لا تزال الأسواق العقارية النشطة حول العالم تتمتع بقدرة على جذب المستثمرين على رغم الأوضاع الاقتصادية التي تضغط على المشهد العام، إذ استطاعت بريطانيا الحفاظ على الاستثمارات العقارية متحدية التوقعات السلبية التي رافقت إعلان خروجها من الاتحاد الأوروبي. وتركيا أيضاً لم تكن بعيدة عن هذه الصورة، إذ دخلت الاستثمارات الأجنبية إلى السوق التركية على رغم حالة عدم الاستقرار السياسي وما رافقها من تراجع العملة، في وقت حافظت دبي على مكانتها الجاذبة للاستثمار العقاري. وأشار تقرير عقاري أسبوعي لشركة «المزايا القابضة»، إلى أن «الحركة الاستثمارية تنصب بين أسواق دبيوتركياوبريطانيا في ظل ما تتمتع به هذه الأسواق من مستويات طلب محلية وخارجية مرتفعة، وتتمتع اسواقها العقارية بطرح المزيد من المشاريع العقارية الجديدة التي تلبي تطلعات الكثير من راغبي الاستثمار والتملك النهائي، إلى جانب ما تتمتع به هذه الأسواق من قدرة كبيرة على جذب الاستثمارات الخليجية سواء الفردية أو المؤسساتية». وأكد التقرير أن «التحدي الأكبر الذي واجهه الاقتصاد البريطاني في بشكل عام والقطاع العقاري بخاصة، هو حالة الهبوط الحاد الذي سجله الجنيه الإسترليني، ما حمل تأثيرات سلبية في مستويات المعيشة وأسعار السلع والخدمات، في حين سجلت الوحدات العقارية حالاً من التماسك ولم تسجل أي ارتفاعات نتيجة الانخفاض المسجل على الإسترليني». ولفت إلى أن «العاصمة لندن لم تسجل أي انخفاضات بعد إعلان الخروج كما كان متوقعاً، مع الإشارة إلى أن أسعار المنازل في بريطانيا تضاعفت منذ الأزمة المالية العالمية 2009». وتشير البيانات المتداولة في السوق العقارية اللندنية، إلى أن أسعار المنازل ستشهد نمواً يقدر ب3.7 في المئة حتى نهاية السنة، مقارنة بنسبة ارتفاع وصلت إلى 4.4 في المئة خلال العام الماضي، كما أن السوق العقارية البريطانية تتمتع بمقومات تماسك وثبات ونمو لا يتمتع بها الكثير من أسواق العالم. وشدد التقرير على أن «تنوع مصادر الاستثمار العقاري وفرصه في أكثر من سوق، لن ينعكس سلباً على المستثمرين الخليجيين في الأسواق الخارجية. ويأتي ذلك في وقت تتزايد المؤشرات الجاذبة في السوق العقارية البريطانية للمستثمرين من الإمارات وقطر والسعودية والكويت، إذ سيدفع تراجع الإسترليني أمام الدولار إلى تعزيز القوة الشرائية للمستثمرين الخليجيين، وسيضيف التراجع النسبي لأسعار المنازل جاذبية إضافية لضخ مزيد من الاستثمارات العقارية هناك. ويرجح تقرير «المزايا» أن «يشهد الاستثمار الخليجي تغيرات جذرية في السوق العقارية البريطانية، في ظل تفضيل المستثمر الخليجي الاستثمار في القطاع الفندقي أكثر من اقتناء المنازل بهدف الاستخدام الشخصي، للاستفادة من نسب النمو التي يسجلها القطاع السياحي على مدار السنة، إذ تشير البيانات المتداولة إلى أن نحو 2.7 بليون جنيه إسترليني (نحو 3.5 بليون دولار) من الاستثمارات الخليجية تدفقت للاستثمار في القطاع الفندقي لدى المملكة المتحدة خلال العام الماضي، فيما يتوقع 40 في المئة من البريطانيين، ارتفاع أسعار العقارات في السوق البريطانية بعد الخروج الكامل، وبات من الواضح أن قرار الخروج ينعكس إيجاباً على السوق العقارية السكنية والتجارية في شكل عام». من جهة ثانية، لم تقف حالة عدم الاستقرار السياسي وما تبعها من تراجع للعملة التركية حائلاً دون دخول الاستثمارات الأجنبية إلى الاقتصاد التركي خلال السنة الجارية، فيما أظهرت البيانات المتداولة وجود ارتفاعات جيدة للاستثمارات التركية في الخارج. وأظهرت البيانات الصادرة عن «البنك المركزي التركي» ارتفاع الاستثمارات الأجنبية بنسبة 65 في المئة خلال النصف الأول من السنة، بقيمة إجمالية وصلت إلى 3.6 بليون دولار، فيما سجلت الاستثمارات التركية في الخارج ارتفاعاً بلغ 9 في المئة، وعند قيمة إجمالية بلغت 2.4 بليون دولار. ونجحت تركيا في جذب استثمارات أجنبية مباشرة وصلت إلى 3.6 بليون دولار حتى نيسان (أبريل) من السنة الجارية، بنسبة نمو بلغت 2 في المئة مقارنة بمستواها العام الماضي، تركزت على قطاعات الجملة والتجزئة والعقار والبناء. وعلى صعيد السوق العقارية، شهدت أسعار العقارات السكنية ارتفاعات قياسية خلال السنوات الخمس الماضية وصلت في المتوسط إلى 90 في المئة، وتصدرت إسطنبول مؤشر الارتفاعات. واستمرت الاستثمارات الخليجية على المستوى الفردي والمؤسسي بالتدفق خلال العام الماضي، إذ نفذ المستثمرون العرب الجزء الأكبر من عمليات الاستحواذ العقاري للأجانب في تركيا، وتشير البيانات إلى أن مجموع العقارات التي بيعت خلال الأشهر الثلاثة الأولى من السنة وصلت إلى 4270 عقاراً. وفي دبي، استمرت السوق العقارية في حال من النشاط والجاذبية، إذ أظهرت البيانات المتداولة أن الطلب على الأراضي تصدر المشهد العقاري في دبي مبيعاً ورهناً، لتستحوذ على القيمة الأكبر من إجمالي المعاملات التي تخطت 125 بليون درهم (نحو 34 بليون دولار) خلال النصف الأول من السنة. ويعود ذلك إلى الحراك النشط الذي تشهده سوق طرح المشاريع العقارية والتي تقدر ب 40 بليون دولار، ويعكس حجم الطلب المحلي والأجنبي الحالي والمتوقع على عقارات الإمارة. ولفت تقرير «المزايا» إلى أن السوق العقارية في دبي قادرة على تلبية تطلعات المستثمرين من مختلف الجنسيات وأن الحصة الأكبر من المشاريع التي تم طرحها تتركز على قطاعات الضيافة والتسوق والترفيه إلى جانب المشاريع السكنية الفاخرة، وباتت دبي قادرة على الاستفادة من كلّ التطورات التي تسجلها الأسواق العقارية على المستويين الإقليمي والعالمي.