلة مسلمون لن تنهض الأمة وتتقدم الا بعد استئصال فكرهم الإرهابي. في الوقت نفسه تقريباً، كانت «نيويورك تايمز» الليبرالية تنشر افتتاحية تنتقد تكديس باكستان السلاح النووي، أي أنها تنتقد البلد المسلم الوحيد في العالم الذي يملك القنبلة النووية. ولا أذكر ان الجريدة انتقدت ترسانة نووية عند اسرائيل او قنبلة الهند او غيرها. وأكملت «واشنطن تايمز» الليكودية بمقال يدعو الى ربط المساعدات لباكستان بالإصلاح، وهو ليس ديموقراطية وحقوقاً وحريات، بل انصياع للسياسة الاميركية الاستعمارية. كنت أبحث عن خبر «فرايحي» بعد النكد السابق، عندما قرأت في «كريستيان ساينس مونيتور» المعتدلة، مقالاً عنوانه «اليمن والسودان وليبيا: هل تستطيع الولاياتالمتحدة إخماد الحرائق في المناطق الملتهبة من الشرق الاوسط». الحرائق سببها السياسة الاميركية مع أسباب أخرى من صنع العرب والمسلمين وحدهم، وأرفض اطلاقاً ان تقرر الولاياتالمتحدة ما ينفعنا او يضرنا، او ان تتحكم بمصير اي دولة عربية او اسلامية، إلا أن الحق علينا إن وضعناها في هذا الموقع وليس على أميركا. أبقى مع أخبار أمس فقط، و «نيويورك تايمز» تقول في خبر، إن السلطات العراقية تحاول قمع التظاهرات، وقد سقط 15 قتيلاً في الرمادي، وتكمل «واشنطن بوست» بخبر يتحدث عن خوف السنّة من تصاعد نفوذ مقتدى الصدر الذي عاد الى العراق أخيراً بعد سنة في ايران. عن مصر، أمامي بضعة عشر خبراً، آخرها من حصاد أمس عن خوف الأقباط من تصاعد نفوذ الاسلاميين بعد ثورة الشباب، وهناك تحليلات ترسم صورة قاتمة وتتحدث عن بدء هجرة جديدة الى الغرب. وقرأت (أمس أيضاً وأيضاً) خبراً يقول ان الفوضى في اليمن تدفع اقتصاده نحو الخراب، وما أعرف هو ان اقتصاد اليمن على حافة الخراب من دون ثورة وثورة مضادة، وهناك فقر كبير، وأزمة ماء حادة، قد تعني قريباً عدم توافر ماء كاف للشرب، ناهيك عن الزراعة. وبما ان هناك خبراً يومياً عن سورية هذه الأيام، فالخبر أمس في «نيويورك تايمز» كان عنوانه «سورية تواصل الهجوم على المحتجين وهي تدعو الى الحوار». والخبر يضم تفاصيل عن قتلى وجرحى وتعذيب، ورقم ألف ضحية منذ بدء الاضطرابات. اذا كان الخبر عن سورية صحيحاً، فالنظام مسؤول، واذا كان غير صحيح، فالنظام مسؤول أيضاً، لانه يمنع الصحافيين الاجانب من دخول البلاد، فتصبح المصادر الوحيدة لهؤلاء المعارضة وجماعات حقوق الانسان، وكلها ضد النظام. نحن شعوب منكوبة وأمة مضروبة على رأسها، ونحن المسؤولون عن النكبة والضربة قبل أميركا واسرائيل وكلِّ عدو آخر، حقيقي او مُتوهَّم. هل يعقل انني لا اقرأ خبراً ايجابياً واحداً عن 300 مليون عربي و 3.1 بليون مسلم؟ وبما انني أكتب صباح الجمعة، فإنني أرجح ان الاخبار ستكون أسوأ في نهايته. وعلى الأقل فقد طمأنني رام إيمانويل، الذي عمل رئيساً لموظفي ادارة اوباما في البيت الابيض، وهو الآن رئيس بلدية شيكاغو، وأمس نشرَتْ له «واشنطن بوست» مقالاً عنوانه «اوباما ملتزم بإسرائيل». ايمانويل عمل جندياً في اسرائيل، ولا أقول عن مقاله سوى أننا نعرف ذلك. [email protected]