جددت الولاياتالمتحدة طرح ملف الأسلحة الكيماوية في سورية بقوّة في مجلس الأمن ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية في لاهاي، متهمة روسيا «بتعمّد التضليل والتمويه لحماية نظام الأسد»، في سياق تحرك غربي منسّق لإعادة فتح ملف المحاسبة على استخدام هذه الأسلحة، والذي كانت موسكو استخدمت حق النقض الفيتو في شكل متكرر لدفنه في مجلس الأمن. وقدمت السفيرة الأميركية في الأممالمتحدة نيكي هايلي لائحة نقاط في رسالة رسمية إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ردت فيها مباشرة على الاتهامات الروسية للجنة التحقيق الدولية بالافتقار إلى المهنية وتشكيك موسكو بصحة تحقيقاتها. وفي الرسالة التي اطّلعت «الحياة» على نسخة منها، وصفت هايلي «الادعاءات الروسية» التي كانت قدمت إلى غوتيريش في رسائل سابقة العام الماضي، وصدرت في سياق تصريحات روسية متكررة، بأنها «مضللة وغير مهنية وخاطئة بالكامل وتفتقر للانسجام، وتبدو محاولة متعمدة للتمويه وحماية استمرار نظام الأسد في استخدام الأسلحة الكيماوية". ويأتي التحرك الأميركي في نيويورك بالتوازي مع تحرك في مقر منظمة حظر الأسلحة الكيماوية في لاهاي تشارك فيه فرنسا وبريطانيا ودول غربية أخرى لدعم تجديد عمل «لجنة التحقيق المشتركة بين الأممالمتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية» التي كانت روسيا منعت تبني قرار في شأنه في مجلس الأمن في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، ما أدى إلى توقف التحقيق حتى إشعار آخر. وقال ديبلوماسي غربي في نيويورك إن «مسألة المحاسبة على استخدام الأسلحة الكيماوية أمر لا يمكن التخلي عنه إطلاقاً على رغم الفيتو الروسي الذي عطل تجديد عمل لجنة التحقيق، وهو شأن يطال نظام منع انتشار أسلحة الدمار الشامل برمته ويتجاوز الشأن السوري، وبالتالي هو مبدأ دولي يحظر استخدام هذه الأسلحة في شكل كامل». وقالت هايلي في رسالتها إلى غوتيريش إن «ادعاء» روسيا وفق بيان عن مسؤول في وزارة خارجيتها في نيسان (أبريل) الماضي بأن «غاز السارين الذي استخدم في سورية جاء من العراق أو من المخزون القديم لنظام القذافي في ليبيا، يعتبَر غير ممكن لأن روسيا لم تقدم أدلة لدعمه بالحقائق». وأضافت أن «ليبيا أوقفت إنتاج السارين بعد محاولة أولى أجرتها في الثمانينات من القرن الماضي، كما أن ذخائر العراق من غاز السارين مدفونة في مستودع مطمور وكانت خضعت لاختبار أخير قبل 15 عاماً وتحتوي على نسبة لا تتعدى 15 في المئة من السارين». وقالت هايلي إن سورية «استخدمت مركز الهيكزامين في تركيبة غاز السارين لديها وفق تأكيد منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، وهو ما لم يفعله العراق وليبيا». وفي شأن «الادعاء الروسي» بأن الدول الغربية لم تطلب من لجنة التحقيق الدولية زيارة قاعدة الشعيرات الدولية وبلدة خان شيخون، اعتبرته هايلي «مضللاً، لأن نظام الأسد منع الزيارة بعد الهجوم على خان شيخون مباشرة في نيسان (أبريل) 2017، كما أن نظام الأسد نفسه قدم عينات إلى المنظمة قال إنه جمعها من خان شيخون وتبين أنها مماثلة لنوعية المخزون السوري» الذي كانت فككته المنظمة في وقت سابق. وفي شأن مطار الشعيرات، قالت هايلي إن لجنة التحقيق «زارت المطار بالفعل بعدما سمح لها نظام الأسد بذلك على رغم أن اللجنة وجدت أنه لم يكن مرتبطاً مباشرة بمسألة تأكيد استخدام غاز السارين في هجوم خان شيخون». ورفضت كذلك «الادعاء الروسي بأن لجنة التحقيق لم تتبع منهجية متسلسلة حول جمع العينات من موقع الهجوم واعتمدت بدلاً من ذلك على شهود مرتبطين بالمعارضة السورية»، وأوضحت أن اللجنة «لم تعتمد على أقوال الشهود فقط للتوصل إلى استنتاجاتها وأن منهجيتها في جمع الأدلة كانت متسقة مع الترتيبات والإجراءات المتبعة من جانب المنظمة التي استخدمت في تحقيقات سابقة». كما شددت على أهمية الأدلة التي جمعتها لجنة التحقيق من مصادر مستقلة كالصور ومقاطع الفيديو وشهادات الشهود والصور الجوية وتحليل الخبراء. كذلك اعتبرت هايلي أن «ادعاء روسيا بأن المزاعم باستخدام السارين لم تكن مبنية على أسس فعلية، خاطئ، إذ أن النظام السوري نفسه قدم جزءاً من عينات السارين قال إنه حصل عليها من خان شيخون». وأشارت إلى أن ما تقوله روسيا عن أن بعثة تقصي الحقائق ولجنة التحقيق المشتركة «لا تتألفان من خبراء اختيروا من دول متنوعة خاطئ لأن المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية اختارهم من مجموعة من المحققين المتخصصين الأكفاء ومن دول متنوعة من المجموعات الإقليمية كافة». كما وصفت التصريحات الروسية المتكررة بأن مسرح الهجوم الكيماوي «تم إعداده بعدما ألقى إرهابيون قنبلة السارين على خان شيخون، وأن المصابين وصلوا إلى المستشفيات قبل وقوع الهجوم» ب «المضللة وغير الصحيحة». ولفتت إلى أن لجنة التحقيق أبلغت مجلس الأمن أنها «لم تتلقّ أي معلومة تدعم هذه الادعاءات، وأن اللجنة استشارت خبراء من 3 مؤسسات مستقلة معترف بها دولياً أجمعوا على أن الحفرة سببتها على الأرجح قذيفة ألقيت من الجو». وعن وجود مصابين في مستشفيات قريبة من خان شيخون قبل وقوع الهجوم، قالت هايلي إن لجنة التحقيق «أشارت إلى أن هجوماً آخر كان وقع على الأرجح بغاز السارين قبل 4 أيام من هجوم خان شيخون جنوب بلدة اللطامنة، ما يفسر وجود تقارير عن مصابين آخرين قبل هجوم خان شيخون». وأضافت إن «ادعاء روسيا بأن استخدام دمشق غاز السارين غير منطقي لأن المعارضة وحدها من كان سيستفيد منه، خاطئ لأن النظام السوري استخدم الأسلحة الكيماوية مراراً لتحقيق أهداف عسكرية كان يصعب تحقيقها بالأسلحة التقليدية». وأشارت إلى أن الهجوم ضد خان شيخون «حصل رداً على هجوم للمعارضة في شمال حماه شكل تهديداً لبنية نظام الأسد ومطاراً عسكرياً رئيساً». وينتظر أن تقدم «المنظمة» تقريرها المقبل حول سورية إلى مجلس الأمن في 29 الشهر الجاري، على أن يبحثه المجلس في جلسة لاحقة أوائل شباط (فبراير) المقبل.