تواصل روسيا عملية «التحرّي» عن مصدر الصواريخ المضادة للطائرات المحمولة على الكتف التي استخدمتها فصائل معارضة لإسقاط مقاتلة «سوخوي 25» فوق ريف إدلب السبت الماضي، محذرة من أن امتلاك «إرهابيين» هذه الأسلحة يمثل «خطراً هائلاً على الجميع». بموازاة ذلك، عطّل استمرار الخلاف الروسي - الأميركي في مجلس الأمن أمس التقدم في التحقيق في شأن الكيماوي السوري، وسط تقارير عن استخدام القوات النظامية غازات سامة في حملة قصف عنيفة على إدلب وغوطة دمشقالشرقية. وأعلن الكرملين أمس أن القوات الروسية ردّت «بشكل صارم على عملية إسقاط الإرهابيين» المقاتلة وقتل قائدها، مؤكداً أن قواتها الجوّية نفذت «ضربات دقيقة على معاقل الإرهابيين». وعبّر الناطق باسم الرئاسة ديميتري بيسكوف عن قلق موسكو الشديد من «امتلاك إرهابيين» في سورية منظومات دفاع جوية محمولة على الكتف، محذراً من أن ذلك «يمثل خطراً هائلاً على الجميع»، فيما أمرت وزارة الدفاع المقاتلات من طراز «سوخوي-25» بالتحليق في الأجواء السورية على ارتفاع لا يقلّ عن 5 آلاف متر، بهدف إبقائها خارج مرمى الصواريخ المضادة للطائرات المحمولة على الكتف. في غضون ذلك، استمر الخلاف العميق بين روسيا والدول الغربية في مجلس الأمن حيال مستقبل التحقيق في استخدام الأسلحة الكيماوية في سورية، في ظل تقارير عن استخدام غاز الكلورين، خصوصاً في الغوطة الشرقية. وأكّدت السفيرة الأميركية في الأممالمتحدة نيكي هايلي، خلال جلسة علنية في مجلس الأمن أمس، رفض اقتراح روسي بإنشاء لجنة تحقيق جديدة، معتبرة أنه «يتجاهل قواعد التحقيق الموثوق بشكل كامل». وقالت هايلي إن الاقتراح الروسي الذي قُدّم في مشروع قرار الأسبوع الماضي «مصَمم بهدف إنهاء صدقية التحقيق» لأن موسكو «تريد من خلاله أن تنتقي المحققين، وتنتهك قواعد أي تحقيق فعلي من خلال تحديد مضمون التقارير الذي تنتج عنه، قبل طرحها على مجلس الأمن». وأكدت أن «الأدلة واضحة» على أن «النظام» في سورية مسؤول عن شن هجمات بغاز الكلورين، داعية روسيا الى «اتخاذ القرار الصحيح» بإصدار إدانة عن مجلس الأمن ضد هذه الهجمات. ورد السفير الروسي فاسيلي نيبينزيا باتهامات مضادة إلى الولاياتالمتحدةوبريطانيا، وقال إنهما «تستخدمان الذرائع للتهجّم على موسكو بسبب قلقهما من نجاح مؤتمر الحوار السوري في سوتشي، وإمكان حصول تقدم جدي في العملية السياسية في سورية». وأضاف أن الدول المشككة بالمساعي الروسية «لا تحتاج فعلاً لآلية تحقيق مستقلة لأنها أطلقت الاتهامات مسبقاً ضد الحكومة السورية قبل أي تحقيق، وتستند الى ادعاءات ما يسمى منظمات مدنية، بينها الخوذ البيض المؤلفة من مقاتلين». ودعمت بريطانيا وفرنسا وهولندا وبولندا الموقف الأميركي الرافض الاقتراح الروسي، وقال نائب السفير البريطاني جوناثان آلن إن بلاده ترحب «بأي محاولة جدية لإعادة إطلاق التحقيق» في استخدام الأسلحة الكيماوية في سورية، و»لكن للأسف، لم نر أن الاقتراح الروسي يلبي هذه الحاجة»، بل «يطلب من مجلس الأمن القيام بمهمة المحققين، ويركز على إجراء تحقيق في مسؤولية الإرهابيين، فيما يحيّد النظام السوري» عن أي شبهة في استخدام الكيماوي. بدوره، أكد السفير الفرنسي فرنسوا ديلاتر إن «النظام السوري يستخدم الأسلحة الكيماوية بشكل ممنهج ضد شعبه، ما يرفع مستوى الخطر من انتقالها الى أيدي الإرهابيين، ويشكل خطراً علينا جميعاً». وقال إن بلاده «لن تقبل بآلية تحقيق جديدة تعمل بمعايير أقل مهنية من لجنة التحقيق السابقة»، التي كانت روسيا أنهت عملها باستخدام حق النقض «الفيتو» أواخر العام الماضي. وشدد على دعمه إنشاء آلية تحقيق جديدة «تستند الى أرفع معايير المهنية والاستقلالية». كما أكد السفير الهولندي كارل فان أوستروم رفض بلاده الاقتراح الروسي «لأنه لم يلب المتطلبات» لإجراء تحقيق مهني، فيما أعرب السفير الكويتي منصور العتيبي عن دعم بلاده «أي جهود للتوصل الى توافق بين أعضاء مجلس الأمن على إنشاء آلية تحقيق» جديدة، مشدداً على ضرورة أن تكون «مهنية ومستقلة وحيادية». واتهم نائب السفير السوري منذر منذر الولاياتالمتحدةوبريطانيا وفرنسا «بإطلاق الأكاذيب كلما أدركت أن الجماعات الإرهابية التي تدعمها في مأزق وتتراجع أمام الجيش السوري». وقال إن «المجموعات الإرهابية هي المسؤولة عن استخدام الأسلحة الكيماوية»، وأن دمشق «ترفض أي استخدام لهذه الأسلحة». وحمّل الولاياتالمتحدة وحلفاءها «مسؤولية إنهاء عمل لجنة التحقيق السابقة عندما ضغطت عليها لمنع قيامها بزيارة» خان شيخون ومطار الشعيرات. وشنّت قوات النظام السوري غارات على غوطة دمشقالشرقية أمس، أدّت إلى مقتل 28 مدنياً، بالتزامن مع غارات على محافظة إدلب أدّت إلى مقتل 16 مدنياً، إضافة الى إصابة 6 مدنيين باختناق في سراقب، وسط شكوك بتعرّض المدينة لقصف بالغازات السامة.