تؤشر الإجراءات المشددة والتدابير الاحترازية التي باشرت وحدات من الجيش اللبناني، بدءاً من اليوم، تنفيذها في الجنوب، في المنطقة الممتدة من مدخل صيدا حتى الحدود الدولية، الى ان ما حصل في بلدة مارون الراس (قضاء بينت جبيل) عندما تجمع الألوف فيها ضمن «مسيرة العودة» لمناسبة ذكرى النكبة في فلسطين لن يتكرر هذه المرة لمناسبة ذكرى النكسة بعد غد الأحد، وبالتالي لن يكون لدى إسرائيل «ذريعة» لارتكاب مجزرة جديدة كتلك التي ارتكبتها الأحد في 15 أيار (مايو) الماضي. وتفيد معلومات خاصة ب «الحياة» بأن قيادة الجيش اللبناني التي استقدمت وحدات من الاحتياط نشرتها في الجنوب، وخصوصاً في منطقة جنوب الليطاني تعزيزاً لوجودها فيها، انتهت في الساعات الماضية من وضع اللمسات الأخيرة على الخطة الأمنية الاستثنائية التي تغطي كل الجنوب بالتنسيق مع القوات الدولية التي سيقتصر دورها على مراقبة الوضع على الأرض تاركة للجيش اللبناني التدخل لقطع الطريق على أي محاولة للإخلال بالأمن. وهكذا سيلقى ضبط الأمن في الجنوب على عاتق الجيش اللبناني الذي يتخذ «رزمة» من التدابير غير مسبوقة في هذه المنطقة ويباشر بتنفيذها مساء اليوم، من خلال تثبيت حواجز تفتيش جديدة وإقامة نقاط مراقبة وتسيير دوريات مؤللة على أن تتكثف مع الساعات الأولى من فجر الأحد، وستعمد الى التدقيق في هويات العابرين الى الجنوب ومنع التجمعات وإنزالهم على الأرض لإخضاعهم الى تفتيش دقيق. وأكد مصدر قيادي في قوى 8 آذار ل «الحياة» ان كل هذه التدابير اتخذت بالتنسيق مع قيادتي «حزب الله» وحركة «أمل» اللتين أبدتا كل تعاون وتفهم للتدابير التي تنفذها وحدات الجيش المنتشرة في الجنوب. وكشف المصدر نفسه أن لدى الحزب والحركة قراراً باستيعاب أي تحرك يمكن أن يشهده الجنوب الأحد في حال تقرر إقامة تجمع شعبي لمناسبة ذكرى النكسة وأن الهيئة الراعية له أبدت تجاوباً لقطع الطريق على إسرائيل ومنعها من ارتكاب مجزرة جديدة. ورأى المصدر أن الغطاء السياسي لهذه التدابير من الحزب والحركة من شأنه ان يوفر كل الدعم لوحدات الجيش المنتشرة في الجنوب، مشيراً الى أهمية الاجتماع التحضيري الذي عقد بين ممثلين عنهما وقيادة الجيش والذي انتهى الى تبديد القلق لدى قيادة القوات الدولية من تكرار الأحد الدامي في مارون الراس وتتمثل بالمجزرة التي ارتكبتها إسرائيل. ولم يؤكد المصدر عينه ما تردد في الساعات الماضية من ان لدى قوى 8 آذار والهيئة الراعية للتحرك رغبة في أن تقتصر المناسبة على إقامة تجمع رمزي في بلدة الخيام، لكنه قال: «نحن على استعداد لتقديم كل عون للجيش لتمكين قيادته من ضبط الوضع والإمساك بزمام الأمور وسد كل الثغرات التي يمكن ان توفر لإسرائيل الذرائع لتكرار مجزرة أيار الماضي». ولفت المصدر أيضاً الى ان التدابير التي اتخذتها قيادة الجيش ستؤدي حتماً الى تقطيع أوصال الجنوب وخصوصاً فجر الأحد لإعاقة تدفق الوفود أو التجمعات الى جنوب الليطاني. وعزا المصدر السبب الى وجوب الحفاظ على رمزية مارون الراس للتذكير بالمجزرة التي ارتكبتها إسرائيل ضد الألوف من اللبنانيين والفلسطينيين ومطالبة المجتمع الدولي باتخاذ موقف مندد ضد تل أبيب. واعتبر أن لم يعد من الجائز إعطاء الذرائع لإسرائيل على رغم أنها واهية لارتكاب مجزرة جديدة من دون القيام بالتصدي لها. وقال إن ضبط الوضع في الجنوب ينم عن تجاوبنا مع رغبة المجتمع الدولي في قطع الطريق على إسرائيل وعدم توفير أي ذريعة يمكن ان تستخدمها لشن عدوان جديد على لبنان، الذي يتمسك بتطبيق القرار الدولي 1701. وشدد على أنه ممنوع على التجمعات الاقتراب من المنطقة الحدودية مع ان هناك استحالة في الوصول اليها. ورأى ان لبنان لن يكون سبباً في خرق القرار 1701 أو في إعاقة الدور المعهود من المجتمع الدولي الى «يونيفيل» للعمل من أجل تطبيقه. ولفت المصدر الى ان لبنان لن يكون البادئ في تغيير قواعد الاشتباك في الجنوب أو في خرق وقف العمليات العسكرية في ظل عدم الوصول الى اتفاق في شأن وقف العمليات. اضافة الى حرصه الشديد على بقاء «يونيفيل» والتمسك بدورها بعدما تردد أخيراً انها تدرس خفض عديدها في جنوب الليطاني. وشدد على ضرورة طمأنة «يونيفيل» الى دورها ووجودها في جنوب الليطاني و«هذا يتطلب منا التعاون ومنع الفلتان». وقال ان الجنوب سيشهد الأحد يوماً عادياً مدعوماً بيوم أمني هو الأطول باعتبار أنه يتيح لوحدات الجيش السيطرة على الوضع الأمني والتشدد في مراقبة المعابر بدءاً من بوابة صيدا باتجاه أقضية صور والنبطية والزهراني وبنت جبيل ومرجعيون - حاصبيا والبقاع الغربي لضمان الاستقرار في جنوب الليطاني التي هي منطقة العمليات المشتركة للجيش اللبناني و«يونيفيل» ولتمرير رسائل الى المجتمع الدولي ومن خلاله الدول المشاركة في القوات الدولية من ان لبنان ليس في وارد الإخلال بالقرار 1701 أو تفريغ الجنوب من الحضور الدولي الداعم للدولة لبسط سلطتها وسيادتها على هذه المنطقة.