تعهد المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون مصر، «تحقيق الإرادة الشعبية من دون انحياز لطائفة أو فصيل»، فيما وعد رئيس الحكومة الانتقالية الدكتور عصام شرف بإجراء إصلاحات سياسية وإدارية ومالية، في ما بدا محاولة لإجهاض الدعوة إلى تظاهرات «جمعة إحياء الثورة» اليوم، إذ اعتقلت قوات الشرطة والجيش عدداً من الناشطين في مناطق متفرقة من القاهرة خلال توزيعهم منشورات تدعو إلى التظاهر. وأصدر المجلس العسكري بياناً مساء أمس أكد فيه أن «التظاهر السلمي حق مكفول لأبناء الشعب الذي أبهرت ثورته العالم أجمع»، مؤكداً أن «القوات المسلحة من الشعب، وحمايتها للثورة منذ بدايتها كانت إيماناً منها بمبادئها». وأكد أن «قوات الجيش لم ولن تستخدم العنف أو تطلق رصاصة واحدة تجاه أبناء هذا الوطن الغالي». لكنه حذر من «احتمالات قيام عناصر مشبوهة بمحاولة تنفيذ أعمال تهدف إلى الوقيعة بين أبناء الشعب والقوات المسلحة»، داعياً إلى «مراعاة الحيطة والحذر». وأشار إلى أن «القوات المسلحة اتخذت قراراً بعدم الوجود في أماكن التظاهرات درءاً لهذه المخاطر واعتماداً على شباب الثورة الذي سيتولى التنظيم والتأمين إحساساً منه بمسؤوليته نحو مصالح الدولة العليا، وسيقتصر دور القوات المسلحة على تأمين المنشآت المهمة والحيوية للتصدي لأي محولات للعبث بأمن مصر». وأكد عضو المجلس العسكري مساعد وزير الدفاع للشؤون القانونية اللواء ممدوح شاهين أن «الجيش ملك لشعب مصر». وتعهد «أن تحقق القوات المسلحة إرادة الشعب من دون الانحياز إلى طائفة من الطوائف»، مشيراً إلى «رفض قيادات الجيش مزايدة بعض القوى السياسية في المواقف والمؤتمرات من خلال الإشادة بدور القوات المسلحة». وكان شاهين ترأس جلسات «مؤتمر الوفاق القومي»، بوصفه مقرراً مساعداً للمؤتمر الذي استأنف جلساته أمس. وركزت المناقشات على «أهمية وضع دستور جديد أولاً» قبل انتخاب مجلس الشعب الذي أقر الناخبون في استفتاء منحه حق اختيار جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد. ورأى البعض أن إجراء الانتخابات في موعدها المقرر في أيلول (سبتمبر) المقبل «يضر بالمصلحة الوطنية». ووجَّه نائب رئيس الوزراء الدكتور يحيى الجمل رسالة إلى الشباب الذين قاطعوا مؤتمره احتجاجاً على دعوة قيادات في الحزب الوطني المنحل الحاكم سابقاً، قال فيها: «يا شباب مصر، ثقوا في أنفسكم، لكن حاذروا من الغرور لأنه قاتل قاتل... وحذار من القول أنا فعلت كذا لأن الثورة نتاج حالة عامة ساهم فيها الجميع منذ 15 عاماً على الأقل من خلال اعتصامات ومقالات... صحيح أنتم ثمرة هذا الجهد، لكن حاذروا من الغرور». واتهم بعض المشاركين في المؤتمر ب «محاولة إفشال جلسات الحوار»، محذراً من «مؤامرة تهدف إلى إفشال المؤتمر» الذي عقد جلسة العمل الثانية صباح أمس في حضور عدد من الوزراء ورجال القانون والشخصيات العامة ومقاطعة «ائتلاف شباب الثورة» وجماعة «الإخوان المسلمين». وقال الجمل إن «هناك من يشاركون في المؤتمر بهدف إثارة الخلافات بين الحاضرين على موضوعات وآراء