اقترب عدد بلاغات «التغيّب عن العمل» للعمالة المنزلية، التي تلقتها مديرية الجوازات بالمنطقة الشرقية خلال النصف الأول من العام الحالي من 5200 بلاغ. فيما أكدت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان أن حجم الشكاوى التي تصل من العمالة الأجنبية «ليست كبيرة»، ملمحة إلى أن هروب العمالة سببه في غالبية الحالات «أفراد من أبناء جلدتهم». وتفاوتت نسبة تغيّب العاملات عن المنازل خلال الأشهر الستة الأولى من العام، إذ ترتفع النسبة في الشهر الأول (محرم) لتصل إلى 1543 عاملة. بينما تنخفض في الشهر السادس (جمادى الآخرة) إلى 657 عاملة متغيبة». وعلى رغم أن إحصاء «جوازات الشرقية» لم يغطِ رجب وشعبان لعدم اكتمالهما، إلا أن مصادر أكدت ل «الحياة» أن هذين الشهرين يشهدان ذروة حالات هروب العمالة المنزلية، لأنهما يسبقان رمضان المبارك، الذي يرتفع فيه الطلب على العمالة المنزلية لتلبية «النشاط المطبخي» المتزايد في هذا الشهر. وكشفت المصادر عن «تكثيف الحضور الأمني لمحاصرة شبكات تهريب العاملات المنزليات، وإيوائهن وتشغيلهن قبيل حلول رمضان المبارك بعد أقل من شهر». وأوضحت جوازات الشرقية أن «بلاغات التغيّب عن العمل للعمالة المنزلية خلال الأشهر الستة الأولى من عام 1435ه، بلغت 5179 حالة». وذكر المتحدث باسم الجوازات العميد معلا مرزوق العتيبي، في تصريح إلى «الحياة»، أن هذه الحالات «تشمل أفرع جوازات المنطقة كافة»، مضيفاً: «تغيّبت في محرم 1543 عاملة، وفي صفر 729، وفي ربيع الأول 926، وفي ربيع الآخر 801، وفي جمادى الأولى 523، وفي جمادى الآخرة 657 عاملة». فيما قدر إحصاء صادر في وقت سابق، عن مركز رعاية شؤون الخادمات التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية، عدد العاملات الهاربات يومياً، بما يراوح بين 80 و 120 عاملة، على مستوى المملكة. إذ احتلت الرياض المركز الأول يليها مكتب منطقة مكةالمكرمة، فالمدينة المنورة، ثم المنطقة الشرقية. بدوره، أكد الأمين العام للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان المستشار القانوني الدكتور خالد الفاخري، أن الشكاوى التي ترد للجمعية من العاملة المنزلية ضد الأسر أو العكس «ليست كبيرة». وأوضح في تصريح إلى «الحياة» أن «تقديم شكاوى من هذا النوع يسبقه التوجّه إلى جهات أخرى»، مضيفاً: «إن الجرائم البشعة التي صدرت عن بعض العاملات في الفترة الأخيرة غير مبررة الأسباب»، لافتاً إلى أن «الاعتداء على الأنفس والتسبب في الحروق والقيام بالتسميم وبخاصة ما يحدث للأطفال، لا يبرره عذر التظلم من أفراد الأسرة أو لنيل حقوقهن أو نظير معاملة سيئة يتلقينها». وعلق الفاخري على هروب بعض العاملات والنتائج المودية إلى ذلك وقال: «لا يوجد ما يجبر العاملة على الحضور إلى السعودية، ويكلف ذلك التجاوز خسارة للمواطن الذي دفع أموالاً باهظة مقابل استقدامهن. فيما يُعد هذا الفعل تجاوزاً من العمالة لحقوق المواطنين»، مردفاً أنه في «غالبية الحالات من يقوم بتهريبهن أبناء جلدتهن، وذلك ما يضعهن تحت المساءلة