خلص ملتقى تسبيب الأحكام الشرعية إلى أهمية التأصيل الشرعي والأخذ بتجارب دولية تسهم في تطوير لغة الأحكام القضائية، إضافة إلى أهمية عقد ورش عمل مختصة في المسائل المهمة في تسبيب الأحكام الجنائية، وتنظيم ملتقيات مماثلة في أحكام ومسائل تسبيب الأحكام بأنواعها كافة. وقال مستشار وزير العدل والمتحدث الرسمي في الوزارة الدكتور عبدالله السعدان إن ملتقى تسبيب الأحكام الشرعية الذي اختتم أعماله أمس (الاثنين) تطرق إلى محاور عدة، بينها الإشارة إلى أهمية تسبيب الأحكام وماهيته وعناصره وشروطه ودور التسبيب في إقناع الخصوم والرأي العام وعيوب تسبيب الأحكام ومفهوم الفساد فيها، فضلاً عن مكونات التسبيب من حيث الرد على الدفوع وإيراد أركان الجريمة وظروفها، تناولت تسع جلسات علمية فيه تسبيب الأحكام وعناصره وآليته وأركانه والصعوبات التي تواجهه. وفي الملتقى، أشار الخبراء المختصون إلى أن التسبيب هو ركن من أركان العملية القضائية بحيث لا يمكن الحكم بلا تسبيب، مؤكدين في ذلك على أن وجود البراهين والأدلة الجازمة والواقعية والمنطقية هي أقرب لصحة الحكم وبالتالي اعتماده والأخذ بأسبابه. وناقش الملتقى في يومه الأخير (الثالث) الدفوع التي يجب الرد عليها في أسباب الأحكام الجنائية وأهمية إيراد أركان الجريمة وظروفها في تسبيب الحكم الجنائي، وتسبيب الحكم في حال الدفع بشيوع الاتهام. وذهب الخبراء إلى أن التسبيب لابد أن يرد على الدفوع ويجيب عن كل ما يظهره الدافع إجابة معللة منطقية تبين كيف اتخذ هذا الحكم ولم يتخذ غيره. من جهته، أكد نائب رئيس مجلس الدولة المصري محمد أبو العينين أن المشكلة التي تواجه العالم العربي هي مشكلة الإرهاب المنسوبة ظلماً -حسب وصفه- إلى المسلمين بصورة أو بأخرى، وبالتالي فإن وجود قضاء مختص في مكافحة جرائمه شيء جيد يجعل هناك قاضياً مختصاً بشأنها. وقال: «إن التسبيب هو الدلالة الحقيقية على مدى رقي القضاء في أي دولة، لأنه مرآة إذا ما انتهت إليه المداولة القضائية وما انتهى إليه من تثبيت الاتهام أو نفيه، والتسبيب هو جوهر العملية القضائية التي لا يمكن أن يصدر حكم من دون أن تكون له أسباب منطقية قائماً عليها»، مضيفاً أن مسألة التسبيب ضرورية جداً لإقناع الرأي العام وإقناع المتهم نفسه وإقناع المخاطبين بالحكم وبمدى صدقيته، وتابع: «بغير التسبيب حتى وإن كان الحكم عادلاً سيكون صادراً عن هوى فلا ندري إلى أين يذهب». ولفت أبو العينين إلى أن اختيار موضوع التسبيب ينبه إلى عقلية قانونية تدرك دائماً ما هي نواحي القصور في القضاء، مشيراً إلى أن جميع أوجه القصور في الأحكام القضائية تأتي من التسبيب فليس أمامنا إلا أسباب الحكم لنطعن عليه، وبالتالي فإن هذا الملتقى هو جوهر العملية القضائية. وزاد: «إن نشر قضايا الإرهاب في السعودية يؤكد على أنها بريئة من هذه الجرائم، ويوضح مدى وجود تنظيمات كبيرة كانت أو صغيرة، ضعيفة أو نشطة، وبالتالي عندما تكون هناك أحكام مسببة يدرك الرأي العام إن كانت هذه الجماعات منظمة، ويدرك جيداً أن القضاء يلاحقه وبالتالي قد يردع نفسه أن يسلك هذا الطريق». وأكد أن نشر أحكام الإرهاب يقنع الرأي العام الداخلي والخارجي بعدالة القضاء، ويساعد في القضاء على الإرهاب، إذ يبين نشرها مدى الأضرار التي سببتها هذه الجرائم على السكان وعلى البيئة المحلية والسمعة الداخلية للبلاد، بالتالي قد يكون نشرها سبباً في إبداء نصيحة من صديق لإنسان مرتكب لهذه الجريمة، ويقتنع الجاني بأنه سيواجه محاكمة عادلة، ما ينعكس على درئها.