باتت بريطانيا تحافظ على وتيرة نشاط جيدة من دون تسجيل أي تراجع، بحسب ما أظهرت مسارات الاختبار التي حملتها الموازنات المعتمدة لعام 2017 وهذه السنة، فضلاً عن الاتجاه إلى إجراء تعديلات مباشرة وغير مباشرة على الضرائب والرسوم المفروضة على القطاعات المختلفة. يُضاف إلى ذلك، إدخال مزيد من التعديلات على أسعار الوقود، لما له من أهمية في دعم استقرار الاقتصاد البريطاني والحفاظ على جاذبيته، تمهيداً لبدء بعملية الخروج من الاتحاد الأوروبي. وأفادت شركة «المزايا القابضة» في تقريرها الأسبوعي، بأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي»ستكون له تداعيات مباشرة على وتيرة الإنتاج والنشاط الاقتصادي والأسعار المتداولة، على رغم المسارات التي سجلها سعر صرف الجنيه الإسترليني خلال العام الماضي». ولاحظت أن التقويم الإجمالي لقرار الانسحاب «لم تتضح أهدافه حتى الآن، سواء كان على المستوى الاقتصادي والسيطرة على المراكز المالية العالمية الموجودة بالفعل أم الاستفراد بالاستثمارات الضخمة، أو إضافة إمكان التخلص من الأعباء المالية للاستمرار في الاتحاد الأوروبي». وفي الإطار، رصد التقرير «تسجيل الاقتصاد البريطاني تطورات وتغيرات كثيرة خلال الأعوام الماضية، والتي ستؤثر إيجاباً وسلباً عند الانتهاء من إجراءات الانسحاب النهائي». إذ حملت موازنة 2017 في طياتها «تبعات الخروج ومتطلبات الحفز والحفاظ على الجاذبية الاستثمارية للاقتصاد البريطاني، فضلاً عن استعدادها حالياً لمرحلة ما بعد الخروج». وأشار إلى أن السلطات البريطانية «ألغت رسوم الطوابع على مشتري العقارات للمرة الأولى والتي تقل قيمتها عن 300 ألف جنيه إسترليني، ويُتوقع أن يستفيد من هذا القرار أكثر من 95 في المئة من المشترين». فيما يُعتقد أن هذه الخطوة «ستنشّط سوق الإسكان وسترفع معدلات التضخم وأسعار الفائدة، ما سينعكس سلباً على أداء السوق العقارية». ولم تغفل «المزايا» مؤشرات الاقتصاد البريطاني التي «حققت مزيداً من الأداء الإيجابي على مستوى خفض معدلات البطالة لتصل إلى 4.3 في المئة في نهاية الربع الأخير من عام 2017 ، والتي تُعتبر الأدنى منذ العام 1975». ولوحظ أيضاً «وصول معدلات التوظيف إلى مستوى قياسي ليحصل 32 مليون شخص على وظائف». في المقابل، «ارتفع متوسط الأجور بنسبة 2.5 في المئة خلال الأيام الماضية، والتي تدعم أيضاً كل التوجهات وتقلّص تكهنات سلبية كثيرة محيطة بالأداء الاقتصادي العام». وتُضاف إلى ذلك، «التأثيرات الإيجابية التي حملها الارتفاع القوي للإسترليني ليبلغ 1.35 دولار مقارنة ب 1.22 بداية العام الماضي، ليزيد بنسبة 11 في المئة». ولفت التقرير إلى أن المؤشرات المتوافرة «تعطي معلومات عن صعوبة الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي، لأن الطريق ستكون مليئة بالعقبات والتحديات والتأثيرات السلبية وتحديداً على قطاع الأعمال، في وقت تتسم الاتفاقات التجارية بالغموض وعدم الاتفاق أيضاً، ما يعني أن قطاع الأعمال يخشى تأثيرات عميقة على حرية حركة السلع واليد العاملة بين الاتحاد وبريطانيا»، إذ يُتوقع أن «يؤثر كثيراً على قطاعي الأعمال والحكومة، نظراً إلى الحاجة إلى اليد العاملة الماهرة وغير الماهرة من الاتحاد الأوروبي». وعلى صعيد العقار البريطاني، أظهر القطاع «مسارات ومؤشرات إيجابية كثيرة، من خلال تسجيل تقلبات على قوة العرض والطلب، ضمن رؤية غير واضحة لمراحل الخروج والتأثير النهائي، ومدى قدرة الحكومة البريطانية على الخروج بأقل الخسائر من الاتحاد». إذ أقفلت السوق العقارية على «نمو في أسعار المنازل في شكل متباطئ، بينما تتجه التوقعات إلى احتمال تسجيل تباطؤ آخر في ارتفاع أسعار المنازل بنسبة واحد في المئة فقط هذه السنة، وذلك بعدما ازدادت أسعار المنازل البريطانية 2.6 في المئة حتى كانون الأول (ديسمبر) الماضي، مقارنة بنمو وصل إلى 4.5 في المئة عام 2016». وأفادت «المزايا» بأن استثمارات الصين وهونغ كونغ «تستحوذ على 49 في المئة من الاستثمارات الخارجية في السوق العقارية في لندن». ولفتت إلى أن إحدى التقارير الصادرة عن بنك إنكلترا المركزي، أظهرت أن قروض الرهن العقاري الصافية بلغت 3.53 بليون جنيه، فضلاً عن تسجيل معدل إقراض للأفراد بمبلغ 5.3 بليون إسترليني في الربع الثاني من العام الماضي، ما يعكس قدرة السوق العقارية على الحفاظ على جاذبيتها، واحتفاظها بمرونة عالية في ظل التطورات المحيطة». وفي القطاع الصناعي البريطاني، أوضحت «المزايا» أن هذا القطاع «نما بوتيرة سريعة في الربع الأخير من العام الماضي، وتطوّر إنتاجه بنسبة 19 في المئة، مقارنة بزيادة نسبتها 6 في المئة في الفترة ذاتها من عام 2016». في وقت سجلت طلبات القطاع «أعلى معدل لها منذ ما يقارب 20 عاماً». وتتوافق هذه البيانات مع أرقام المكتب الوطني للإحصاءات، التي بيّنت أن الناتج المحلي «نما بنسبة 0.04 في المئة في الربع الثالث من العام الماضي». وسُجل هذا النمو «بدعم من الزيادة في الصادرات وتحديداً في قطاع صناعة السيارات، إذ تستمر شركاته في ضخ استثمارات جديدة وبانتظام». وخلُصت «المزايا» إلى أن الاقتصاد البريطاني «يواجه تحديات تتصل بثقة المستهلكين، وحالة من عدم وضوح نتائج عملية الخروج من الاتحاد الأوروبي، من دون استثناء الضغوط الناتجة عن ارتفاع التضخم وأسعار الفائدة». ولم تستبعد أن «يتواصل انكماش الإنفاق الاستهلاكي، وما له من تأثيرات على الشركات ومتاجر التجزئة». في وقت أطلقت الحكومة البريطانية، «استراتيجية اقتصادية واسعة تركز على دعم القطاع الصناعي وتشجيع الابتكار والحلول التكنولوجية، لمعالجة ضعف الإنتاجية التي تشمل البنى التحتية والذكاء الاصطناعي وصناعة السيارات».