نجح الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال 80 دقيقة تلا خلالها خطابه عن حال الاتحاد أمام الكونغرس، في تسجيل نقاط عبر نبرة جامعة للأميركيين. لكنه لم يحقّق اختراقاً تشريعياً في ملفَي الهجرة والبنية التحتية، إذ واجها اعتراضات في الكونغرس، ما سيصعّب ترجمتهما إلى قوانين في سنة انتخابية ساخنة. الخطاب الذي لقي تأييد معظم الأميركيين، وفق استطلاع رأي أعدّته شبكة «سي بي أس نيوز» (97 في المئة من الجمهوريين و43 في المئة من الديموقراطيين و72 في المئة من المستقلين)، لم تستمر إيجابيته طويلاً، مع إعلان أعضاء متشددين من الحزبين رفضهم اقتراحات الرئيس (راجع ص7). وتولّى عضو الكونغرس جوزف كينيدي الثالث (37 سنة)، الحفيد الأصغر لواحد من أشقاء الرئيس الراحل جون كينيدي، الردّ على خطاب ترامب باسم الديموقراطيين، ورفض تبرير التوتر في البلاد العام الماضي بمناورات سياسية تقليدية، مندداً بإدارة «تهاجم ليس فقط القوانين التي تحمينا، بل أيضاً فكرة أننا كلنا نستحق الحماية». ووجهت صحيفتا «نيويورك تايمز» و «واشنطن بوست» انتقادات عنيفة لترامب، إذ أشارتا إلى فجوة عميقة بين كلامه وأفعاله في العام الماضي. ولفتت «نيويورك تايمز» إلى أنه فيما كانت السيدة الأولى ميلانيا ترامب تحضر الخطاب في الكونغرس، كانت نجمة الأفلام الإباحية الأميركية دانيال ستورمز تؤكد ضمناً علاقة سابقة مع الرئيس، وأن محاميه اشترى صمتها في مقابل 130 ألف دولار. ونبّهت الصحيفة إلى أن هذا التفاوت بين شخصية ترامب وخطابه، يصعّب توحيد الأميركيين من خلال خطاب واحد. وكان ترامب اقترح في خطابه صفقة في شأن مشروع قانون حول الهجرة، وتحدث عن المجتمعات الفقيرة، لا سيّما المهاجرين. كما دعا ساسة الحزبين، الجمهوري والديموقراطي، إلى حماية جميع الأميركيين، «بصرف النظر عن خلفياتهم أو ألوانهم أو معتقداتهم». وعرض خطته لمعالجة أزمة المهاجرين غير الشرعيين، المعروفين ب «الحالمين»، والقائمة على منح 1.8 مليون منهم الجنسية الأميركية، إذا لبّوا متطلبات التعليم والعمل، في مقابل تشييد جدار على الحدود مع المكسيك وإلغاء نظام القرعة لمنح الإقامة الدائمة وإنهاء برنامج الهجرة التسلسلية للعائلات. لكن الديموقراطيين عارضوا هذا المشروع، بسبب الجدار، كما عارضه اليمين المتشدد بسبب منحه الجنسية الأميركية ل «الحالمين». وفي السياسة الخارجية، كان إعلان ترامب الإبقاء على معتقل غوانتانامو مفتوحاً العنوان الأبرز، وتركيزه على مواصلة محاربة تنظيم «داعش»، إلى حين إلحاق «هزيمة نهائية» به، والتحالف مع إسرائيل في الشرق الأوسط. وكان لافتاً غياب الحرب في ليبيا واليمن وعملية السلام عن الخطاب. وأعلن الرئيس تفويض وزير الدفاع جيمس ماتيس «مراجعة سياستنا للاعتقال العسكري»، مضيفاً: «أطلقنا مئات الإرهابيين الخطرين، لنلتقي بهم مرة أخرى في ساحات القتال، بينهم زعيم داعش (أبو بكر) البغدادي». وطالب الكونغرس بإقرار قانون يضمن أن تذهب «مساعدات كريمة ببلايين الدولارات» تقدّمها واشنطن سنوياً، ل «أصدقائها»، مذكّراً بتصويت عشرات من الدول «ضد الحق السيادي للولايات المتحدة بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل». ووصف كوريا الشمالية ب «نظام ديكتاتوري»، لافتاً إلى أن «مساعيها الطائشة إلى امتلاك صواريخ نووية يمكن أن تهدّد أراضينا قريباً». وأكد تميّزه عن سلفه باراك أوباما، إذ لم يلتزم الصمت «عندما انتفض الشعب الإيراني ضد جرائم نظامه الديكتاتوري الفاسد»، ومؤكداً أن واشنطن «تساند الشعب الإيراني في كفاحه الشجاع من أجل الحرية». كما كرّر مطالبته الكونغرس ب «معالجة عيوب جوهرية في الاتفاق النووي» المبرم بين طهران والدول الست.