لا علاقة لها بمحور المؤتمر الذي يناقش آليات وقواعد وضع دستور جديد لمصر»، مؤكداً أنه «كلما قطع الحوار شوطاً من تبادل الآراء والنقاش، حاول البعض العودة به إلى الوراء». في موازاة ذلك، أعلن رئيس مجلس الوزراء الدكتور عصام شرف أمس تجميد العمل بالضريبة العقارية التي أثارت سخطاً واسعاً لدى المصريين بعد إقرارها في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك. وأشار إلى «حزمة من الإجراءات لتحفيز الاقتصاد»، واعداً ب «إصلاح منظومة الأجور»، لكنه ألمح إلى إمكان تخفيض دعم المحروقات. وتحدث شرف في كلمة تلفزيونية مساء أول من أمس عن مطالب العمال والموظفين قائلاً: «أنا على ثقة أن الغالبية العظمى منهم تتحرك نتيجة لمشاعر إنسانية نبيلة، لكن هناك نوعاً من الاستعجال، لأنهم في الماضي عانوا من التجاهل». ونبه إلى أن «هناك قلة تستغل هذه الأمور للإساءة إلى مسيرة الثورة ومحاولة إضفاء نوع من الفوضى»، مطالباً «من لهم الحق في الحلم بمستقبل أفضل» بأن «يتخلصوا من هذه القلة التي تحاول الإساءة إليهم». وقال إن «من الصعب تحقيق كل المطالب الفئوية، لأن المشكلة ليست مادية ومالية فقط، لكن الكثير منها يعتمد على إصلاحات مؤسسية وإدارية، لذا فلا بد من إتاحة الوقت للتأكد من ضمان تحقيق المطالب بحيث تشمل جميع الفئات وحتى يكون هناك عدل في تحقيق المطالب»، مشدداً على «التزام الحكومة بإجراءات الإصلاح السياسي والإداري والمالي». ورأى أن «هذا الإصلاح كفيل بأن يوفر مناخاً لتحقيق هذه المطالب ومنها إعادة هيكلة الأجور على نحو أكثر عدالة، بما يضمن تحسناً نوعياً في مستوى المعيشة في الفترة المقبلة». وأكد «حرص الحكومة على إحقاق الحق وترسيخ دولة القانون». وتطرق إلى ملف الفتنة الطائفية، قائلاً إن «الحكومة بصدد تشكيل لجنة تحت اسم العدالة الوطنية، وأوضح المقصود بالعدالة في هذا السياق، أنها العدالة التي تسمح بحرية الاختيار ولا تسمح بالتمييز، وتسمح لكل إنسان بممارسة قناعاته، والقدرة على ممارسة الشعائر بحرية»، مشيراً إلى أن «انطباق هذا المفهوم على المصريين المسيحيين والمصريين المسلمين في الفترة السابقة كان يجري من منطلق المواءمة، وقد جاء الوقت للتعامل معه من الجذور». من جهة أخرى، عاقبت محكمة جنايات القاهرة وزير الإسكان السابق أحمد المغربي بالسجن 5 سنوات مع عزله من وظيفته، كما عاقبت رجل الأعمال المعروف منير غبور بالحبس لمدة عام واحد مع وقف التنفيذ، بعدما دانتهما ب «الإضرار بالمال العام وإهداره على نحو كبَّد الدولة خسائر تزيد على 72 مليون جنيه». وألزمتهما برد 72 مليون و224 ألف جنيه لخزينة الدولة، وتغريمهما مبلغاً مماثلاً، إضافة إلى مصاريف التقاضي. ودانت المحكمة المتهمين بالاستيلاء على أراضي الدولة وإهدار المال العام والتربح والإضرار العمدي بالمال العام. وعقب إصدار المحكمة للحكم وعودتها إلى غرفة المداولة، قام أهالي المتهم الثاني منير غبور بالصراخ والصياح داخل قاعة المحكمة، وهو الأمر الذي دعا قوات الجيش التي اضطلعت بتأمين الجلسة إلى إخلاء القاعة من الحضور.