بلغراد - أ ف ب، رويترز – بعد مطاردة استمرت 16 سنة، اعتقلت الشرطة الصربية أمس راتكو ملاديتش، قائد قوات صرب البوسنة خلال الحرب البوسنية (1992 - 1995) والمتهم بأنه العقل المدبر لمجزرة سريبرينيتسا في تموز (يوليو) 1995، حين قتل نحو 8 آلاف رجل وشاب من المسلمين البوسنيين، ما جعلها المجزرة الأكبر في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وعلى رغم نفي بلغراد لسنوات وجود ملاديتش (69 عاما) الملقب ب «جزار البلقان» في أراضيها، كشفت مصادر أمنية صربية أنه أوقف اثر عملية دهم نفذتها ثلاث وحدات خاصة لمنزل يملكه أحد أقارب ملاديتش في قرية لازاريف التي تبعد 80 كيلومتراً من بلغراد وتقع قرب الحدود مع رومانيا، مشيرة الى أن المنزل خضع لرقابة منذ أسبوعين. وقال الرئيس الصربي بوريس تاديتش: «نغلق اليوم عبر اعتقال ملاديتش فصلاً مؤسفاً في تاريخنا يقربنا خطوة من المصالحة الشاملة في المنطقة، ويعزز الصدقية الاخلاقية لصربيا في العالم، ما يمهد لفتح باب ترشحنا وإطلاق مفاوضات انضمامنا الى الاتحاد الأوروبي»، الذي مارس ضغوطاً كبيرة على بلغراد لتنفيذ الاعتقال، في سبيل إزالة العائق الرئيسي الذي يحرم صربيا من عضويته. وصرح مايكل مان، الناطق باسم وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون، بأن «اعتقال ملاديتش تطور ايجابي بالنسبة الى الاتحاد الأوروبي ولحكم القانون في صربيا نفسها»، بينما وصف مفوض شؤون التوسعة في الاتحاد ستيفان فول الاعتقال بأنه «خطوة تاريخية لصربيا تثبت أنها فهمت أهمية المصالحة الاقليمية». وأكد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أن اعتقال ملاديتش «أمر طيب جداً ومهم، وخطوة أخرى في اتجاه انضمام صربيا قريباً الى الاتحاد الأوروبي». وأشار وزير الدفاع البريطاني ليام فوكس الى أن هذا النبأ «يعطي الشعب الصربي فرصة لإغلاق أو على الاقل بدء إغلاق فصل بائس في تاريخه»، فيما أمل وزير الخارجية وليام هيغ بترحيل ملاديتش بسرعة الى لاهاي من أجل المثول أمام محكمة الجزاء الدولية الخاصة بجرائم الحرب في يوغوسلافيا السابقة، والتي تتهمه أيضاً بحصار ساراييفو لمدة 44 شهراً. وفي باقي المواقف الدولية، أبدت واشنطن سرورها لاعتقال ملاديتش الذي وصفه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بأنه «يوم تاريخي للعدالة الدولية تحقق بفضل الجهود المشكورة لحكومة صربيا ورئيسها». ورجحت الشرطة الصربية إنجاز إجراءات تسليم ملاديتش خلال أسبوع، فيما أكد المدعي الخاص بمحكمة لاهاي، سيرج براميرتز، أن صربيا وفت بأحد التزاماتها الدولية عبر اعتقال ملاديتش. وفيما يعتبر صرب كثيرون ملاديتش «بطلاً خدم القضية القومية بإخلاص وبلا خوف»، قالت هاجرة كاتيتش رئيسة رابطة نساء سريبرينيتسا والتي قتل ابنها وزوجها في المجزرة: «بعد 16 عاماً من الانتظار يبعث خبر اعتقاله الراحة في نفوسنا». وأشاد العضو الكرواتي للرئاسة الدورية الثلاثية في البوسنة زيليكو كومسيتش باعتقال ملاديتش، لكنه اتهم سلطات بلغراد بأنها عرفت سابقاً اين يختبئ. أما رئيسة الوزراء الكرواتية جادرانكا كوسور فلمحت الى أن بلادها تنتظر ايضاً اعتقال غوران حاجييتش، القائد السابق لصرب كرواتيا الذي تلاحقه أيضاً محكمة الجزاء الدولية ليوغوسلافيا السابقة.