لعدم التزامهن بشروط التعاقد مع الطرف الآخر». وصنف الأمين العام لجمعية حقوق الإنسان، الجرائم «البشعة» التي تصدر عن بعض العمالة أو الأسر ضمن «الحالات الفردية»، واصفاً تعميم حدثٍ ما، على جنسية كاملة ب«الإجحاف». وقال: «لا نستطيع قياس نسبة انتشار الحالة كظاهرة، إذ يصعب قياس الأمر من هذه الزاوية لكونه حالات فردية تقع من طرف عاملة ما أو أسرة، وذلك لا يعني أن يعمم الحدث على المواطنين جميعهم أو المنتمين إلى جنسية العاملة فهذا ظلم». وعتب الفاخري على الجهات الإعلامية لتضخيمها بعض الأحداث، وأوضح أن «بعضها تبحث عن الإثارة وتبتعد عن مضمون القضية، من خلال تسليط الضوء على النواحي السلبية فقط، فالبحث عن سبق صحافي لا يعني تضخيم قضية فردية ضمن الملايين من المواطنين، ويُعد هذا ظلماً بالغاً في ظل تمتع الكثير من العمالة بمعاملة أكثر من راقية من أرباب عملهم»، لافتاً إلى أن «تعامل الأسر مع العاملات يتباين بحسب ثقافة وتكوين كل عائلة». وزاد أمين «حقوق الإنسان»، أنه «باستثناء ذلك وضعت أنظمة لحماية حقوق العمالة من خلال لائحة «عمالة المنازل» التي رتبت حقوقهن وواجباتهن، إضافة إلى المسؤولية التي تقع على عاتق سفارات الدول التي تصدّر الجاليات العاملة في السعودية»، مؤكداً على الجهات المعنية بالاستقدام في الدول المصدِّرة لهذه العمالة «تثقيفهن بأنظمة البلاد والمباح والممنوع فيها وعاداتها، وتزويدهن بأرقام السفارات وجمعية حقوق الإنسان، ودعوتهن للتواصل معهما في حال واجهتهن عوائق». واعتبر لائحة عمالة المنازل «مكملة لمنظومة الخاضعين للعقود الخاصة وعقود العمل، لضمان حقوق الطرفين، فيما من حق أي طرف متظلم اللجوء للجهات العمالية المعنية بالفصل في النزاع بين العامل ورب العمل، من خلال لائحة وضعت لضمان حقوق الجميع». سلاح «العاملة»: سكين «غادرة»... أو زيت مغلي تمتلئ ذاكرة السعوديين بعشرات القصص لحالات اعتداء عاملات منزليات على أسر كفلائهن أو أفراد منها. كان آخرها حادثتين مأسويتين وقعتا الأسبوعين الماضيين، كان ضحية إحداها طفل في الحادية عشر من العمر، قُتل نحراً بالسكين على أيدي عاملتين منزليتين (إندونيسية وسيريلانكية). وتعود تفاصيل مقتله (بحسب رواية أحد أقاربه)، إلى أن والدته اتجهت في الصباح لإيقاظه ليذهب إلى المدرسة لحضور الاختبار التحصيلي إلا أنها لم تجده في غرفته، فبدأت البحث عنه بمساعدة جميع أفراد الأسرة والعاملتين، حتى عثروا على جثته في كيس نفايات داخل ملحق المنزل. وتبيّن أنه تلقى طعنات في العنق وست طعنات في القلب. كما تبيّن أن ملابسه كانت مبدّلة، تمهيداً لإلقائه خارج المنزل حتى لا يتم التعرّف على الجثة. وتم العثور على ملابس الطفل ملطخة بالدماء مع سكينتين فوق سطح المنزل. والحادثة الثانية وقعت في الدوادمي، حين أقدمت عاملة منزلية إثيوبية الجنسية على سكب زيت ساخن على أسرة مكونة من أب وأم وأطفالهما الثلاثة. وأكد مستشفى الدوادمي الذي استقبل الحالات أن الحروق التي أصيبوا بها من «الدرجة الأولى». وقامت شرطة الدوادمي بتوقيف الجانية.